منذ اكتشاف آبار الدفن في سقارة، وحالة الترقب والدهشة للكشف الأثري الكبير لم تنته حتى الآن، فالتوابيت التي تم العثور عليها في حالة جيدة ومازالت محتفظة بألوانها الأصلية تؤكد بحسب الدراسات المبدئية أنها ترجع لعصر الأسرة 26 وأنها تخص مجموعة من الكهنة وكبار رجال الدولة والشخصيات المرموقة في المجتمع. وأعلن الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار عن الكشف الأثري بمنطقة آثار سقارة، قامت به البعثة الأثرية المصرية برئاسة الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، وسط تغطية إعلامية موسعة بجبانة سقارة الأثرية حضرها ما يقرب من 60 سفيرًا أجنبيًا وعربيًا وإفريقيًا في القاهرة وعائلاتهم، وعدد ضخم من وكالات الأنباء والصحف والقنوات التليفزيونية المحلية والأجنبية. وكشفت البعثة المصرية عن ثلاثة آبار للدفن على أعماق مختلفة تتراوح ما بين 10 و 12 مترا، حيث كشف في البداية عن 13 تابوتا، ثم تم الكشف عن 14 تابوتًا آخرين، ثم عدد من التوابيت الأخرى، ليصل إجمالي عدد التوابيت المكتشفة حتى اليوم 59 تابوتا، وأكد الدكتور وزير الآثار والسياحة أن الكشف لم ينته بعد؛ فقد وجدت طبقات من التوابيت والتي سيتم الإعلان عنها لاحقا. تقع سقارة على بعد حوالي 25 كم جنوب هضبة الجيزة، وتُعتبر إحدى جبانات "منف" القديمة والتي تعد من أهم المناطق الأثرية في مصر، وقد اشتق اسمها من اسم الإله "سكر" إله الجبانة مع ملاحظة الإبدال بين القاف والكاف. ويؤكد الأثري محمود الحصري مؤلف كتاب "المواقع الأثرية الفرعونية" في تصريحات ل "بوابة الأهرام"، أنه يتم تقسيم منطقة سقارة إلى عدة قطاعات هم؛ القطاع الشمالي، والقطاع الأوسط، وقطاع هرم "تيتي"، والقطاع الغربي، وقطاع هرم "أوناس"، والقطاع الجنوبي، أما بالنسبة للقطاع الغربي فهو يضم "السرابيوم" ومجموعة من المقابر. وأوضح "الحصري" أن الأسرة السادسة والعشرين عرفت بالعصر الصاوي لأنها كانت تحكم من خلال "سايس" وهي "صا الحجر" الحالية مركز بسيون محافظة الغربية، ويسمى هذا العصر ب عصر النهضة لأن مصر فاقت من كبوتها وأصبحت دولة مستقلة ومتطورة على يد مؤسس الأسرة وهو الملك "بسماتيك" الأول. كان بسماتيك من الملوك العظماء في مصر القديمة فقد طرد الآشوريين من مصر، وقد أورد الكثير من المؤرخين منهم هيردوت قصصا أسطورية عنه وعن بطولاته وإسهاماته في مصر، وعن رحيله الغريب حال تحركه لمساعدة ملك بابل في العراق، وقد أعلنت وزارة الآثار في عام 2017م عثورها على تمثال له في منطقة المطرية وذلك بعد التحري على الكتابات في ظهر تمثاله. وقال الدكتور مصطفى وزيري إن الكشف تم على عدة مراحل حيث بدأت البعثة أعمال الحفائر في أغسطس الماضي حيث عثرت على 13 تابوتا ومع استمرار الحفر والتنقيب توصل الأثريون إلى اكتشاف 14 تابوتًا آخر حتى وصل عدد التوابيت إلى 59 تابوتا، بالإضافة إلى العثور على 28 تمثالا خشبيا للإله بتاح سوكر وهو الإله الرئيسي لجبانة سقارة. بالإضافة إلى عدد كبير من تماثيل الأوشابتي والتمائم، وكذلك تمثال من البرونز للإله نفر توم مطعم بالأحجار الكريمة، مثل العقيق الأحمر والتيركواز والأزاوارد، يبلغ طول التمثال 35 سم، و كتب على قاعدته اسم صاحبه وهو الكاهن بادي- آمون، كما تم العثور على تمائم وتماثيل أوشابتي مصنوعة من الفاينس. تقع "صا الحجر" والتي صنعت عصر النهضة على الضفة الشرقية لفرع رشيد على بعد 7 كم من مدينة "بسيون" ويؤكد محمود الحصري أن صا الحجر عُرفت في اللغة المصرية القديمة باسم "ساو"، ثم حرفها الإغريق إلى "سايس"، ثم أُضيفت في اللغة العربية كلمة "الحجر" إشارة إلى كثرة أطلالها الحجرية، وكانت مدينة "ساو" عاصمة الإقليم الخامس من أقاليم مصر السفلي الذي يسمى "نيت-محيت" أي "إقليم نيت الشمالي". وأكد الحصري أن اكتشاف سقارة الكبير لم ينته بعد مضيفًا أن سقارة على مدار تاريخها ضمت أشهر المنقبين مثل أوجاست مارييت، دي مورچان، والتر إمري، جيمس كويبل، باتيسكومبي جن، زكي سعد، سليم حسن، ميروسلاف فيرنر، ميروسلاف بارتا، زاهي حواس، نجيب قنواتي، صبري فرج، مصطفى وزيري. جانب من أعمال الترميم محاضرة عن التوابيت المكتشفة أحد التماثيل المكتشفة أحد التوابيت المكتشفة مجموعة من التوابيت المكتشفة