فتح الكشف الجديد لوزارة الآثار المصرية، والذي من المقرر أن يعلن قريبا عن تفاصيله، باب الفضول والتساؤلات لدي الكثيرين، بعد أن قالت الوزارة إن بئر الدفن المكتشفة يبلغ عمقها نحو 11 مترا، وعُثر بداخلها على التوابيت الخشبية الملونة المغلقة مرصوصة فوق بعضها البعض في منطقة سقارة . وزير السياحة والآثار، خالد العناني ، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفي وزيري، قاما بتفقد أعمال حفائر البعثة الأثرية المصرية العاملة بمنطقة آثار سقارة، والتي أسفرت عن الكشف الأثري الجديد، ونشر الأمين العام الكثير من الصور والفيديوهات للكشف الأثري الجديد علي صفحته بموقع التواصل وفيديوهات للنزول لعمق البئر، مؤكدا أنها لم تفتح منذ آلاف السنين "بوابة الأهرام" تزامنا مع الاكتشاف الجديد، تنشر قصة "سقارة "مع الاكتشافات الأثرية عبر العصور. فيما يخص الاكتشاف الجديد رجحت الدراسات، - بحسب بيان وزارة الآثار-، أن يتم العثور على المزيد من هذه التوابيت داخل النيشات الموجودة بجوانب البئر، والتي تم فتح إحداها وعثر بداخلها على عدد من اللقى الأثرية والتوابيت الخشبية، وأنه ربما يضم هذا الكشف الجديد أكبر عدد من التوابيت بدفنة واحدة منذ اكتشاف خبيئة العساسيف بالأقصر. يمثل إله سقارة عند المصريين القدماء شكل إنسان يحمل رأس صقر، وهو الإله المحلي لجبانة منف، وقد أطلق عليها هذا الاسم "سقارة" علي المنطقة التي تضم مقابر، ويؤكد الأثريون أن جبانة سقارة تمتد لمسافة 4 أميال طولا وعرض ميلين وتضم فيها الأهرامات والمعابد الجنائزية، وتختلف مقابرها عن أي مقابر أثرية في أقاليم مصر. يقول "علي عاشور الجابري في كتابه الذي دون رحلته للمنطقة في خمسينات القرن الماضي، إن سقارة ظهرت بعد أن قرر الملك زوسر نقل العاصمة إلي منفيس، حيث أمر بأن تبني له مقبرة بجوار منف، وأن يعتني بمرقده الأخير، واختار أمحوتب كبير وزرائه لتخطيط هذه البقعة، وبني الهرم المدرج ليكون الحدث هو مولد سقارة. منتصف القرن التاسع عشر، بالتحديد عام 1850م، حضر الفرنسي أوجست فرديناند مارييت لمصر لشراء مخطوطات قبطية لمتحف اللوفر بباريس، لكنه عند زيارته لمنطقة سقارة تغيرت وجهته تماما، حيث وقع علي تمثال صغير يطل برأسه من بين الرمال، فأخذ يكشف عنه فإذا به يجد تمثالا صغيرا يشبه أبوالهول، وبهذا الكشف بدأ عمله الكشفي في منطقة سقارة. سخر "مارييت" المال الذي أحضره لشراء المخطوطات القبطية والكشف عن حدائق سقارة الأثرية، ولمدة عامين عمل استراحة له باسمه في المنطقة، وفي عام 1852م كشف عن الكثير عن آثار سقارة، منها مقبرة العجول وغيرها من الاكتشافات التي خلدت اسمه في عالم الآثار، وقد كشف مارييت عن صفحة مطوية من صفحات التاريخ، كانت تقبع في رمال الصحراء، وقد استخدمته الحكومة المصرية فعينته مديرا لمصلحة الآثار، وظل بها حتي وفاته عام 1881م فدفن في تابوت خاص أمام المتحف المصري بناء علي وصيته، وقد كرمته مصر لمجهوداته العظيمة وتم وضع تمثال تذكاري له بالمتحف بالقرب من ضريحه. اكتشف "مارييت" الكثير من التوابيت التي كانت تضم العجل أبيس المحنط المحاط بعقود الذهب والأحجار الكريمة والنفيسة، وهي التوابيت التي نجت من اللصوص في أزمنة سابقة، بعد أن استعصي عليهم زحزحة الأغطية الحجرية، وقد كان السرابيوم عبارة عن ثلاثة أنفاق تحت باطن الأرض وفي صميم الكتلة الحجرية، يبلغ مجموع الطول 1150 قدما وعرضه 10 أقدام وارتفاعه 7 أقدام، وقد عثر مارييت علي 4 آلاف لوحة تذكارية سجل فيها بعض الملوك زيارتهم لهذه المقبرة، بالإضافة لتسجيل بعض الأحداث الهامة، كحادثة العجل أبيس الذي قتله الملك الغازي قمبيز الفارسي والذي لقي حتفه وجيشه في الرمال. من الغرائب أن العاصمة منف أروع مدن العالم القديم لم تحتفظ بمعالمها وآثارها مثل سقارة، والسبب كما يرجع الأثريون لعوامل الطبيعة القاسية، بالإضافة إلى أن المصريين القدماء كانوا يعتقدون أن الحياة الدنيا زخرف وزينة فانية، وقد بذلوا النفيس والغالي في سبيل المحافظة علي مقابرهم والاستعداد للموت، فبقيت زخارفها وزينتها، ومازالت سقارة غنية بالنقوش والمقابر البديعة التي صنعها المصريون على أرضها. يقول الأثري محمد محيي في تصريحات ل"بوابة الأهرام" أنه توجد اكتشافات عديدة تمت في سقارة سواء في عصر مارييت أو بعده، وهي الاكتشافات التي تؤكد علي أن حقول آثار سقارة لا تنضب، وأنها تقدم الجديد في علم المصريات، مؤكدا أن من ضمن الاكتشافات البديعة في وقتنا الحالي "مقبرة كاهن التطهير الملكي في عهد الملك "نفر اير كا رع"، وهو اكتشاف تم وصفه في العالم بالاكتشاف المثير، بالإضافة للعديد من الاكتشافات المذهلة. وأوضح "محيي" أن اكتشاف وزارة الآثار الأخير هو من أعظم المكتشفات الأثرية وأهمها، حيث سيتم تحديد هوية ومناصب أصحاب هذه التوابيت أو عددها الإجمالي من قبل وزارة الآثار، لافتا إلى أنه سيتم الإجابة على هذه الأسئلة خلال الأيام القليلة القادمة، من خلال استمرار أعمال الحفائر وما تقوم به وزارة الآثار للكشف عن كنوز الآثار المصرية وعظمتها الخالدة. آثار سقارة آثار سقارة آثار سقارة الفرنسي أوجست فرديناند مارييت