موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    انضمام مجلة "حوار جنوب- جنوب" بجامعة أسيوط إلى قاعدة البيانات الرقمية "معرفة"    أيقونة "رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر" هدية للبابا لاون الرابع عشر    شركات الأسمنت تُعلن زيادات جديدة في الأسعار تطبق من الثلاثاء المقبل    عاجل | التموين تكشف على منافذ جمعيتي من القاهرة إلى أسوان بعد ظهور مخالفات (مستند)    رسوم ترامب الجمركية تلقي بظلال سلبية على توقعات نمو الاقتصاد الأوروبي    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يطلق خطة تحويل «القاهرة» إلى مدينة خضراء    البيت الأبيض: فرض عقوبات ضد روسيا مسألة لا تزال قيد المناقشة    بريطانيا وإيران تتبادلان استدعاء كبار دبلوماسيهما في اتهامات بالتجسس    محمد صلاح يكشف كواليس تجديد عقده مع ليفربول    النيابة العامة تقرر إنهاء أثر قرار إدراج بعض الأسماء بقوائم الكيانات الإرهابية    العثور على 5 جثث أثناء تنقيبهم عن الذهب في منطقة العلاقي الجبلية بأسوان    مصرع سائق في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    إصابة صاحب فرن بطعنة نافذة في مشاجرة على الخبز    محافظ كفر الشيخ: متحف الآثار يُعد منارة ثقافية وسياحية لأبناء الدلتا    عرض الوصل يضيء خشبة مسرح قصر ثقافة الزعيم بأسيوط حتى الخميس المقبل    كريم عبدالعزيز ل«الشروق»: تعبنا واتهلكنا في فيلم المشروع X.. وتصويره استغرق 9 أشهر    ب 157.1 مليون جنيه.. مصر على قمة شباك تذاكر السينما في السعودية (تفاصيل)    على نفقته الخاصة.. الملك سلمان يوجه باستضافة 1000 حاج وحاجة من الفلسطينيين    حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل أمانة الحماية الاجتماعية برئاسة سامي شاهين    استقالة كامل أبو علي من رئاسة المصري    آرسنال يختتم الدوري الإنجليزي بدون مدربه مايكل أرتيتا.. ما السبب؟    أمجد الشوا: الاحتلال يفاقم الكارثة الإنسانية بغزة ويتجاهل الضغوط الدولية    بسبب مشاجرة أطفال.. الإعدام ل3 متهمين والسجن لرابع في جريمة ثأر بأسيوط    وزير الرياضة يُشيد بتنظيم البطولة الأفريقية للشطرنج ويعد بحضور حفل الختام    الإسراع بتعظيم الإنتاجية.. وزارة البترول تكشف معدلات إنتاج حقول بدر الدين    وزير الإنتاج الحربي: نعمل على تطوير خطوط الإنتاج العسكرية والمدنية    جوزاف عون يدعو شيخ الأزهر لزيارة لبنان وإعادة افتتاح المعهد الأزهري في بيروت    الكاتب الصحفي كامل كامل: تقسيم الدوائر الانتخابية يضمن العدالة السياسية للناخب والمرشح    طريقة عمل شاي الكرك الوصفة الأصلية وأهم فوائده    وزارة الصحة تدعم مستشفى إدكو المركزي بمنظار للجهاز الهضمي    «لا نقاب في الحرم المكي».. عضو مركز الأزهر توضح ضوابط لبس المرأة في الحج    السعودية: إطلاق المعرض التفاعلي للتوعية بالأمن السيبراني لضيوف الرحمن    إيلي كوهين اللغز في الحياة والممات.. ومعركة الأرشيف والرفات    وقفة عيد الأضحى.. فضائلها وأعمالها المحببة وحكمة صيامها    البرهان يعين المسؤول السابق بالأمم المتحدة كامل إدريس رئيسا للوزراء بالسودان    روسيا تحظر منظمة العفو الدولية وتصنفها" منظمة غير مرغوب فيها"    محافظ الدقهلية يكرم عبداللطيف منيع بطل إفريقيا في المصارعة الرومانية    توسعات استيطانية بالضفة والقدس.. الاحتلال يواصل الاعتقالات وهدم المنازل وإجبار الفلسطينيين على النزوح    رئيس الوزراء الهندي يشن هجوما لاذعا ضد باكستان    مجلس الوزراء: لا وجود لأي متحورات أو فيروسات وبائية بين الدواجن.. والتحصينات متوفرة دون عجز    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    تعرف على طقس مطروح اليوم الاثنين 19 مايو 2025    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار الرئيس الجديد لأكاديمية الفنون    بعد تشخيص بايدن به.. ما هو سرطان البروستاتا «العدواني» وأعراضه    مسابقة الأئمة.. كيفية التظلم على نتيجة الاختبارات التحريرية    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    أسطورة مانشستر يونايتد: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    نائب وزير الصحة يتابع ميكنة خدمات الغسيل الكلوي ومشروع الرعايات والحضانات    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف 2025    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وصية يحي الزيني تنتظر من ينفذها
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 07 - 2016

مات يحيى الزينى فى صمت منذ أسابيع فصارت ذاكرة المدينة فى مهب الريح، كان حضور المعمارى وأستاذ الجامعة والمفكر يحيى الزينى يذكرنا دائما بأن الأصل فى العمارة هو الذوق وأن الأصل فى التدريس هو القدوة وأن الأصل فى المفكر هوالوعى بقيم التاريخ والرؤية المؤهلة للانطلاق نحو المستقبل.
كانت آخر كلماته لى منذ ثلاث سنوات حين نشرت بملحق الجمعة تحقيقا بعنوان «الطريق الدائرى شاهد على الفوضى» قال لى لقد درت مثلك على الطريق الدائرى وشعرت أن هناك إصرارا على حصار وقتل ذاكرة المدينة فقد تفرغ الثوار من كافة التيارات السياسية الخارجة من رحم النظام الاستبدادى الأسبق فى بحث أساليب الوصول إلى كرسى السلطة ونسى الجميع أن وحش الدمامة يلتف حول البيوت والشوارع والحارات، ومالم ننتبه سيصبح القبح جزءا من ذاكرتنا المعمارية.
وقال المعمارى الكبير إن معيار نجاح أى ثورة فى مدى قدرتها على إثارة الوعى والتنبيه بالخطر الذى يحاصر القيم التراثية للمدينة المصرية بصفة عامة وللعاصمة القاهرة بصفة خاصة.
مطلوب من الأهرام أن تتبنى حملة لإيقاف فعاليات الجهل النشيط التى تعبث بهذه المعالم وتحرص على محوها باسم التطوير، وتكون المحصلة هى التشويش على ذاكرتنا الوطنية وما ترسخ فيها عبر قرون من ثقة بالنفس وقدرة على بناء حضارة تعلى قيم الجمال العمرانى والسلوكى والأخلاقى. وخطورة الحصار الذى يفرضه وحش الدمامة حول العاصمة الذى نوهنا إليه مرارا ان تتحول قاهرة الزمان فى نظرنا مثل زوج الأم سييء السمعة والسلوك، فالقاهرة كما قال جمال حمدان بحكم مركزها الجغرافى المتحكم ومركزيتها المسيطرة تختزل تاريخ مصر كلها إذ تحمل ذاكرتها العمرانية حضارة الفراعنة مطلة من جبانة منف فى هضبة الجيزة وإشراقة المسيحية فى مصر القديمة يغمرها ضحى الإسلام من فسطاط مصر المحروسة إلى القاهرة المعزية ، وخطورة وحش الدمامة الذى يطبق الخناق حول القاهرة والبناء بالطوب الأحمر الكالح الذى لا يفرق بين أثر النبى ونزلة السمان وكفر غطاطى وامبابة وحتى بهتيم وبشتيل وعزبة النخل والمرج أن فكرة سكان العاصمة عن مدينتهم تتحول من منظومة فريدة المثال إلى كتلة عشوائية يضطر أهلها للتكيف مع حالتها المتسلطة الفقيرة، فترتفع أبراج خرسانية عديمة الذوق تخنق الهواء والخيال، وتجهد ذاكرتنا المصرية فى استرجاع صور عمائر قاهرة الخديو اسماعيل التى تتعرض لهجمة شرسة من الإعلانات الضخمة الصارخة الألوان المتدنية الذوق فيصبح الإعلان هو العنصر الحاكم لمعمار الشارع والميدان!
من كان يصدق أن تختفى دار الأوبرا التاريخية محترقة فتستبدل بها مبنى إداريا وجراجا للسيارات وتتحول رئة القاهرة الخضراء الممثلة فى حديقة الأزبكية إلى أرض فضاء ملك للحكومة!
حينما قامت ثورة الثلاثين من يونيو كان يحيى الزينى شأن كل الأمناء على الذوق الرفيع فى هذا البلد متفائلا، لأنها كانت ثورة لإطلاق طاقات الإبداع فى كل المجالات وإذا ظهرت أنماط جديدة من الموسيقى والغناء مثلا فإن فنون العمارة سوف ترتقى الى الأفضل، لكن شيئا من ذلك لم يحدث فى مجال الذوق العام والذائقة الفنية.
ومات يحيى الزينى دون أن تنقشع عن صدر القاهرة كل سحابات القبح وأكوام الدمامة، ومازالت الصورة تغيم وراء سحابات التشويه والتلوث البصرى وفجاجة ذوق المجاورين لهذه الآثار والمتعاملين معها حيث يجرى تزويق المآذن بأضواء النيون والفلوروسنت الصارخة كتعبير متخلف عن البهجة والاحتفال بالمناسبات والأعياد الوطنية والدينية، كما تجرى محاولات بكل إصرار وترصد على خنق القباب الأثرية الجليلة ببيوت عالية البناء وضيعة القيمة ، ويضيع جلال الطابع المعمارى لهذا الحى التاريخى فى طوفان السذاجة والفجاجة والتشويه على الذاكرة البصرية، ورغم رحيل عالمنا الكبير مغاضبا دون أن تتحقق كل أحلامه مازال أمامنا الفرصة لقراءة كتابه الذى اصدرته هيئة التنسيق الحضارى وشرفنى بإهدائه مكافأة لى على تحقيق «الطريق الدائرى» وحملنى مسؤلية قراءة آخر وصاياه:
مطلوب حملة لإعادة الطابع الحى النقى المميز للقاهرة التاريخية الذى يخلد عبقرية المكان ويفوح بعبق الزمان.
مطلوب أن تتحول المآذن فى مخيلتنا إلى شواهد رمزية وعلامات بصرية.
مطلوب أن تتحول القباب إلى هالة مجسمة تكلل ما تحتها موحية بقداسة المكان.
مطلوب أن تتحول البوابات والمداخل الصرحية فى القاهرة الفرعونية والمعزية والخديوية إلى دعوات دائمة لكل عابر سبيل أن يتمهل ويمعن النظر فيما تجسده من قيمة وجمال وما تثيره من إغراء وترغيب وترحيب بالدخول.
وعلى الجانب الآخر يلفت عالمنا الكبير نظرنا إلى صورة النقيض الصارخ للعشوائيات البصرية فى شكل تنمية مشاريع لمناطق جديدة شرق وغرب القاهرة حيث انبثقت أحياء تحمل أسماء أجنبية لتنسجم مع عصر العولمة فى انتحال مبتذل لمسميات الآخرين فى شكل مبان وأسماء تعرض وحدات فاخرة أكثر من المطلوب على بعد خطوات من الأحياء العشوائية المكدسة لتجعل خطاب إعادة التوازن إلى البيئة العمرانية للمدينة المصرية حبرا على ورق!
ثم يتساءل المعمارى العظيم عن صورة أخرى من صور التشوه فى الذاكرة المصرية قائلا: من المسئول عن استبدال اسم طلعت حرب باشا باسم سليمان باشا الفرنساوى؟ ولمصلحة من يوضع مؤسس الجيش المصرى الحديث فى مواجهة مع مؤسس الاقتصاد الوطنى المصرى، على الميدان المعروف وسط القاهرة وكأن أحدهما أفضل من الآخر؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.