حمّل مسئول سعودى بعض الجهات الحكومية في المملكة مسئولية ما آلت إليه أوضاع العمالة السائبة والمخالفة والتى تجاوزت أعدادها أكثر من مليوني عامل على مدى عشرات السنين، مطالبا بتقنين أوضاعها من خلال خطة وطنية شاملة لتصحيح أوضاعها وتحسين بيئات العمل ورفع مستوى الأجور. وقال رئيس لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى السعودى اللواء محمد أبو ساق لصحيفة "الرياض" السعودية اليوم السبت: "إن كثيرا من العمالة الأجنبية ليس لهم ذنب إن تم استقدامهم نظاميا من قبل مواطنين أو مؤسسات سعودية ومنحوا إقامات سارية المفعول، وتم التخلي عنهم ليشغلوا أنفسهم بهذه الطريقة غير المقبولة كعمالة سائبة، وفي الوقت نفسه أثبت الواقع الميداني والمهني أن هناك حاجة وطنية ملحة للمؤسسات والأفراد في كثير من المهن والأعمال لتشغيل الملايين من العمالة المخالفة والعمالة السائبة". وأشار إلى أنه "لولا وجود أعمال جاذبة وفرص عمل كثيرة وخصوصا في قطاعات الأعمال والمهن الصغيرة لما استمرت العمالة تتضاعف سنة بعد أخرى". وأوضح أبو ساق أنه تشكل واقعا اجتماعيا واقتصاديا نتيجة لخطأ وعجز جهات حكومية محددة، وهذا يؤكد بأن هناك خللاً كبيراً في إدارة شئون العمل والعمال في بلادنا وأن الواقع التطبيقي لنظام العمل منفصل عن الوضع الاجتماعي والمهني، متسائلا: فما الذي يدعو مؤسسة وطنية أو مواطنين أفرادا لتشغيل عمالة مخالفة غير وجود حاجة عمل مؤكدة لتشغيل العمال إلا صعوبة الحصول على عمالة نظامية؟. وحذر رئيس لجنة الشئون الأمنية بمجلس الشورى السعودى اللواء محمد أبو ساق في الوقت نفسه من التبعات والتحديات التي تنتج عن هذه الحالة ومن أهمها وأكثرها خطرا ارتفاع أعداد البطالة بين السعوديين وتدني الأجور نتيجة للمنافسة غير العادلة بسبب تعاظم العمالة المخالفة ووفرتها ورخصها، وأن تراكم البطالة بين السعوديين عبر عقود من الزمن ليس إلا نتيجة لمضاعفة أعداد العمالة الأجنبية وسوء بيئة وشروط العمل في القطاع الخاص بصفة عامة. ونبه إلى وجود بطالة واضحة بين العمالة الأجنبية نظرا لكثرتهم ومنافستهم حتى لبعضهم بقبولهم أجور متدنية واشتغالهم في بيئة وشروط عمل متدنية أيضا وذلك ما ينعكس على توافر فرص العمل الشريف وبيئة العمل المناسبة للمواطنين. وأعرب أبو ساق عن اعتقاده أن هناك قناعات عامة بأهمية تصحيح أوضاع العمالة وتحسين بيئات العمل ورفع مستوى الأجور ولكن هذا لا يتم إلا بموجب خطة وطنية شاملة. واقترح أن يتم إيجاد شركات توظيف للعمال يتم نقل كفالتهم إليها وتعمل على رعاية شئونهم وتحسين أحوالهم وضبط مجالات عملهم ثم إنه من المتوقع أن تراعى حقوق المواطنين أصحاب المؤسسات الصغيرة والأعمال الفردية المستفيدين فعليا من خدمات هذه العمالة بتوفير عمالة نظامية عبر خطة واقعية لا تضر أحدا. وشدد أبو ساق على أن كثيرا من المواطنين السعوديين عليهم التزامات على بعض العمالة وللكثير من العمال حقوق مادية لدى أصحاب الأعمال ومن الحكمة مراعاة ذلك أثناء تنفيذ حملات تصحيح الأوضاع. يذكر أن العمالة المصرية تشكل حوالى 20% من هذه العمالة وقد تمكنت من دخول المملكة من خلال مايسمى ب"التأشيرات الحرة" التى وصل سعرها إلى نحو 50 ألف جنيه مصرى، وهى لاتضمن عملا محددا لحاملها ولكن تسمح له فقط بدخول الأراضى السعودية على كفالة مواطن سعودى، ثم يتركه بعد ذلك يبحث عن عمل في مقابل نسبة مما يحصل عليه من دخل. وقد حذرت القنصلية المصرية في الرياض و جدة مرارا وتكرارا من مخاطر "التأشيرات الحرة" لكن دون جدوى.