لا تزال قضية إشغالات الشوارع سواء من الباعة الجائلين أو من أصحاب المحلات والأسواق العشوائية تؤرق المواطنين والمسئولين على السواء، حيث تنتشر فى كل مكان، لذا بات التصدى لها بحسم واجبًَا قوميًا وأمرًا حتميًا، خاصة فى ظل التطوير والمشروعات الكبيرة التى تشهدها مدن وعواصم المحافظات لتظهر فى أبهى صورة مما يجعلها بقعة سوداء يجب إزالتها إضافة لما تتسبب فيه من مشكلات وفى مقدمتها التلوث وإعاقة حركة المرور وغيرها. ورغم جهود الدولة والأجهزة المحلية والأمنية فى مواجهة هذه الإشغالات وإزالتها وتحرير المئات من المحاضر وتوقيع الغرامات على المخالفين من خلال الحملات المستمرة.. إضافة إلى إنشاء الأسواق الحضارية لنقل الباعة الجائلين إليها مراعاة للبعد الإنسانى وحفاظًا على مصدر رزقهم إلا أنهم سرعان ما يعودون بعد انتهاء هذه الحملات، إضافة إلى قيامهم بهجر أماكنهم فى الأسواق الحضارية مفضلين الأماكن التى اعتادوا البيع فيها، مما يطرح عدة تساؤلات عن الحلول الجذرية لهذا الصداع المزمن، كما يبقى التساؤل قائمًا حول موقف الأسواق الحضارية والتى سبق توزيع وحداتها على المنتفعين ورغم ذلك لا يزالون يحتلون الأرصفة والطرقات والأسواق الرئيسية.. «الأهرام المسائى» تبحث عن الإجابة. أكد اللواء إبراهيم أحمد أبو ليمون محافظ المنوفية استمرار جهود رفع الإشغالات والتعديات التى تعوق حركة المواطنين والسيارات، وإعادة الانضباط للشارع وتنفيذ القوانين واللوائح المنظمة لردع المخالفين ومنع أى تجاوزات تضر بمصلحة المواطنين. وأوضح المحافظ أنه وجه رؤساء أحياء شرق وغرب شبين الكوم ونوابهم باستمرار شن الحملات ورفع الإشغالات بالتنسيق مع الجهات الأمنية، كما شدد على تكثيف حملات النظافة بالشوارع والميادين العامة وبالتنسيق مع وحدة التدخل السريع لرفع تراكمات القمامة بالشوارع الرئيسية والجانبية بنطاق الأحياء. كما وجه بإعداد مذكرة بشأن الشوارع التى تحتاج إلى رصف وتطوير ورفع كفاءة وبها كل المرافق والعرض عليه، حتى يتسنى وضعها ضمن خطة رفع كفاءة الطرق الداخلية بنطاق المحافظة، فى إطار الارتقاء بالمظهر الحضارى لها. أضاف أبو ليمون أن الحملات المكثفة التى تم تنفيذها ولا تزال بجميع المراكز أسفرت عن عودة الانضباط بنسبة كبيرة إلى شوارع المحافظة، ولعل أبرزها تمكن الوحدة المحلية لمركز ومدينة الباجور بالاشتراك مع قوات الشرطة من تحرير ميدان الباجور ومزلقان السكة الحديد من الباعة الجائلين فى صورة جيدة، لعودة هيبة الدولة.. حيث شهدت المدينة قيام الباعة الجائلين بالسيطرة على الميدان والشوارع بجوارشريط السكة الحديد وتم تحويلها لسوق كبيرة.. وتركوا السوق الحضارية التى تم إنشاؤها وتتضمن باكيات ومحلات مخصصة لهم.. وتمكنت الحملة من رفع وإزالة الإشغالات بميدان الباجور وشارع السوق ومنع وجود أى تجمعات. الباجور تتخلص من الكابوس. وأكد خالد العرفى رئيس الوحدة المحلية بالباجور أنه تم إلزام الباعة بأماكنهم داخل السوق الحضارية وتم تعيين دورية من الإشغالات ومركز الشرطة لعدم عودة الباعة للشوارع والميدان مرة أخرى، مشيرًا إلى تخلص المدينة من كابوس مزعج وعودة النظافة إلى الشوارع وحدوث انسيابية فى حركة المرور، كما يتم حاليًا تطوير السوق الحضارية والارتقاء بالمرافق والخدمات لتوفير المناخ الملائم للباعة والمواطنين الذين يترددون على السوق. وأكد سامى وسيلى، عضو مجلس محلى محافظة المنوفية سابقًا، وأحد مواطنى مركز الباجور، أن الأهالى طالبوا كثيرًا بضرورة الاستفادة من السوق الحضارية التى تكلفت الملايين.. إلا أنه لم يتم تنفيذ ذلك إلا مؤخرًا وبإصرار على عودة هيبة الدولة، مؤكدًا سعادة أهالى المنطقة بعودة شوارع وميدان المدينة لهم مطالبًا بالاستمرار فى الرقابة من أجل الحفاظ على تواجد الباعة داخل السوق وعدم عودتهم مرة أخرى إلى الشوارع. أكد المهندس أمين غنيم رئيس جهاز تنمية مدينة السادات أن الجهاز يشن حملات مكبرة متتالية تقوم بإزالة الإشغالات الموجودة بالمناطق السكنية المختلفة والطرق العامة، كان آخرها الحملة التى تمكنت من إزالة سويقة الخضار والفاكهة العشوائية بالمنطقة السكنية الرابعة، كما تمت إزالة الإشغالات من مداخل العمارات المحيطة بالسويقة والتى كانت تؤرق سكان المنطقة لاستخدامها من الباعة كمخازن لبضاعتهم، وما كانت تسببه من تلوث وإزعاج وتشويه للمظهر العام، وتمت إزالة جميع اللافتات الإعلانية المخالفة المعلقة على جدران العمارات وأيضًا السلالم بدون ترخيص وإزالة الرامبات.. مما أعاد الهدوء والجمال للمنطقة، وأكد «غنيم» أن الحملة مستمرة حتى يتم القضاء نهائيًا على جميع المظاهر العشوائية واتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين والخارجين على القانون المتسببين فى إحداث العشوائية بالمدينة. وأوضح محمد عمر رئيس مركز ومدينة السادات أنه بصدد إيجاد حل عملى لنقل السوق الرئيسية خارج الطريق وبعيدًا عن مناطق الخدمات وتم قبل ذلك الموافقة على نقله بجوار الرياح الناصرى، لكن اعترض المواطنون لبعد المكان من القرية.. مشيرًا إلى تقدم أحد المواطنين بطلب للوحدة المحلية لبناء مجمع للسوق على مساحة فدانين ملكية خاصة، لكن المشكلة أنها فى نطاق الأراضى الزراعية ولا يجوز البناء عليها. فيما رصدت «الأهرام المسائى» نموذجًا لانتشار الباعة الجائلين وكثرة الإشغالات بشارع عمر أفندى أكبر شوارع مدينة شبين الكوم الذى يمتلئ بالمحلات التجارية والباعة الجائلين ويكتظ عن آخره بالمواطنين والمارة الذين يتوجهون لشراء متطلباتهم مما يتسبب فى حدوث أزمات مرورية بالشارع، بالإضافة إلى انتشار القمامة والمخلفات وشكوى أصحاب المحلات وتضررهم من وجود هؤلاء الباعة. تقول حنان الوردانى إحدى البائعات الجائلات بشارع عمر أفندى: «أنا ببيع فى الشارع العمومى بقالى 15سنة ومليش مكان تانى»، وطالبت بإقامة محلات أو باكيات للباعة الجائلين بمكان حيوى بالشارع واستغلال المناطق الواسعة الخالية به لتكون سوقًا مجمعة للباعة الجائلين. وطالبت سناء سعد مصطفى إحدى البائعات الجائلات بالشارع مجلس المدينة بتخصيص سوق مجمعة لهن بالقرب من منطقة سيدى خميس، موضحة أن مجلس المدينة خصص لهن من قبل سوقًا بمكان بعد محطة القطار «خلف السكة الحديد» إلا أنه مكان غير تجارى وبعيد على الزبائن. وأكدت سماح فؤاد إحدى البائعات الجائلات أن شارع عمر أفندى هو الشارع التجارى الأول فى المنوفية وأكثر الأماكن حركة من حيث البيع والشراء.. وإيجار المحلات بالشارع غالٍ جدًا يصل إلى نحو 7 آلاف جنيه بخلاف فاتورة الكهرباء والمياه فنضطر إلى افتراش الشارع والأرصفة.
وكان للمواطنين آراء مختلفة حول الإشغالات وتواجد الباعة الجائلين فأكد فتحى جودة 78 سنة أن وجود الباعة الجائلين يسبب إزعاجًا للأهالى وتلوث الشارع وتشويه الشكل العام فالمحلات مرخصة وتقوم بدفع ضرائب ووجود الباعة الجائلين أمام المحلات يؤدى إلى التغطية على هذه المحلات، بالإضافة إلى التكدس المرورى، مطالبًا بتخصيص مكان للباعة الجائلين. وقال طارق الوراقى رئيس حزب الشعب الجمهورى بالمنوفية: إن مشكلة الباعة الجائلين والأسواق العشوائية مشكلة عامة وقائمة منذ عشرات السنين، وليست جديدة على المحليات بينما تتزايد فى الفترة الأخيرة نتيجة التعامل معها بعشوائية وبأفكار غير واقعية قابلة للتطبيق تساعد الطرفين على حلها، بحيث تقضى على الأسواق العشوائية والباعة الجائلين، وما يتسببون فيه من إشغالات وتساعد فى الحفاظ على عملهم، لأنه ليس لهم مصدر رزق آخر. وأضاف الوراقى أنه توجد أسواق حضارية بالقرى والمدن بينما تخطيطها جاء بشكل خاطئ مما تسبب فى نفور الباعة من الوجود فيها لذلك يتم استغلالها حاليًا بشكل خاطئ ولا يوجد بها الباعة المتوقع وجودهم فيها مؤكدًا أن إنهاء مشكلة الباعة الجائلين والأسواق العشوائية يحتاج إلى أفكار غير تقليدية لتطبيقها كتوفير مكان مناسب بالقرب من تجمعاتهم ولكن بشكل محدود ويتم وضع الرقابة عليهم لمنع انتشارهم، مع الحفاظ على نظافة وجمال المكان وعدم تعطيل مصالح المواطنين أو حركة السير فيه مشيرًا إلى ضرورة القيام بشن حملات يومية على الأكشاك لضبط المخالفين وفحص المرخص لضمان التزامهم بالقانون مع التوسع فى توفير فرص عمل للشباب.