مقابر «السرابيوم» هى مقابر لدفن الثور أبيس وهو الحيوان الذى كان مبجلاً لدى الحضارة المصرية القديمة، وهى تعتبر أيضا فى طريقة بنائها معجزة مثل معجزة بناة الهرم كما يقول كبار مهندسى وعلماء العالم المعاصر. ويعرف أن المصرى القديم حرص من خلال إنشائه السرابيوم على إنشاء مقابر لمومياوات العجل أبيس الذى كان مقدسا فى فترة الأسرات الفرعونية، حسب معتقدات القدماء.. وجاء اسم السرابيوم من ضم اسم العجل أبيس، الرمز الحى للمدعو «بتاح» مع الاسم الذى أطلقه عليه اليونانيون أو سرابيس، عندما اختلطت عبادة الإلهة حسب معتقداتهم القديمة، ولربط الديانة المصرية باليونانية، ولذلك سميت المقبرة أبيس بالسرابيوم. وقد بدأ إنشاء هذه المقبرة بدءا من الأسرة ال18 (الملك أمنحتب الثالث) حتى الأسرة 19 (الملك رمسيس الثانى)، والأسرة 26 (الملك بسماتيك) حتى الأسرة 30 فى عمل استمر حتى العصر البطلمى، وبعد دخول الإسكندر الأكبر أى (1405ق.م- 332ق.م)، كانت تتم عبادة العجل أبيس فى منفاه. وبعد وفاته كان يتم تحنيطه فى معبد تم تشييده فى ميت رهينة بسقارة، وهو ما زال موجودا، ويشار إلى أنه تم اكتشاف المقبرة عام 1851 على يد العالم الفرنسى ميريت الذى كان مديرا للمتحف المصرى، وقد وجد التوابيت خالية من العجول، غير أنه لم يتبق سوى تابوت واحد مغلق لم يتمكن من فتحه سوى بالديناميت، وتم العثور فيه على مومياء العجل ومعه بعض المجوهرات. • قصة الاكتشاف حضر أوجست مارييت إلى مصر فى أغسطس عام 1850 موفدا من وزيرى الأشغال العامة والداخلية فى فرنسا لنسخ وعمل قائمة بالمخطوطات القبطية والسريانية المحفوظة فى الأديرة القبطية. عندما واجه بعض الصعوبات فى تنفيذ مهمته بالإسكندرية كان عليه التوجه إلى القاهرة للحصول على تصريح من البطريك نفسه، وعند وصوله للقاهرة كان عليه الانتظار لمدة خمسة عشر يوما للقاء البطريك وهنا أراد العالم الفرنسى أن يستثمر وقته فى زيارة بعض المناطق الأثرية فى الجيزة وسقارة وميت رهينة. وكان مارييت قد شاهد فى بعض القصور التى زارها بعض تماثيل أبوالهول منقوشا عليها عبارة «أزوريس- أبيس» وفى كل مرة كان يسأل عن مصدر هذه التماثيل كانت الإجابة «سقارة».. وفى اليوم التالى لوصوله للقاهرة قام مارييت بتجهيز بعض البغال والحمير المحملة بالخيام والمؤن لزيارة سقارة، ويقول عن هذا إنه جلس على ربوة وشاهد رأسا لتمثال أبوالهول مطمورا فى رمال الصحراء، وهنا تذكر عبارة أوردها سترابون «إن الطريق إلى السرابيوم يحفه تماثيل لأبى الهول»، وهنا قرر أن يقوم بالبحث عن السرابيوم. قام مارييت خلال الفترة من 1581 إلى 4581 بأربعة مواسم للحفائر: وكشف فيها عن الممر الكبير أو ما يسمى بالسرابيوم الكبير الذى كرس لدفنات الثور أبيس من العام 25 من حكم بسماتيك الأول «الأسرة 62» إلى العصرين اليونانى والرومانى. الثانية من 51 فبراير إلى 51 مارس 2581 كشف خلال هذا الشهر عما يسمى السرابيوم الصغير والمدفون به الثيران التى نفقت من العام 03 من حكم رمسيس الثانى «الأسرة 02» إلى العام 12 من حكم بسماتيك الأول «الأسرة 62». اما موسم الحفائر الثالث من 51 مارس إلى 51 سبتمبر 2581، فقد كرسه للكشف عن المقابر المنفردة التى دفن بها الثيران أبيس من عصر الأسرة 81. وفى الموسم الأخير من 51 سبتمبر2581 إلى 42 سبتمبر 4581 قام مارييت بتسجيل كل ما عثر عليه من آثار إبان حفائره السابقة. • الأبناء ومعجزة الأجداد فى بداية التسعينيات طالب المجلس الأعلى للآثار لجنة هندسية لمعاينة لمعبد السرابيوم أساتذة كلية الهندسة جامعة القاهرة كان على رأسها أ.د.حسن فهمى والأستاذ الدكتور هانى هلال، حيث طلبت اللجنة بعد الدراية بإجراء عملية تنظيف للفراغات الموجودة حول الممر الكبير بالمعبد مما أدى إلى إعادة الكشف عما يسمى بالسرابيوم الصغير الذى سبق واختفى تماما جراء الحفائر التى قام بها أوجست مارييت فى عام 2581، وكانت هذه هى البداية لهذا المشروع الكبير الذى تكلف نحو21 ونصف مليون جنيه- ويقول عن التفاصيل الهندسية للمشروع الأستاذ الدكتور حسن فهمى افتتح للجمهور فى 2102: إن السرابيوم الذى يعد معجزة مثل الأهرامات حير علماء وكالة ناسا للفضاء الأمريكية لثلاثة أسباب. عندما جاءوا إلى هنا كان السؤال الأول: كيف جاءت هذه الكتل الجرانيتية من جبال أسوان إلى هنا دون حدوث أى كسر أو حتى تلف فى هذه الكتلة التى صنعت منها التوابيت؟!! ثانيا: كيف تم عمل هذا النفق الذى يعد أول نفق فى العالم منذ آلاف السنين؟!! ثالثا: كيف وضعت التوابيت فى موقعها الحالى وحسب أى معادلات هندسية تعتبر معجزة وخصوصا أنه تم كشف النفق الموازى للتهوية، ثم أضاف د.فهمى قائلا: ذلك أى مجموعة مهندسين فى العالم تريد عمل نفق أو مترو تجدها تأتى وتشاهد معجزة السرابيوم. أخيرا لقد فتح السرابيوم أبوابه لكل زائريه من مصريين وأجانب، فالمصرى يتباهى بأجداده، والأجانب لكى يعرفوا قيمة هذا البلد العظيم. •