لا أعرف على أى أساس تم استئناف مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا .. وما هو الجديد الذى طرأ حتى يشعر البعض بأمل وتفاؤل بعد عقد من التفاوض ,وتوقف أكثر من شهر, واعتراض من الخرطوم على منهجية المباحثات؟!. ولا أدرى من أين استمدت أديس أبابا كل هذه الجرأة عندما استبقت المفاوضات ببضعة أيام بتصريحات فجة ذكر فيها المتحدث باسم وزارة خارجيتها أن مصر تصعد فى ملف السد لكى تستخدمه شماعة تعلق عليه مشكلاتها الداخلية؟ ثم أعادت الكرة قبل بدء المباحثات بساعات ببيان مستفز أعادت فيه نغمة تحكمها فى مياه النهر وذكرتنا بتغريدة وزير خارجيتهم فى يوليو الماضى عقب الملء الأول للسد والتى قال فيها (إن النهر كان اسمه النيل ,ولكنه أصبح بحيرة لنا ,سنحصل منه على التنمية التى نريدها)!. هل الهدف أن تفقد مصر هدوءها وتنجر لإجراء يحسب عليها؟ أم أنه من قبيل الإسقاط السياسى واتهام القاهرة بما تعانيه أديس أبابا ؟ على أى حال هذا هو نهج إثيوبيا المعتاد والمنتظر.. ولكن المدهش أنها لا تزال تتبع نفس سياستها المتعجرفة الملتوية وهى تواجه مشكلات لا حصر لها داخلياً حيث تداعيات معارك إقليم تيجراي.. وخارجياً بعد أن أصبح رئيس وزرائها آبى أحمد يواجه عقوبات لسلوكه الدموى مع مواطنيه رغم صرخاته بعدم التدخل فى شئون بلاده!. وإذا كان كثير من المصريين ,سواء على المستوى الشعبى أو فى أوساط النخبة, قد أصابهم السأم من مفاوضات عرجاء لا تزال تراوح مكانها وعبارات مكررة ونتائج سلبية متوقعة وباتوا يطالبون بضرورة إيقاف الإثيوبيين عند حدودهم بعد تجاوزهم كل الحدود والأعراف والقوانين.. فإن لقيادتنا السياسية, التى أظهرت صبراً كبيرا ومرونة هائلة فى تعاملها مع الأزمة والتى لا يشك أحد فى قدرتها ووطنيتها وحنكتها, رؤيتها الأوسع فى تقديرها للموقف وتوقيت ردها المناسب .