هبوط أسعار الذهب بختام التعاملات اليوم.. كم سجل عيار 21؟    اقرأ في عدد الوطن غدا: «قمة المواجهة».. لا للإرهاب الإسرائيلي    شي جين بينغ بمناسبة قمة البحرين: العلاقات الصينية العربية تمر بأفضل فترة في التاريخ    محمد أشرف روقا: الزمالك جاهز بنسبة 100 % للتتويج باللقب أمام نهضة بركان    الهلال السعودي يراقب نجم برشلونة    «تعليم كفر الشيخ» تنهي استعداداتها لامتحانات الصف الثالث الإعدادي    باسم سمرة يعلن انتهاء تصوير فيلم اللعب مع العيال    وزارة الصحة: إرشادات مهمة للحماية من العدوى خلال مناسك الحج    حريق في طائرة أمريكية يجبر المسافرين على الإخلاء (فيديو)    طوارئ ومطالب بالاستقلال عن فرنسا.. ماذا يحدث في كاليدونيا الجديدة؟    رئيس جامعة الأقصر: منشآت جميع الكليات جاهزة لاستقبال امتحانات نهاية العام    مد فترة استلام الطلبات لوظائف القطار الكهربائي الخفيف حتى 23- 5- 2024    سكاي: فونيسكا الخيار الأول لخلافة بيولي في ميلان    فانتازي يلا كورة.. الثلاثي الذهبي قبل الجولة الأخيرة في بريميرليج    قرار حكومى باعتبار مشروع نزع ملكية عقارين بشارع السبتية من أعمال المنفعة العامة    الفئة من 401 إلى 500.. تصنيف تايمز العالمي يضم «جنوب الوادي» لقائمة الجامعات الشابة    نقابة المهن الموسيقية تنعي زوجة المطرب أحمد عدوية    وزيرا التعليم والأوقاف يصلان مسجد السيدة نفيسة لتشييع جثمان وزير النقل السابق - صور    لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيا مشروعات الرصف وتركيب بلاط الإنترلوك بمدينة العياط    "الصحة" تنظم فاعلية للاحتفال باليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد .. صور    كيف تؤثر موجات الطقس الحارة على الصحة النفسية والبدنية للفرد؟    التموين: وصول 4 طائرات تحمل خمسة آلاف خيمة إلى أهالي قطاع غزة    جامعة الفيوم تنظم ندوة عن بث روح الانتماء في الطلاب    تفاصيل اجتماع وزيرا الرياضة و التخطيط لتقييم العروض المتُقدمة لإدارة مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية    السفير المصري بليبيا: معرض طرابلس الدولي منصة هامة لتسويق المنتجات المصرية    15 يوما إجازة رسمية بأجر في شهر يونيو المقبل 2024.. (10 فئات محرومة منها)    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    نجم الأهلي مهدد بالاستبعاد من منتخب مصر (تعرف على السبب)    إطلاق مبادرة لا للإدمان في أحياء الجيزة    طريقة عمل طاجن العكاوي بالبطاطس    فنانات إسبانيات يشاركن في الدورة الثانية من ملتقى «تمكين المرأة بالفن» في القاهرة    الجمعة .. انطلاق نصف نهائي بطولة العالم للإسكواش بمصر    الخارجية الكورية الجنوبية تعرب عن تمنياتها بالشفاء العاجل لرئيس الوزراء السلوفاكي    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    تعرف على مواعيد عرض فيلم "شرق 12" في مهرجان كان السينمائي    تأكيدا ل"مصراوي".. تفاصيل تصاعد أزمة شيرين عبد الوهاب وروتانا    هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة؟.. الإفتاء توضح    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعة بنها وجامعة ووهان الصينية    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    التحقيق مع عاطل لحيازته مخدر الآيس في منشأة القناطر    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    الطاهري يكشف تفاصيل قمة البحرين: بدء الجلسة الرئيسية في الواحدة والنصف ظهرا    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    الأحد.. عمر الشناوي ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب إفريقيا بوقف هجوم إسرائيل على رفح    مد فترة التقديم لوظائف القطار الكهربائي الخفيف.. اعرف آخر موعد    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة التونسية
نشر في بوابة الأهرام يوم 13 - 02 - 2021


د. نيفين مسعد تكتب
قبل أكثر من عام وتحديدًا في شهر أكتوبر 2019 نشرتُ دراسة على موقع العين الإخبارية عنوانها «تونس وثلاثية: قرطاج، القصبة، مونبليزير»، تحدثتُ فيها عن الصراع بين مقر رئاسة الجمهورية فى قصر قرطاچ ومقر الحكومة في حي القصبة ومقر حركة النهضة في مونبليزير، وكيف أن هذا الصراع ينعكس داخل ساحة البرلمان من خلال محاولة كل طرف التأثير في المشهد السياسي القائم وتعديل توازنات القوة لمصلحته.
والآن عندما ننظر إلى الأزمة التونسية المستحكمة لا نجد أى شىء تغّير لأن الخلل يكمن فى طبيعة النظام السياسى نفسه الذى يخلط بين الشكل البرلمانى ومحوره السلطة التشريعية والنظام الرئاسى ومحوره رئاسة الدولة، مع ميل واضح فى ميزان القوة لمصلحة الشكل البرلمانى. ولذلك فمع أى أزمة سياسية تمر بها تونس تخرج علينا رئاسات الجمهورية والحكومة والبرلمان بتصريحات تؤكد صلاحياتها الدستورية وتُقّزم من صلاحيات غيرها، ويساعد على ذلك غياب المحكمة الدستورية صاحبة الاختصاص فى فض الاشتباك حول الصلاحيات.
وهكذا وبمناسبة الأزمة السياسية الراهنة تكلم راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان فقال «دور رئيس الدولة هو دور رمزى وليس إنشائيا»، ورد عليه قيس سعيد رئيس الجمهورية بالقول «كرسى الرئاسة.. رئاسة الدولة ليس شاغراً ولا ألعب دوراً رمزياً كما ادعى البعض». ويزيد فى تعقيد الموقف فى كل مرة أن حركة النهضة -ككل حركات الإسلام السياسي- هى حركة إقصائية تفهم دور الحزب لا على أنه الوصول للسلطة بل على أنه الانفراد بالسلطة ، وهى تستفيد فى ذلك من تناقضات القوى المدنية وتوظّف استعداد تلك القوى، لأن تغيّر جلدها وتتراجع عن وعودها وتعصف بمصداقيتها مقابل أن تظل موجودة فى المشهد السياسى.
وبناءً عليه فإن التبارز بالنصوص الدستورية فى الأزمة الأخيرة ماهو إلا غلاف زائف للصراع السياسى على السلطة وتحديد من تكون له الكلمة العليا فى تونس . لقد خسر الغنوشى فى سبتمبر الماضى جولة من جولات الصراع مع قيس سعيد عندما تمسك هذا الأخير بتعيين هشام المشيشى رئيساً للحكومة ولم يأخذ بأى من الأسماء التى رشحتها له الأحزاب الممثلة فى البرلمان، وقد ابتلع الغنوشى هذه الهزيمة فى حينه، لأن البديل كان هو إقدام رئيس الجمهورية على حل البرلمان.
لكن ها هو الغنوشى يصطف مع المشيشى فى مسألة التعديل الوزارى ضد إرادة رئيس الجمهورية ويرد للرئيس الصاع صاعين، وهذا على أى حال ميكانزم جرّبه الغنوشى من قبل . ومن المهم جداً فى هذا السياق أن نتأمل ما قاله قيس سعيد فى لقائه يوم الأربعاء 10 فبراير الحالى مع مجموعة محدودة من نواب الشعب لا يمثلون كل الأحزاب المهمة، إذ لم تتم دعوة ممثلين لحزب قلب تونس ولاللحزب الدستورى الحر ( ثانى وخامس حزبين فى البرلمان) لأسباب ليس هذا مكانها، فالمهم هو ما قاله قيس سعيد فى اجتماعه المذكور، ولقد قال ما نصه «أعلم جيداً أن هذا التحوير الوزارى تحوير تم الاتفاق عليه عند تشكيل هذه الحكومة «، ومعنى كلامه أن الإعداد للانقلاب على تركيبة الحكومة الحالية قائم منذ لحظة تشكيلها نفسه، وبالتالى فإن تغيير 11وزيراً من وزراء هذه الحكومة ليس بسبب عدم رضاء المشيشى عن أدائهم أو لشبهات فساد تحوم حولهم، بل إن من ورائه تخطيطاً أفضى لصفقة بين الغنوشى و المشيشى بحيث يختار المشيشى وزراء بعيدين عن تأثير رئيس الجمهورية، ويضمن الغنوشى توفير الأغلبية البرلمانية اللازمة لتمرير مشروعات الحكومة . أما الأخطر من كلام قيس سعيد عن تاريخ التآمر لتغيير الحكومة فهو تصريحه بوجود دور خارجى فى هذه المؤامرة إذ قال فى اجتماعه مع النواب ما نصه «أعلم الاجتماعات التى تُنَظَم وأعلم كيف يتم استدعاء بعض الأجانب للاستنجاد بهم»، وهذا يفتح الباب لتساؤلات كثيرة عن هوية الأجانب الذين يتم الاستعانة بهم وحدود ضلوعهم فى تنفيذ المؤامرة التى ألمح إليها، ولو افترضنا أن تركيا هى الأقرب للاتهام بالتدخل بحكم علاقتها الوثيقة براشد الغنوشى، فما هى حدود التنسيق بين المشيشى وتركيا؟
إن راشد الغنوشى إن قال إن النظام الداخلى للمجلس يقضى بأن يحصل أى تعديل وزارى على ثقة البرلمان فهو يعلم علم اليقين أن الدستور لم يقضِ بذلك وأن نظام المجلس ينظم عمل المجلس ولا يعلو على الدستور . وقيس سعيد إن قال إن رئيس الحكومة يتعين عليه مشاورة رئيس الجمهورية ثم مشاورة الحكومة نفسها قبل إجراء أى تعديل وزارى فهو يعلم علم اليقين أن الدستور لا يعطيه هذا الحق إلا فيما يخص وزيريّ الخارجية والدفاع . وهشام المشيشى عندما يطلب من المحكمة الإدارية رأيها فى أزمة التعديل الوزارى فهو يعلم علم اليقين أن رأى المحكمة الإدارية رأى استشارى ولا أثر له إلا إحراج رئيس الجمهورية هذا بفرض أن رأى المحكمة سينتصر لحق رئيس الحكومة فى إجراء التعديل الوزارى دون مشاورة رئيس الجمهورية.
وبما أن الكل يعلم فى داخله أنه لا يوجد نص دستورى أو قانونى يحسم الموقف لمصلحته فإن الحكمة تستدعى التنازل المتبادل من قطبّى الأزمة: الغنوشي/المشيشى من جانب وقيس سعيد من جانب آخر، بحيث يستبعد المشيشى الأسماء المحاطة بالشبهات ويشرك نساءً فى حكومته ويستدعى قيس سعيد الوزراء الجدد لحلف اليمين أمامه.
هذا التنازل يحلحل الأزمة الحالية لكنه لا يحل أزمة النظام السياسى ولا يَضمن بالتأكيد عدم تكرارها، لكن على الأقل فإنه يقى التجربة التونسية خطر الانفجار من الداخل، وإلا فمن ذا الذى كان يتصور أن قيس سعيد مرشح شباب ثورة الياسمين لرئاسة الجمهورية يتعرض للاغتيال فى العام العاشر من عمر الثورة ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.