دعا مرصد حرية الإعلام التابع لمؤسسة "عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان" المجلس الأعلى للصحافة لاتخاذ إجراءات جادة وعاجلة لإصلاح الأوضاع الاقتصادية للمؤسسات الصحفية القومية التى تعانى حاليا من أزمات مالية طاحنة وتدهور خطير فى مواردها المالية، تعرضها للسحب على المكشوف والاستدانة من وزارة المالية والبنوك وتراكم ديونها وطلب الإعانة المالية من المجلس الأعلى للصحافة كل شهر لصرف رواتب الصحفيين فى مواعيدها. وأكد المرصد، فى تقرير أصدره اليوم بعنوان (رسالة مهنية فى خطر)، أن كافة المؤسسات الصحفية القومية بها عمالة تفوق احتياجاتها الفعلية بخمسة أضعاف من محررين وعمال وإداريين، حيث تقترب العمالة من 35 ألف عامل، فضلا عن توسعها فى إصدار مطبوعات من مجلات أسبوعية لا تلقى رواجا فى سوق القراءة لإصدارها منذ 22 عاما على الأقل دون دراسة كافية. وأوضح التقرير أن إصرار رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية فى عهد النظام السابق على تحقيق اهداف سياسية وربحية من عائدات الإعلانات التجارية ارتبط بمصالح خاصة لهم مع رجال الأعمال الذين ارتبطوا بالنظام السياسى حينها. وقال التقرير: إن المؤسسات الصحفية تتحمل أعباء مالية ضخمة شهرية حاليا فى تكاليف الطباعة والأجور دون تحقيق معظم الإصدارات الأسبوعية باستثناء الصحف اليومية المتمثلة فى صحيفة الأهرام والأخبار ثم الجمهورية أي دخول وعائدات مالية ذات قيمة فى الدخل العام للمؤسسات الصحفية تعينها على الأداء الاقتصادى المناسب، فضلا عن ارتفاع خسائرها السنوية. وأشار التقرير إلى ما واجهته بعض المؤسسات الصحفية من إغلاق مجلات وإصدارات ونقل العاملين بها لمؤسسات أخرى مما زاد من أعباء تلك المؤسسات وتعرضها لمشاكل مادية وأدبية. وكشف أن ديون المؤسسات الصحفية القومية وصلت إلى نحو 3.5 مليار جنيه فضلا عن متأخراتها فى سداد الضرائب المستحقة منذ الستينيات والتى تصل إلى 7 مليارات جنيه أخرى لم تقم أية مؤسسة بالسداد لوزارة المالية باستثناء مؤسسة الأهرام، مما يتطلب إصدار قرار جمهورى لإعفاء باقى الصحف القومية منها. وأرجع التقرير أسباب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تواجه المؤسسات الصحفية القومية إلى تأثير انحسار سوق شراء الصحف وعدم تجاوزه حتى الآن 3 ملايين ونصف مليون قارىء يوميا نتيجة الاستخدام الواسع للإنترنت والفضائيات، وقلة انضمام فئة الشباب إلى قراءة الصحف الورقية، وانخفاض مبيعات المؤسسات الصحفية من المجلات الأسبوعية والشهرية التى تصل إلى 48 مطبوعة وانخفاض دخلها من الإعلانات التجارى بسبب الظروف الاقتصادية منذ الثورة. وأشار تقرير المرصد إلى صعوبة تمكن هذه المؤسسات من تحسين أجور الصحفيين والعاملين بها، وتعرض خطط التطوير بها لصعوبة تنفيذها مقابل ما تقوم به الصحف المستقلة من قدرة على زيادة أجور العاملين بها إلى 4 أضعاف مرتبات الصحفيين والعاملين بالصحف القومية. وطالب التقرير المجلس الأعلى للصحافة باتخاذ إجراءات واضحة ومحددة لإصدار لائحة أجور جديدة للصحفيين والعاملين بالصحف القومية لكى تتقارب مع لوائح الأجور فى وظائف ومهن مماثلة فى الأهمية، والحاجة إلى تطوير اللائحة النموذجية الإدارية والمالية للمؤسسات الصحفية القومية. كما طالب بإصدار لوائح جديدة فى كل تخصص اقتصادى لمواجهة الفساد الإدارى والمالى فى قطاعات الإعلانات والشئون التجارية والمالية والمخازن والمشتريات والمبيعات التى تعانى من خلل واضح فى إدارتها وارتفاع شكاوى كل رؤساء مجالس إدارات الصحف إلى مجلس الشورى من التصرفات بها والتى يصعب ضبطها لعدم وجود لوائح مقننة واعتمادها على القرارات الإدارية من مديرى القطاعات. ويزيد ذلك من نزيف الأموال الضائعة، مما يتطلب تحديد أسلوب العمل والمحاسبة بها وإنشاء إدارات للتسويق بكل مؤسسة صحفية تعينها على أعمال الترويج الصحفى والمبيعات. ودعا المرصد المجلس الأعلى للصحافة إلى إنهاء كافة أشكال وصور سيطرة الدولة والحكومة على المؤسسات الصحفية القومية المملوكة للشعب وإلغاء الملكية الاسمية والشكلية لمجلس الشورى، ومنع التدخل فى سياساتها التحريرية والاقتصادية لتحرير المؤسسات القومية من قيود السلطة، واختيار القيادات الصحفية بها وعزلها والتحكم فى معايير اختيارها. وصرح يوسف عبدالخالق مدير مرصد حرية الإعلام بأن تقرير المرصد "رسالة مهنية فى خطر" انتهى إلى أهمية إلغاء قرار المجاس الأعلى للصحافة بإلزام الصحف القومية بإنهاء خدمة الصحفيين عند سن الستين من أجل الاستفادة من الخبرات الصحفية والكفاءات المهنية من كبار الكتاب والصحفيين وعدم تفريغ المؤسسات الصحفبة من الخبرات النادرة بها التى يصعب تعويضها لسنوات طويلة.