صناعة النشر إحدي أهم الصناعات الفكرية والحيوية علي مستوي العالم، ومن خلال تطورها وإزدهارها سيكون بمقدور الشعوب كتابة مستقبلهم وتحديد مسارات وفلسفات حضاراتهم، وهذا لايتناسب مع واقع النشر وخاصة الكتاب في الوطن العربي الذي أصبح يواجه العديد من التحديات، المزمنة والمستحدثة، من ارتفاع مستلزمات صناعة الكتاب الورقي، إلي صعوبة توزيعه وتسويقه، إضافة إلي الحروب المستعرة مع الكتاب الإلكتروني من جانب والمزيف علي الجانب الآخر ،الذي لم يعد ينافسه علي »فرشات» الكتب في الشوارع وإنما بتواجده جنبا إلي جنب في المعارض الدولية للكتب. لم يبق غير أيام قليلة علي معرض القاهرة الدولي للكتاب ، الذي تقرر أن يكون في الفترة ما بين 27يناير إلي 10 فبراير 2018 القادم ، بأرض المعارض علي أن يقام في عام 2019 في التجمع الخامس خلف جامع المشير.. في ظل هذه الأوضاع التي يقف فيها الكتاب بمفرده يواجه مصيره، التقيت بالناشر محمد رشاد رئيس إتحاد الناشرين العرب ، الذي يقود سفينة الكتاب في المنطقة العربية ليصف لنا حال الكتاب وما صار إليه، وكيف يواجه مشاكله. • في البداية سألت الناشر محمد رشاد : كيف تري حال الكتاب ونحن علي أعتاب معرضه الدولي؟ لن نترك الكتاب يواجه مصيره بمفرده في معرض هذا العام، رغم الصعوبات التي يواجهها من إرتفاع مسلزمات صناعته، سيظل هناك القاريء الذي يقتني الكتاب، والناشر الذي يقدم أقصي تخفيضات تصل إلي 50% مثلما حدث في العام الماضي، بعض دور النشر خفضت في العناوين الجديدة بسبب المشاكل الإقتصادية التي يعاني منها الناشرون، بعض دور النشر أغلقت لعدم قدرتها علي مواجهة المشاكل الأقتصادية ، رغم كل الصعوبات لن يتخلي الناشرعن الكتاب، لكن لابد أن تقف الحكومات أيضا بجانب الكتاب وتدعمه، وأن يكون هناك تعاون بين اتحاد الناشرين العرب والمصريين والحكومات لانقاذه وعدم تركه يواجه مصيرا مجهولا. • ماذا عن مشكلة أسعار تخصيص مساحات الناشرين التي مثلت خلافا كبيرا في العام الماضي؟ - أعتقد أن هذه المشكلة لن تكون موجودة هذا العام بعد وعد وزير الثقافة الناشرين العرب تخفيض الإيجار من 170 دولارا للمتر إلي 110 دولارا في حال إذا قدموا تخفيضات لاتقل عن 50% علي كتبهم أثناء المعرض، وقد وافقوا بالإجماع، بل أنه من المتوقع أن يزيد حجم مشاركات الناشرين العرب هذا العام. • ما توقعاتك للمعرض، هل ستظل الرواية هي الأكثر رواجا؟ - مؤشرات معارض الكتاب في الفترة الأخيرة أشارت إلي انحسار الرواية أمام الكتاب التاريخي والكتاب السياسي وكتب التنمية البشرية التي باتت تمثل الاكثر مبيعا، أن مسألة الرواج أصبحت تعتمد علي ذائقة القارئ الذي استطاع أن يفرق بين العمل الجاد والعمل الشائع وخاصة بعد فوضي النشر في الأعوام السابقة، وانحسار روايات كثيرة ورواج كتب مثل الكلاسيكيات وأعمال احسان عبد القدوس ونجيب محفوظ وغيرهم من عمالقة الأدب والفكر. كيف يمكن لمعرض القاهرة الدولي للكتاب أن يساهم في زيادة الدخل القومي؟ - من المؤكد أنه يمكن أن يساهم في زيادة الدخل القومي، وخاصة إذا تمكن من تقديم كافة الخدمات للعارضين والناشرين من الإقامة في الفنادق والانفاق علي شراء احتياجاتهم أثناء الإقامة من سفر إلي مشتريات »تنشيط السياحة» إضافة إلي زوار المعرض الذين يأتون خصيصا لشراء الكتب مثلما يحدث في دول كثيرة وكان يحدث ذلك في مصر في بدايات المعرض ، إضافة إلي الصفقات التي تتم بين الناشرين في العالم مثل هذه الأمور تصب في الدخل القومي للبلد لأنها لها مردود سياحي وإقتصادي ما أهم المشاكل التي تعيق الكتاب داخل المعرض؟ - اعتقد أنه من أهم المشاكل التي تعيق الكتاب داخل المعرض فوضي التسويق والبيع، لو كل ناشر تخصص في بيع كتبه لزادت المبيعات وقلت مصاريف المساحات المخصصة للعرض. ما أهم المشكلات المستحدثة والمزمنة التي تعوق الكتاب وكيف يمكن التغلب عليها؟ -هناك العديد من المشكلات التي تعوق الكتاب مثل ضعف الاهتمام بتنمية عادة القراءة لدي الأطفال منذ الصغر،إرتفاع نسبة الأمية في معظم البلدان العربية،عزوف المتعلمين والمثقفين عن القراءة،تعاظم أجهزة الرقابة علي الكتب،اقتصارأكثر المثقفين علي القراءة الاحادية حسب التوجه الفكري، تفشي ظاهرة التقليد»التزوير»، الارتفاع المستمر في معدل الضرائب والرسوم الجمركية علي مستلزمات انتاج الكتاب وغيرها من تأثر اسواق الكتاب نتاج الاحداث السياسية في البلدان العربية. والتغلب عليها يأتي بالتعاون بين الناشرين واتحادهم وبين الحكومات مع اتحاد الناشرين، لأن معظم هذه المشاكل حلها في يد الحكومات العربية عن طريق وضع مشروعات وبرامج ثقافية لتشجيع تحفيز الاطفال والكبارعلي القراءة لتصبح عادة وأسلوب حياة، وضع خطط صارمة للتخلص من الأمية، زيادة المكتبات العامة التي قلت وإعادة الحياة للمكتبة المدرسية بالاضافة الي حل المشاكل الشحن والنقل والجمارك والضرائب بالنسبة لصناعة الكتاب اعتبارالكتاب سلعة ثقافية تنموية وليست سلعة استهلاكية . ما الذي تتوقعه من معرض الكتاب القادم كرئيس لاتحاد الناشرين العرب؟ - رغم كل الظروف التي يمر بها الكتاب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا إلا أنني متفائل من نجاح معرض الكتاب الذي يمثل واحدا من أكبر أسواق الكتاب في العالم لعدد زواره ، ومما يزيد من التفاؤل قرار وزير الثقافة حلمي النمنم تشكيل لجنة دائمة لمعرض الكتاب لأول مرة هذا العام برئاسة د.هيثم الحاج رئيس الهيئة العامة للكتاب والتي سوف تشرف علي معرض هذا العام ومعرض الكتاب في 2019 .