قفزة كبيرة في أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    بعد 6 أشهر، بايدن يتحمل المسؤولية عن فوز ترامب والبيت الأبيض يعلق: أنت عار على أمريكا    فرص تأهل منتخب مصر لربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب قبل مباراة تنزانيا اليوم    سيرين عبدالنور تدعم كارول سماحة في عزاء زوجها وتكشف عن مفاجأة قادمه (فيديو)    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    دراسة: أغنى 10% من سكان العالم مسئولون عن ثلثي الاحتباس الحراري منذ 1990    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    بعد بيان الزمالك.. شوبير يثير الجدل برسالة غامضة    تويوتا كورولا كروس هايبرد 2026.. مُجددة بشبك أمامي جديد كليًا    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    مصر تنضم رسميًا إلى الاتحاد الدولي لجمعيات إلكترونيات السلامة الجوية IFATSEA    بيل جيتس ينوي إنفاق قسم كبير من ثروته على الأعمال الخيرية    بجائزة 50 ألف جنيه.. محمد رمضان يعلن عن مسابقة جديدة لجمهوره (تفاصيل)    7 يونيو.. جورج وسوف يُحيي حفلًا غنائيًا في لبنان بمشاركة آدم    «الأسقفية الأنجليكانية» تهنئ الكنيسة الكاثوليكية بانتخاب بابا الفاتيكان    مقربون من ترامب: الرئيس الأمريكي يقطع الاتصال مع نتنياهو لهذا السبب    عهد جديد من النعمة والمحبة والرجاء.. الكنيسة الكاثوليكية بمصر تهنئ بابا الفاتيكان    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 9 مايو 2025    مستأجرو "الإيجار القديم": دفعنا "خلو" عند شراء الوحدات وبعضنا تحمل تكلفة البناء    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    الأهلي يتفق مع جوميز مقابل 150 ألف دولار.. صحيفة سعودية تكشف    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    موعد مباراة بيراميدز ضد البنك الأهلي في الدوري    مؤتمر النحاس: نلعب مباراة كل 4 أيام عكس بعض الفرق.. ورسالة لجماهير الأهلي    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الجمعة 9 مايو 2025    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    بنك القاهرة بعد حريق عقار وسط البلد: ممتلكات الفرع وبيانات العملاء آمنة    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    بوتين وزيلينسكى يتطلعان لاستمرار التعاون البناء مع بابا الفاتيكان الجديد    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    كيم جونغ أون يشرف على تجربة صاروخية ويؤكد جاهزية السلاح النووي    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عكس المطلوب وعكس الآية.. هواجس إثيوبية وتطمينات مصرية!
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 01 - 2017

إلى متى تستمر النخبة الاثيوبية داخل دوائر الحكم الاكثر عمقا المنوط بها الحفاظ على أمن وسلامة الدولة الاثيوبية فى تعليق خطاياها ومشاكلها وأخفاقاتها على شماعة مصر!؟، تتهمها سابقا و دون اى دليل بانها أعاقت طويلا جهود الاثيوبيين لتنمية بلادهم، ووقفت حجر عثرة فى وجه كل مشروع أثيوبى يستهدف الاستفادة من مياه النيل الازرق! وكثيرا ما تدس انفها فى الشأن الداخلي!،وتتهمها الان ،ايضا، ودون اي،دليل، بانها المحرك الاول للاضطرابات الواسعة التى جرت على مدى الشهور الاربعة الاخيرة فى مناطق قبائل الاورومو (أكبر العرقيات عددا وملكية لاراضى اثيوبيا لان الاراضى فى اثيوبيا تملكها القبائل وليس الدولة طبقا لاعراف قديمة لا تزال سارية حتى اليوم)التى تزحف إلى نطاق العاصمة أديس ابابا، وأدت إلى صدام عنيف مع الشرطة والجيش سقط فيه العشرات من القتلى والجرحي، متجاهلة الجهود الهائلة التى بذلتها مصر ولاتزال من اجل بناء وتعزيز جسور الثقة المتبادلة بين البلدين!.
والمؤسف فى الصورة ان يُصدق رئيس الوزراء الاثيوبى هيلا ماريام ديسالين رغم حصافته هذه الفرية الكبرى تحت ضغوط نخبته الحاكمة، استنادا إلى شروط فيديو اذاعته (يوتيوب) لايستغرق أكثر من دقيقتين، يصور اجتماعا لعدد محدود من ابناء الجالية الاثيوبية معظمهم من قبيلة الاورومو، يمكن ان يكون قد عقد فى القاهرة أو فى اى مكان أخر ويظهر فى خلفيته شاب فى الثلاثينيات من عمره يعلن فى هتاف قصير مفاجي، ان المصريين يساندون مطالب الاورومو!.
ومع الاسف لم تفلح جهود القاهرة فى تبديد هذه الهواجس رغم تاكيدات مصر العلنية بانها تلتزم سياسة صارمة تمنعها من التدخل فى الشئون الداخلية للدول الافريقية جميعا واولها أثيوبيا، وأرسلت وزير خارجيتها سامح شكرى مبعوثا خاصا من الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى رئيس الوزراء الاثيوبي، يؤكد له موقف القاهرة الثابت من هذه القضية واستعدادها لمناقشة اية أدلة تكون فى حوزة اديس ابابا تؤكد هذه الشبهات، وتمسكها بالحرص الكامل على تعزيزعلاقات الثقة المتبادلة بين البلدين، والتزامها المبدأى بكل الوثائق التى وقعتها مصر واثيوبيا،وحرصها على استمرار ونجاح مفاوضات الفنيين مع الشركات المعنية التى تجرى الان لدراسة الاثار السلبية المحتملة لسد النهضة على دولتى المصب مع ثبات خطها السياسى الواضح فى ضرورة مساعدة الفنيين والشركات المختصة على التغلب على اية مصاعب تعترض هذه المباحثات، ايمانا منها بان الوثائق التى تم توقعيها بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء الاثيوبى هيلا ماريام ديسالين واللقاءات العديدة التى جمعتهما على هامش اجتماعات القمم الافريقية تضمن وصول الطرفين مصر واثيوبيا إلى تسوية عادلة لمشكلات سد النهضة تقبلها كل الاطراف إذا حسنت النوايا والتزم الجميع بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه!.
وربما يكون من الصعب أن نعرف على وجه اليقين، لماذا تصر أديس ابابا ونخبتها الحاكمة على هذه الهواجس القديمة التى ربما يكون مصدرها الاصيل، أحساس الحكم فى اثيوبيا بانه لم ينجح بعد فى تحقيق الاندماج الكافى بين عرقياته المتعددة التى تصل إلى حدود 80عرقا يتكلمون أكثر من 88لغة!، اكبرها قبائل الاورومو التى تشكل 35%من مجموع سكان أثيوبيا ويسكنون الجزء الاكبر من مساحتها وتتمدد مناطقهم إلى حدود العاصمة أديس ابابا، يليهم قبائل الامهرا الذين يشكلون 27% من اعداد السكان، ثم الاوجادين من اصول صومالية الذين يشكلون 6.3%، يليهم سكان أقليم التيجراى بنسبة 6.1%الذين تتشكل منهم النخبة الحاكمة لاثيوبيا ويتقلدون معظم مناصب الجيش والشرطة، ويشكلون غالبية عناصر الدولة العميقة المسئولة عن الامن والمعلومات وتحسدهم كافة الاعراق الاخرى على امتيازاتهم المتعددة، بينما يحس الاخرون التهميش الشديد لصالح الاورومو الاكثرعددا، فضلا عن المشكلات الجديدة التى تواجه أثيوبيا الان بسبب مشروعات التنمية المستحدثة التى تمضى على قدم وساق وتحقق نسبة نمو غير مسبوق تواصلت على امتداد السنوات الاربعة الاخيرة، تكاد تصل إلى حدود 9% بعد ان نجح الحكم الاثيوبى الراهن فى ان يقدم أثيوبيا للعالم فى صورة الدولة الاشد فقرا التى تملك أمكانات كبيرة لتغيير أحوال سكانها، وتنتظر العون المالى الدولى الذى يجعلها الان من اوائل الدول الافريقية التى تستقبل المعونات الدولية بمعدل يتجاوز 3.5مليار دولار فى العام!.
لماذا اذن تعشعش هذه الهواجس القديمة فى رؤوس القائمين على حكم اثيوبيا رغم الانجازات الكبيرة التى يتم تحقيقها هناك والتى يمكن ان تقضى على هذه المشكلات على نحو متدرج!؟،ولماذا تتهم نخبة الحكم الاثيوبى على وجه الخصوص مصر دائما، وتجعل منها شماعة لكل اخفاقات اثيوبيا!، ومع الاسف تزيد هذه الاتهامات كلما زادت ضغوط المجتمع الدولى على الحكم الاثيوبى بسبب أهداره لكثير من حقوق الانسان!،رغم ان العلاقات المصرية الاثيوبية قديمة قدم التاريخ،يعززها تبادل تجارى بين البلدين لم ينقطع منذ عهود الفراعنة، وزاد من وشائج الاتصال العلاقات التاريخية بين الكنيسة القبطية والكنسية الارثوذوكسية الاثيوبية،وحتى فى فترة التناقض الاساسية بين حكم الامبراطور هيلا سلاسى والزعيم عبدالناصر توصل الاثنان إلى صيغة عبقرية تلزم كافة الدول الافريقية احترام الحدود التى تم تخطيطها فى افريقيا فى عهود الاستعمار درءا لمخاطر حروب اهلية كان يمكن ان تدمر افريقيا، وفى ظل هذه الصيغة العبقرية قامت منظمة الوحدة الافريقية واتخذت من اديس ابابا عاصمة لها بموافقة ومباركة مصرية.
وربما تكون فترة حكم جماعة الاخوان المسلمين الاسوأ فى تاريخ طويل لعلاقات البلدين يقوم معظمه على حسن التعاون، عندما عقد محمد مرسى جلسته الديماجوجية المذاعة على الهواء مباشرة وتحدث فيها مستشاروه عن خطط مصر المحتملة لتدمير سد النهضة!..،صحيح ان علاقات مصر واثيوبيا شهدت بعض التوتر خلال فترة حكم الرئيس السادات لكن سرعان ما تم تصحيح هذه العلاقات مع بداية حكم الرئيس مبارك بسبب تقرير مهم كتبه د.بطرس غالى عندما كان وزيرا للدولة للشئون الافريقية، اقترح فيه على الرئيس مبارك اسبتدال علاقات المواجهة مع اثيوبيا بعلاقات الحوار وتعزيز المصالح المشتركة، وسانده فى ذلك تقرير اخر للمهندس محمود ابوزيد وزير الرى الاسبق والخبير المائى العالمى عن فرص الاتفاق على اطار حوارى لدول حوض النيل يعززمصالحها المشتركة..،وخلال هذه الفترة تحسن مجمل العلاقات المصرية الاثيوبية إلى ان وقعت محاولة أغتيال الرئيس مبارك فى اديس ابابا(26يونيو 1995) ساعة وصوله إلى المطار لحضور القمة الافريقية، انقطع بعدها مبارك عن الذهاب إلى اديس ابابا لاسباب تتعلق بامنه الشخصي، لكن العلاقات المصرية الاثيوبية بقيت على حالها إلى ان جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الحكم عام 2014.
ويُحمد للرئيس السيسى انه تجاوز بسرعة استثمار اثيوبيا لفترة الفوضى غير البناءة التى مرت بمصر واستغرقت اربعة اعوام بعد سقوط حكم مبارك، سارعت خلالها اثيوبيا إلى الاعلان عن بدء العمل فى سد النهضة مستثمرة غياب الدولة المصرية وتلهيها فى مشاكلها الداخلية!.
جزء من رؤية حكم الرئيس السيسى لاثيوبيا، ان اديس ابابا سوف تتغلب على مشكلاتها فى يوم غير بعيد، وان امكانات اثيوبيا المتعددة والهائلة يمكن أن تجعلها واحدة من اهم دول افريقيا واكبرها نفوذها لانها تملك 1040كيلومترا من المساحات المائية فى شكل انهار وبحيرات، وتضم اراضيها 11حوضا لانهار بينها نهر النيل، ويسقط عليها 970مليار متر مكعب من الامطار قياسا على 2مليار فقط تسقط على مصر ويتجاوز تعدادها الان مائة مليون نسمة، وتتلقى أكبر كميات من المساعدات تتلقاها دولة افريقية (3.8 مليار دولار فى العام) فضلا عن دورها المتزايد فى حفظ الامن الافريقى من خلال قوات حفظ السلام التى يتشكل أغلبها من قوات اثيوبية، ودورها الامنى الجديد فى منطقة القرن الافريقى فى ظل علاقاتها الوثيقة بالولايات المتحدة!.
واذا كان صحيحا ان هدف اثيوبيا الرئيسى من بناء سد النهضة هو توليد الكهرباء لوفرة مصادرها المائية، وان السد لن يسبب اضرارا جسيمة لمصر ولن يؤثر على مصالحها او حصتها المائية، يصبح من الافضل لمصر واثيوبيا ودول حوض النيل ومجمل العلاقات الافريقية استنفاذ فرص البحث عن تسوية سلمية لمشكلة سد النهضة وتعزيز علاقات التعاون والثقة المتبادلة بين البلدين فى ظل بدلائل متعددة تملكها مصر تحفظ لها حقوقها المائية والقانونية، وربما يساعد الرئيس عبدالفتاح السيسى على نجاح خططه، ادراكه ان مصالح مصر الاساسية تتواجد فى افريقيا، وان علاقاته بدول القارة وعلى وجه الخصوص بدول حوض النيل ينبغى ان تزداد قوة ووثوقا إلى حد اثار حساسية اثيوبيا من زيارة اخيرة قام بها الرئيس الاريتيرى أسياسى أفورقى ضمن زيارات متعددة قام بها الرؤسا ء الافارقة إلى مصر هذا العام هدفها الأوحد تعزيز العلاقات الثنائية وتنمية العلاقات الافريقية الافريقية فصلا عن الزيارات التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى افريقيا وحرصه الشديد على حضور اجتماعى القمة الافريقية التى تعقد مرتين فى كل عام، مرة فى العاصمة الاثيوبية ومرة آخرى فى اى من دولة الافريقية.
وما من شك ان سياسات الرئيس السيسى تجاه اثيوبيا وقضية سد النهضة حققت الكثير من التقدم كما نجحت إلى حد كبير جهوده مع رئيس الوزراء الاثيوبى هيلا ماريام ديسالين فى تحقيق الكثير من التقدم فى مفاوضات سد النهضة رغم الهواجس الاثيوبية التى يثيرها بين الحين والاخر صقور اديس ابابا حول تدخلات مزعومة وغير صحيحة لمصر فى الشأن الاثيوبي!،يقابلها ردود أفعال الاعلام المصرى التى تنبع من هواجس مقابلة تتشكك فى صدق السياسات الاثيوبية حول سد النهضة..،وبرغم هذه الخلافات التى تثور بين البلدين على نحو متقطع نجحت جهود مصر واثيوبيا فى تحديد مسار التفاوض بين البلدين حول سد النهضة، سواء فى اطار اللجنة الفنية الثلاثية التى تضم وزراء الرى المصرى والسودانى والاثيوبى او فى اطار اللجنة السداسية التى تضم معهم وزراء خارجية الدول الثلاثة، إضافة إلى ان مباحثات السيسى وديسالين ولقاءاتهما المتعددة أسفرت عن وجود مرجعيات واضحة ومحددة تلتزم بها مفاوضات سد النهضة هى الاولى من نوعها خارج المرجعيات القديمة التى تتمثل فى اتفاقات ومرجعيات قانونية توثق حق مصر وحصتها المائية من مياه نهر النيل، لاتريد اثيوبيا الاعتراف بها بدعوى انها تمت جميعا تحت سلطة الاحتلال البريطاني!.
وتتمثل المرجعيات الاساسية التى تشكل أول اتفاقات قانونية مباشرة تتعلق بسد النهضة وقعت عليها كل من مصر واثيوبيا فى وثيقتين اساسيتين، اولهما اتفاق التعاون المشترك الذى وقعه الرئيس السيسى ورئيس الوزراء ديسالين فى ملاوى عاصمة غينيا الاستوائية على هامش اجتماعات القمة الافريقية هناك،يؤكدان فيه على مبدأين اساسين اولهما اقرار رئيس الوزراء الاثيوبى ديسالين بان سد النهضة لن يضر بمصالح اى من اطرف دول الحوض بما فى ذلك مصر، وثانيهما اتفاق الجانبين على ضرورة التعاون المشترك بما يضمن استفادة كل الاطراف من مياه النهر.
ويخلص الاتفاق الثانى فى اعلان المبادى الذى وقعه فى الخرطوم فى 23مارس 2015 الرؤساء، السيسى والبشير ورئيس الوزراء ديسالين بعد مفاوضات طويلة خاضها وزراء خارجية الدول الثلاثة مصر وافريقيا والسودان،الذى يمثل اول اتفاق قانونى تعترف فيه الدولتان مصر واثيوبيا بان نهر النيل يمثل مصلحة مشتركة تلزم الجميع عدم الاضرار بمصالح اى طرف، مع ضرورة التعاون وتبادل المعلومات بشفافية كاملة، والالتزام بأجراء الدراسات المطلوبة حول الاثار السلبية المحتملة لسد النهضة على دولتى المصب، وتأكيد الدولتين على اهمية الالتزام بنتائج هذه الدراسات وتنفيذ قراراتها وتوصياتها على نحو ملزم، فى اطار الاعتراف المتبادل بحق أثيوبيا فى التنمية وحق مصر فى الحفاظ على وجودها خاصة انها تعتمد على مياه نهر النيل فى 98% من احتياجاتها المائية سواء للزراعة او مياه الشرب.
وفورتوقيع هذا الاتفاق صحب الرئيس السيسى رئيس الوزراء ديسالين فى زيارة رسمية إلى اديس ابابا القئ خلالها الرئيس السيسى خطابا مهما امام البرلمان الاثيوبي، أعاد فيه التأكيد على هذه الحقائق ليصبح الخطاب وثيقة ثالثة تؤكد على ضرورة التزام اثيوبيا بعدم الاضرار بمصالح مصرالمائية وتنفيذها لكافة التوصيات والقرارات التى تسفرعنها الدراسات العلمية لمجمل الاثار السلبية لسد النهضة على دولتى المصب..،فضلا عن توسيع اطار التعاون الثنائى بين البلدين فى كافة المجالات..،ومايزيد من فرص التواصل والحوار ان الرئيس السيسى يلتقى مع رئيس الوزراء الاثيوبى على الاقل مرتين فى العام دون ان يخلو اى لقاء لهما من التأكيد على نفس المبادئ التى تحول دون الاضرار بمصالح مصرالمائية وتحض الطرفين على التغلب على اية مصاعب يمكن ان تواجهها مفاوضات الفنيين، سواء على مستوى الاجتماعات الثلاثية التى تضم وزراء الرى الثلاثة مصر والسودان واثيوبيا، أوالسداسية تضم إلى جوارهم وزراء الخارجية الثلاثة.
وبرغم صعوبات التفاوض مع اثيوبيا فى ظل مواقف نخبتها الحاكمة وهواجسها المتعددة التى كثيرا ما تجعل من مصر شماعة تعلق عليها أخفقاتها أو تتهمها بالتدخل فى الشأن الداخلى لاثيوبيا دون سند حقيقى كما يحدث الان بصورة فجة ومتعمدة أدت إلى قلب الحقائق لصبح عنوان هذا المقال (عكس المطلوب وعكس الايه....هواجس أثيوبية وتطمينات مصرية) رغم ان المطلوب هو العكس تماما..، وما ينبغى ان تدركه اثيوبيا بوضوح بالغ انه مع شدة حرص مصر على توثيق علاقاتها مع اثيوبيا ورغبتها فى تعزيز العلاقات المشتركة والوصول إلى تسوية صحيحة لمشكلة سد النهضة تقبلها كل الاطراف، فان مصر ترفض بشدة توجيه ايه اتهامات جزافية لها دون دليل، لان مصر تلتزم بعدم التدخل فى الشأن الداخلى لاى من دول القارة بما فى ذلك اثيوبيا، فضلا عن حرصها المتزايد على ضرورة بناء علاقات قوية مع كافة الدول الافريقية خاصة دول حوض النيل، ليس بهدف أحراج أديس ابابا او حصار مواقفها ولكن لتعزيز علاقات دول الحوض بما يمكنها من زيادة موارد نهرالنيل وتحسينها والحفاظ على مصالح كل الاطراف بحيث يصبح الجميع رابحون لان فواقد النهر إذا ما تم الاستفادة منها تكفى احتياجات الجميع وتزيد.
لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.