تحوَّلت احتفالات عيد الاستقلال بالسودان التى تصادف مطلع العام الميلادى إلى مناسبة حزينة لرثاء البلد الذى سيتم تقسيمه فى غضون أيام وفصل جنوبه، وشهد الاحتفال الذى أقامه الحزب الاتحادى الديمقراطى مساء أمس السبت فى منزل الزعيم إسماعيل الأزهرى أول رئيس للسودان بأم درمان. حضورا كبيرا من ممثلى وقيادات وأعضاء الأحزاب المعارضة الذين أعربوا عن حزنهم لضياع وحدة البلد ،و أجمعوا على أن الأوضاع فى السودان كلها مهددة، وأن الجنوب لن يكون آخر جزء يتم فصله ،وطالبوا الرئيس السودانى عمر البشير وحزبه المؤتمر الوطنى بالرضوخ لإرادة الشعب السودانى، وقالت جلاء الأزهرى، رئيس الاتحادى الديمقراطى الموحدك إن نتيجة استفتاء الجنوب أصبحت معروفة، وتساءلت هل ستذهب دارفور أيضا كما ذهب الجنوب لاستمرار وجود ذات المسببات، وهل يظل بعد ذلك السودان يتآكل من أطرافه ،وأكدت أن مستقبل السودان محفوف بالمخاطر المفزعة، والسودان سيصبح بضعة سودانات، ودعت إلى تكوين جبهة وطنية قوية تضم جميع القوى الديمقراطية للحفاظ على وحدة البلد وتماسكه. ومن جانبه قال على السنهورى، أمين عام حزب البعث العربى الإشتراكى: إن السودان سينقسم إلى دولتين ضعيفتين، وأنه يحصد اليوم نتيجة اتفاقية نيفاشا للسلام التى لم تكن نتاج إرادة وطنية، وأضاف،أن أبناء الجنوب عانوا لكن الشعب فى الشمال أيضا كان مغلوبا على أمره، وانتقد بشدة حزب المؤتمر الوطنى وقال إنه أصبح سبب أزمة السودان الآن، وطالب البشير بالاستقالة بعد أن فرط فى وحدة البلد وسيادته واستقلاله وأفقر الشعب السودانى وأذله. فيما أكد ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية، أن ذكرى استقلال السودان هو مناسبة وذاكرة وتاريخ مشترك لكل السودانيين، ولن يسقط ذلك يوم 9 يناير المقبل، حتى لو أدى إلى انفصال الجنوب، ودعا إلى الحفاظ على التراث التاريخى المشترك بين الشمال والجنوب، وقال إن ما يجرى اليوم فى السودان هو نتاج تاريخ معقد تم فيه تجاهل مطالب الجنوبيين البسيطة فى البداية حتى وصلت إلى الانفصال، وحمل حزب البشير المسئولية عن فصل الجنوب، قائلا: لقد كانت لديهم فرص أكثر من غيرهم، والبشير هو الذى حكم السودان أكبر فترة على الإطلاق 22 عاما، ولكننا نجنى الآن حصاد إعلانه الجهاد ضد الجنوب، وحذر أنه إذا ذهب الجنوب فسيكون هناك جنوب آخر فى النيل الأزرق والنيل الأبيض وجنوب وشمال كردفان وجنوب دارفور، وقال:إن السياسات الخاطئة فى مركز السلطة أدت لانهيار الريف والبادية فى السودان نتيجة الرسوم والإتاوات الباهظة التى تفرضها السلطة، وقال إنه إذا انفصل الجنوب لن تنتهى مشكلات الشمال، لأن السودان الشمال سيظل أيضا بلدا متعددا ومتنوعا، ودعا للحفاظ على حياة وحقوق 13 مليون نسمة على الحدود بين الشمال والجنوب، وإلى الحفاظ على حياة الشماليين فى الجنوب والجنوبيين فى الشمال، وقال إن حديث البشير عن تطبيق الشريعة هو حديث عن الشمولية، وأكد أنه فى حال انفصال الجنوب فلابد من ترتيبات دستورية جديدة، وليس حكومة ذات قاعدة عريضة دعا لها البشير ولن تقود إلى شىء، وحذر من أن المؤتمر الوطنى لن يستطيع التجبر على القوى السياسية إلى الأبد، وأنها ستكون لديها خيارات بديلة إن لم يذعن المؤتمر الوطنى للحوار والاعتراف بالآخرين.