أرشدنا النبى صلى الله عليه وآله وسلم إلى اغتنام الاوقات والانتفاع بمواسم الخير ومن أعظم هذه المواسم العشر الأواخر من رمضان، حيث تهب نفحات الرحمن بالرحمة والمغفرة والعتق من النيران، وتسطع أنوار الإيمان فى ليلة مباركة أنزل فيها القرآن، هى ليلة القدر خير من ألف شهر، وأكد علماء الأمة ان اغتنام العشر الأواخر من رمضان يكون بقراءة القرآن والذكر والصلاة، وألا ينشغلوا عنها بفضول الدنيا حتى ينال الانسان من الله نفحات خير يسعد بها فى الدنيا والآخرة فعن عَائِشَة رضى الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِى غَيْرِهِ". وحول فضل العشر الأواخر من رمضان وكيفيه الاستفادة منها واستغلالها فى زمن الكورونا وغلق المساجد ومنع الاعتكاف ، يوضح الدكتور عادل المراغى من علماء الأزهر الشريف ان الصحابة الكرام والسلف الصالح كانوا يعظمون الثلاث عشرات فى السنة العشرة الأخيرة من رمضان والعشرة الأول من ذى الحجة والعشرالأول من شهر الله المحرم وكان من هدية صلى الله عليه وسلم اذا دخلت العشر الاخيرة من رمضان شد مأزرة واحيا ليله وأيقظ أهله وشد المأزر كناية عن الأجتهاد والجد ولعل السبب فى اجتهاد النبى صلى الله عليه وسلم فى العشر الأواخر من رمضان إنما يرجع لسببين الأول تحرى ليلة القدر التى عينها النبى صلى الله عليه وسلم فى العشر الأواخر من رمضان والثانى أن الأعمال بالخواتيم فإذا كان اٌلإنسان قصر فى 20 يوما يستطيع أن يجبر ما فاته فى العشر الاواخر يلحق بركب السابقين ويقول المراغى وبالنسبة لإحياء العشر فى زمن الكورنا فهى فرصة سانحة ينبغى علينا استغلالها من خلال ختم القران الكريم عدة مرات وإحياء الرجل الليل بأهل بيته فمما يذكر أن الشافعى واذا دخلت العشر ختم القران فى كل مطلع شمس وفى كل مغيبها وهذا مروى عن ابى حنيفة وباستطاعة الانسان أن يختم القران فى 8 ساعات فى العشر الاواخر فيخرج من رمضان وقد حصل على ملايين الحسنات ، ولكن للاسف لما رمتنا المدنية الحديثة بوابل من وسائل التواصل الاجتماعى وجدنا بعض الشباب تعلقت قلوبهم وعقولهم بالسوشيال ميديا وصار الواحد منهم معتكفا اكثر من 8 ساعات متواصلة والفارق بيننا وبين السلف ان هؤلاء تعلقت قلوبهم بالله وكانوا مع الله وتحركوا لله وتكلموا بالله اما نحن الأن شغلتنا أموالنا وأهلونا مؤكدا أن العشر الأواخر فرصة ودقائقها غالية وكل دقيقة تمضى لن تعود إلى يوم القيامة وعلى الانسان ان يعتكف فى بيته فى العشر الأواخر فإذا كنا قد حرمنا من الاعتكاف فى المساجد فليصن الانسان لسانه عن القيل والقال وليصاحب كتاب الله صباح مساء وليجتهد فى احياء الليل ويوقظ أولا ده صغار وكبارا ويقول الشيخ محمد الأزهرى من علماء الاوقاف أن الاعتكاف يكون فى المسجد لكن فى ظل أزمة (كورونا) وقد منع الناس من المساجد،فلا مانع من الاعتكاف فى البيت، وذلك لما يأتى تعذر الذهاب إلى المسجد، والله تعالى يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، ويقول سبحانه:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، وفى الصحيح عند مسلم عن أَبى هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ »، وعملا بالقواعد الفقهية: (المشقة تجلب التيسير)، وأن (الأمر إذا ضاق اتسع( ،إذا جاز للمرأة أن تعتكف فى المسجد على اعتبار أن صلاتها فى البيت أفضل، فلا مانع من اعتكاف الرجل عند الضرورة. ما يراه المالكية، من جواز اعتكاف الرجال كذلك فى البيت إذا كان نافلة، قال ابن حجر: وللمالكية -أى الاعتكاف- يجوز للرجال والنساء لأن التطوع فى البيوت أفضل ، فإذا جازت صلاة الجمعة فى البيوت عند الضرورة (هذا قول مرجوح) وهى فريضة؛ فما المانع من الاعتكاف فى البيت وهو سنة. و بالنسبة لشروط وضوابط الاعتكاف فى البيت قال الشيخ الأزهرى ،إذا كان فى البيت سعة فليتخذ مكانا خاصا للصلاة، روى أحمد عَنْ عَائِشَة: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِبُنْيَانِ الْمَسَاجِدِ فِى الدُّورِ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ. قال الشوكاني: وقال شارح المصابيح: يحتمل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن أن يبنى الرجل فى داره مسجدا يصلى فيه أهل بيته، ولا مانع من أن يكون ذلك فى الغرفة التى يستقبل فيها الضيوف حيث يقل دخولها فى الغالب، وإن لم يكن فى البيت سعة فلا مانع من أن ينوى المرء نية الاعتكاف فى أى مكان فى البيت، على أن يراعى ما يلى عدم قطع الاعتكاف لا لحاجة و الانعزال عن أهل البيت إلا ما دعت إليه الضرورة، والانشغال بالذكر والدعاء وقراءة القرآن والاجتهاد فى صلاة الليل، ولا يفسد اعتكاف المرأة إعدادها للطعام، أو تجهيز بيتها، فهذا كله يقوم به المعتكف فى المسجد، ويشير الدكتور احمد رمضان من علماء الأوقاف إلى ضرورة الانتباه لقيمة تلك العشر التى تمضى بنا سريعاً نحو انقضاء الشهر الفضيل، فما أسرع مرور الأيام وتعاقب الأزمان، وإنها لآية للمعتبرين، وذكرى للذاكرين، وها هى العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك تتراءى فى الأفق مئذنة برحيل شهر انتظرناه، فكم كنا بلهفة واشتياق لاستقباله والأُنس بأيامه ولياليه، وعقدنا الآمال فيه لزيادة الطاعات والقربات، ومحو الذنوب والسيئات، فيا سعادة من فاز بالقرب من ربه بكثرة الطاعات والقربات، ويا خسارة من تعلق بحبل الآمال وترك شريف الأعمال، وانشغل بالملهيات عن خير الليالى والأيام.!! و قال إن أعمارنا بضعة أيام يقضيها الأنسان ؛ قال الحسن البصري: "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك". وقال: "يا ابن آدم، نهارك ضيفك فأحسِن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك". وقال: "الدنيا ثلاثة أيام: أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلّك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه، أرأيت : لو أن أنسانا سافر من مدينة إلى أخري، فإنه كلما قطع مسافة سوف تقصر المسافة التى بينه وبين تلك المدينة التى يريد الذهاب إليها ؟!! أرأيت إلى هذا التقويم الذى نضعه فوق مكاتبنا فى بداية كل عام، إنه مليء بالأوراق، وفى كل يوم نأخذ منه ورقة واحدة فقط، وفى نهاية العام لا يبقى منه إلا الجلدة فقط. واوضح للعشر الأواخر من رمضان فضلٌ عظيمٌ عند الله تعالى ، ومن اغتنمها أخذ أجرها وفضلها ، حتى وإن اجتهد المسلم بالطاعة فى بيته فى ظل فيروس كورونا ؛ وقد ذكرها الله فى قوله :{وَالْفَجْرِ؛ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (الفجر: 1 ؛ 2)؛ وقد ذهب بعض المفسرين أنها العشر الأواخر من رمضان؛ لذلك كان يجتهد فيها النبى صلى الله عليه وسلم بالطاعة والعبادة والقيام؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ؛ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ؛ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ"( متفق عليه )