تنطلق الخميس المقبل.. امتحانات الصف السادس الابتدائي نهاية العام 2025 بالقليوبية    البابا تواضروس يهنئ بابا الفاتيكان.. ووفد كنسي يحضر التنصيب    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    «مشاكل فنية وتراجع كبير في مخزون المياه».. سبب إغلاق بوابات مفيض سد النهضة    من صعيد مصر.. البنك الأهلي ينظم حوارا مفتوحا مع عملاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة    وزير العمل يتفقد مديرية العمل بدمياط ويؤكد دعم التدريب والتشغيل ودمج ذوي الهمم    المركزي يتوقع نموا اقتصاديا أعلى من توقعات الحكومة العامين الحالي والمقبل    ثروة للبترول تعلن زيادة الاحتياطات المؤكدة بمنطقة غرب كلابشة 3.5 مليون برميل    وزير التعليم العالي: القاهرة الكبرى تستحوذ على 41% من موازنة التعليم.. و20% للصعيد    الداخلية السعودية تدعو للإبلاغ عن مخالفي أنظمة الحج    المشاط تبحث مع المفوض الأوروبي للشراكات الدولية سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية مع فريق أوروبا    "تنكروا بملابس نساء".. تفاصيل عملية إسرائيلية خاصة في خان يونس    وزير الخارجية الإيراني: التخصيب حق قانوني لإيران وليس قابلًا للتفاوض    الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء 3 مناطق في جنوب غزة    إعلام روسي: روسيا تصنّف "العفو الدولية" منظمة غير مرغوب فيها    مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال    تزوجى من غيرى ولا تحرمى نفسك من شىء .. آخر كلمات إيلى كوهين لزوجته فى وصيته    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    تقارير: مانشستر يونايتد يقترب من إتمام صفقة ماتيوس كونيا    الزمالك يعلن إرسال مستحقات باتشيكو لإنهاء أزمة إيقاف القيد    وزير الرياضة يُشيد بتنظيم البطولة الأفريقية للشطرنج ويعد بحضور حفل الختام    اندلاع حريق بمزارع نخيل في قرية القصر بالوادى الجديد -صور    مصرع شخص وإصابة سيدة فى حادث انقلاب سيارة بالدقهلية    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025    حملات أمنية لضبط متجري المخدرات والأسلحة والهاربين من تنفيذ الأحكام    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    «كتم أنفاسه ب كوفية».. تأجيل محاكمة المتهم بقتل زميله في القليوبية    تنطلق يوليو المقبل.. بدء التسجيل في دورة الدراسات السينمائية الحرة بقصر السينما    أسعار تذاكر المتحف المصري الكبير قبل الافتتاح الرسمي.. ومواعيد الزيارات    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار الرئيس الجديد لأكاديمية الفنون    إلهام شاهين تشيد بفيلم المشروع X: «أكشن بمستوى عالمي» (صور)    ركن نجيب محفوظ بمكتبة الإسكندرية.. ذاكرة حيّة لأديب نوبل    متى وقفة عيد الأضحى 2025 في مصر؟.. فضل صيامها والأعمال المستحبة في اليوم المبارك    جامعة سوهاج تطلق قافلة طبية بقرية الكوامل بحري -صور    مجلس الوزراء : لا وجود لأي متحورات أو فيروسات وبائية منتشرة بين الدواجن    بعد تشخيص بايدن به.. ما هو سرطان البروستاتا «العدواني» وأعراضه    محافظ الدقهلية يتفقد عيادة العباسي للتأمين الصحي    باستعدادات استثنائية.. صور من امتحانات نهاية العام بجامعة حلوان التكنولوجية    كشف ملابسات مشاجرة 5 أشخاص في المطرية    مسابقة الأئمة.. كيفية التظلم على نتيجة الاختبارات التحريرية    إعلام عبري: نائب ترامب قرر عدم زيادة إسرائيل بسبب توسيع عملية غزة    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين 19-5-2025 فى الإسماعيلية.. فيديو    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    "أونروا": تضرر وتدمير 92% من المنازل فى قطاع غزة    صدامات نارية في إياب ربع نهائي كأس عاصمة مصر مساء اليوم    باكستان والهند تردان على "انتهاء وقف إطلاق النار"    "القومي للمرأة" يستقبل وفدا من كلية الشرطة الرواندية وكبار الضباط الأفارقة    "الإدارة المركزية" ومديرية العمل ينظمان احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    أسطورة مانشستر يونايتد: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف 2025    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    نجم بيراميدز يرحب بالانتقال إلى الزمالك.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة مواجهة القبح العمراني والسلوكي
نشر في بوابة الأهرام يوم 21 - 08 - 2020

بلدنا جميلة بنيلها وشواطئها وآثارها، ويمكن أن تصبح أكثر جمالا بقليل من الاهتمام، وأول بنود هذا الاهتمام هو الشعور بمواطن الجمال، وللأسف فإننا نتعامل مع عمليات تجميل وتخطيط الميادين على أنها مقاولات وليست عملا جماليا، المهم أن يربح المقاول وتعم الفائدة على الموظفين.
فإذا كانت مدينة الأقصر تعد أكبر وأقدم مدن مصر وهي أكبر متاحف العالم المفتوحة ، فلا يمكن أن تأتى بقطعة آثار مقلدة من الموسكى مثلا وتضعها في أحد ميادينها، وإلا فإنك تشوه ذلك الفن والتاريخ، ولا تعرف قيمة هذا المتحف الكبير، ولا تشعر بقيمته ولا روح من أنجزوا تلك المعجزات المعمارية والفنية.
ولهذا كانت صدمتى كبيرة عندما شاهدت ما اعتبرته محافظة الأقصر تجميلا لميادينها الرئيسية، وكانت البداية منتصف العام الماضى عندما تم وضع مجسم مشوه يشبه مفتاح الحياة في ميدان «مرحبا» القريب من معبد الأقصر، وبعد انتقادات عديدة تم نقله إلى نهاية شارع خالد بن الوليد بعيدا عن المنطقة الأثرية.
إلا أن الأمر لم ينته عند ذلك بل تكرر في ميدان «النوفوتيل» منذ أيام حيث تم وضع مجسم مستطيل الشكل كتب عليه اسم مدينة الأقصر وقد أثار هذا المجسم العديد من الانتقادات أيضا بين الأهالى لعدم وضوح دلالة الشكل الخاص بالمجسم فهل تم وضعه فقط لكتابة اسم المدينة أم كان ينبغى إضافة لمسات فنية وجمالية ذات صلة بتراث الأقصر وقيمتها؟ فلماذا كل هذا الإصرار على القبح واختيار كل ما يشوه مشروع الهوية البصرية لمحافظة الأقصر، ذلك المشروع الذي تبناه الرئيس عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الوطني السادس للشباب في جامعة القاهرة كجزء من مشروع ترسيخ الهوية البصرية لمصر، ليعكس التنوع الحضارى والتاريخى أمام السائحين.
فلم تنضب مصر من الفنانين العظام، بل لدينا فنانون تلقائيون في فن النحت وغيره، يصنعون تماثيل ولوحات فرعونية غاية في الإتقان والجمال، يبيعونها للسائحين المبهورين بقدرات هؤلاء العمال أحفاد الفراعنة.
وقد شاهدت بنفسى الكثير من أعمال النحت لطلابنا في مشروعات التخرج في عدد من كليات الفنون بالجامعات المصرية، وأبهرني إنتاجهم المتميز والرائع، ولهذا كانت صدمتى من اختيار مجسمات مشوّهة ووضعها في أهم ميادين الأقصر. فيتجلى التباين الواضح بين القبح المستجد وبين آثار المتحف الرائع الجمال، أو تلك النقوش القديمة الرائعة، وأحزن على ما حدث، ولا أجد سببا لذلك إلا انعدام الذوق، فإذا لم يستطيعوا أن يبدعوا فليتركوا التجميل لأصحابه، ويتركوا الميادين كما هى أو يزرعوها وردا وأشجارا، لكن لا يضعوا تلك المسوخ المشوّهة التى تثير سخرية سكان الأقصر ودهشة السائح الأجنبى الذى شاهد التحف العمرانية والفنية ونقوش أجدادنا الرائعة التى مازالت تحتفظ بألوانها الزاهية منذ آلاف السنين ويقارنها بهذا التشويه البصري والفنى.
ألا توجد لجنة فنية من الكليات المتخصصة وكبار فنانينا تراجع مثل هذه الأعمال قبل وضعها في الميادين؟ أم أن الأمر متروك لذوق المقاولين الذين لا يعرفون إلا الأعمدة الخرسانية وأعمال التبليط؟ ألا يمكن إجراء مسابقة بين الفنانين والمبدعين يتم من خلالها توسيع قاعدة الاختيار لنضمن اختيار الأفضل والأنسب لكل ميدان وفقا لطبيعته وقيمته وتاريخه؟
والأمر ليس مقتصرا على الأقصر فقط فخلال جولاتى في القاهرة شاهدت الكثير من الأعمال الجديدة والغريبة في الميادين، وتأكدت أن مقاولى الباطن يتحكمون في شكل شوارعنا ومياديننا، فلا يمكن أن تكون تلك التشوهات لشخص لديه حد أدنى من التذوق الجمالى، وخصوصا طريقة تعاملهم مع الثروة العمرانية الجميلة، مثل القاهرة الخديوية أو غيرها من المناطق الأثرية.
أما تلك القسوة في قطع الأشجار في مذابح جماعية فكان بالإمكان تجنبها أو على الأقل التقليل من عمليات الهدم والذبح والتدمير، وكأنهم في معركة مع كل شيء جميل وقديم يحمل عبق حضارتنا القديمة والمتميزة، فنريق دماء المبانى والآثار والأشجار بقلب أقسى من الحجر، لأننا ببساطة نغلِّب السرعة على الإتقان، والمكسب المالى على الروحى والفنى، ولا نشعر بقيمة العمارة القديمة وبهائها.
نعرف جميعا أن أعدادا هائلة من الفيلات والقصور جرى هدمها خلال العقود الماضية في أحياء راقية لاستغلال أرضها الثمينة في بناء عمارات ضخمة وقميئة في الوقت نفسه دون لمسة جمال معمارية، والهدف هو تحقيق الربح، والمبررات جاهزة، فصاحب العقار القديم يؤجره بجنيهات قليلة وهذا ظلم، بينما يمكنه أن يربح الملايين إذا هدم العقار الجميل وبنى مكانه برجا شاهقا به متاجر ومكاتب وعيادات، ولهذا يمكن للدولة أن تتدخل لإنقاذ بعض هذه الكنوز المعمارية، فتشتريها من أصحابها، أو تعوضهم عنها لتبقى عليها، فنحافظ على ما تبقى من كنوزنا المعمارية القديمة في وسط القاهرة والأماكن القديمة في مختلف المدن.
روح مدننا القديمة تشوهت بهذا الزحام الشديد الناتج عن التنافس على إنشاء الأبراج الشاهقة، بالمخالفة في الغالب لقوانين البناء، فرسَّخت أمرا واقعا على شوارعنا ومياديننا ومشاعرنا وذوقنا، وعلينا أن نحترم تراثنا وأن نزرع في أبنائنا قيم الفن والجمال حتى يحبوه ويحترموه، ونوقف تلك السلوكيات المشينة التى تأتى على ما تبقى لنا من قيم الجمال والأصالة.
أتمنى أن أشهد وأشارك في معركة لمواجهة القبح، وترسيخ قيم الذوق والجمال العمرانى، فهو أحد أهم علامات التقدم والرقى الإنسانى، ونحن جديرون بأن تصبح مدن مصر من صعيدها ومعابدها الفرعونية حتى الساحل الشمالى وشرم الشيخ والغردقة وكل مدننا الجميلة الجديدة والقديمة أكثر جمالا، بأن نحافظ على ما بها من كنوز عمرانية وأشجار جميلة، ونحرص على نظافتها.
مارينا.. تشوه جمالى
صدمت من استمرار مخالفات لا تقل خطورة وسوءا، وللأسف وجدت هذا التشوه في بقعة كانت من أجمل شواطئ الساحل الشمالى، ومن أوائل القرى السياحية التى جعلتها تنبض بالحياة والجمال، وهى مارينا التى كنا نتباهى بجمالها، فإذا بأيدى التشويه تمتد لتغزو شواطئها بعد أن قام جهاز المدينة بتأجير الشاطئ، فقام المستأجرون بالاستيلاء عليه وبنوا منصات خشبية وبلاستيكية حجبت رؤية البحر عن سكانها ومرتاديها وحولوا الشاطئ إلى مواقف مخالفة لانتظار السيارات لأن أصحابها يريدون إيقافها على الشاطئ مباشرة، ويضعون فيها ما يريدون أن يشربوه أو يدخنوه.
وقد ضج السكان بمارينا 5 و6 بالشكوى وقدموا بلاغات لعدة جهات رسمية دون مجيب، فتمادت أيدى القبح لتنتقل من تشويه الجمال الطبيعى للساحل إلى تشويه القيم الأخلاقية فيضعون السماعات العملاقة لإحداث أقوى ضوضاء وأشدها صخبا، ليقيموا حفلات ماجنة، فيبثوا موسيقاهم المزعجة، ويرقصوا رقصاتهم الغريبة، ويمارسوا سلوكياتهم المعيبة، ولا يعرفوا الفرق بين الاستمتاع بالجمال، واللهو العبثى الذى يستفز الأعين والآذان والمشاعر ويهدر قيم الجمال والأخلاق، ولا يكتفوا بذلك بل يضيّقوا الخناق على من جاءوا للاستمتاع بالهدوء والجمال، فحزنت على ما آلت إليه تلك القرية السياحية الجميلة، وتذكرت كيف كانت يوما واحة للجمال لمن يريد الاستجمام والاستمتاع بمياه بحرنا ورماله وشمسه وجمال الحدائق والبحيرات الصناعية وحمامات السباحة والجمال الأنيق.
* نقلًا عن صحيفة الأهرم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.