هناك شكوك فيما ستأتى به الأيام المقبلة، ولكن هناك أمورا تندرج ضمن فئة التوقعات ذات الاحتمال الأقرب إلى التحقق. ومن أهم هذه التوقعات المرجحة، أن العام المقبل سيكون « عام ورق ورق ورق». فقد جاء الواقع مخالفا للتوقعات بأن تكون الكتب من ضحايا كورونا فى 2020، ويتوقع أن تحقق الكتب أيضا مزيدا من المكاسب خلال العام المقبل. فضمن حصاد نهايات العام، خرجت مجلة «الإيكونوميست» الأسبوعية بتأكيدات عن رواج منتظر لسوق نشر الكتب الأمريكية. التقرير الذى أعدته الصحفية ألكسندرا سويش باس، يؤكد أن العام الذى كان من المفترض أن يكون العام الأسوأ على الإطلاق لصناعة الكتب، تحول إلى أحد أفضل أعوامها. فلم تشهد صناعة النشر الأمريكية رواجا مشابها منذ عام 2004. فمع تضاعف مبيعات الكتب الإلكترونية والصوتية، شهدت مبيعات الكتب الورقية هى الأخرى زيادة بنسبة 7% . وذلك رغم الخراب الذى حل ببعض المكتبات، و قيام دور النشر بتأجيل إصدار بعض الأعمال التى كان من المخطط نشرها بسبب الجائحة. والفضل فى الرواج المستمر للكتب المطبوعة، يرجع إلى الأحداث التى شهدتها الولاياتالمتحدة ما أوجد اتجاها قويا للمعرفة، وتحديدا فيما يتعلق بقضايا التمييز العنصرى والحقوق المدنية والتاريخ، إلى جانب الأعمال الأدبية. والأخيرة تحديدا جاءت دواءً شافيا فى أوقات القلق والعزلة، فهى توفر منفذا للهروب من الواقع. واحتلت الأعمال الكلاسيكية التى اختارها القراء عبر السنوات مركزا متقدما فى اختيارات القراء. ويطلق على هذه الفئة من القراءات « القائمة الخلفية»، التى تحظى بثقة القراء بالمقارنة مع الكتب حديثة الإصدار. فيزداد نصيب كتب « القائمة الخلفية» من حجم مبيعات الكتب الورقية من 64% فى عام 2019 إلى 68% فى عام 2020. وساهم عامل الملل فى رواج الكتب. فقد أدت أسابيع العزلة والتباعد الطويلة إلى توليد حالة من الملل إزاء الشاشات، ما ساهم فى رواج الكتب الورقية والمسموعة وإن كانت الأشكال الجذابة للكتب قد ساهمت أيضا فى جذب القراء. وبالنسبة لتوقعات اتجاه القراء فى عام 2021، فالتوقعات ترجح استمرار الإقبال على الروايات الرومانسية والبوليسية والسير الذاتية وكتب الأطفال والروايات المصورة . ويتوقع أيضا استمرار صعود معدل شراء الكتب عن بعد « أون لاين» مع انتشار أوسع للكتب الصوتية. فرغم الثورة الرقمية ، إلا أن الحقائق تؤكد أن عمليات بيع الكتب الإلكترونية لا تزيد على 27% فقط من إجمالى عمليات البيع بسوق الكتب ولم تنجح فى زعزعة عرش الكتب المطبوعة. ويتوقع أيضا أن تستمر حمى الكتب التى تتناول الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته دونالد ترامب. فكما تقول ألكسندرا ألتر، الصحفية فى باب الكتب الخاص بصحيفة «نيويورك تايمز»، «إن ترامب لا يريد التخلى عن وظيفته ونحن أيضا (تقصد الناشرون) نرفض التخلى عنه». وأشارت ألترا إلى أعداد الكتب الصادرة عن ترامب خلال الأعوام الأربعة الأخيرة والتى بلغت 100 كتاب. ورغم عدم وجود أى معلومات عن قيام ترامب بكتابة مذكراته ما بعد انتهاء فترته الرئاسية إلا أن التساؤل حول تأثير صدور تلك المذكرات يدور فى أذهان الناشرين منذ الآن. فمن المتوقع أن تكون مذكراته هى الأكثر مبيعا على الإطلاق من بين جميع الكتب التى تناولته. ومن هذا المنطلق يتأكد أن عام 2021 سيكون « عام ورق ورق ورق».