لا أجد تقديما أفضل مما كتبه أستاذنا المعمارى الجليل المصرى د. يحيى الزينى، من أن القاهرة ليست ككل المدن, إذ مرت بلحظات فارقة جعلتها تحمل تاريخ مصر كلها. فذاكرتها العمرانية تحمل حضارة الفراعنة مطلة من جبانة منف فى هضبة الجيزة، وإشراقة المسيحية فى مصر القديمة، وضحى الإسلام فى فسطاط مصر المحروسة إلى القاهرة المعزية فى منظومة فريدة. لا أجد ما أختلف عليه مع عالمنا الجليل، فأنا أرى أن القاهرة, التى ذهب عالم آخر فى قامة المعمارى سيد كريم إلى تأريخ بدايتها لأكثر من عشرة آلاف سنة من زمن ما قبل الأسرات الفرعونية, هى الحافظة فى تاريخ مصر المعمارى. فالقاهرة هى أم الآثار الفاطمية الصغيرة فائقة الجمال، والآثار الأيوبية الحربية، والآثار المملوكية الشاهقة. وهى أيضا تملك بعض سمات الفن العثمانى مع تخريجات مصرية. أما شوارعها وحواريها فهى قصة اليوم والأمس، وبالتأكيد غداً. فلا أحد يستطيع أن ينافس شارع سليمان باشا بوسط البلد، ولا شارع بورسعيد أطول شارع قاهرى، ولا جامع السلطان حسن، ولا صحراء المماليك، ولا الكنيسة المعلقة ولا جامع عمرو. الكل فى القاهرة حاضر بالتاريخ والجغرافيا... فقط ما نطلبه أن يعود بنا الحال إلى قاهرة القصور والنيل والمتنزهات والحدائق التاريخية فى القاهرة الخديوية، وقاهرة البيوت والأسبلة والخانقاوات والمساجد والبيمارستانات فى أحياء الحسين والجمالية والسيدة والخليفة بالقاهرة التاريخية. نحن نريد عودة سريعة للقاهرة... فلا نتركها وحيدة بعد هذه السنوات، علنا نلتفت لمكان جديد وعاصمة جديدة. فالقاهرة هى أمنا التى تستغيث، بعد أن كانت أم المدن وجميلة الجميلات. وبعد أن كانت عنوانا للمصريين حين يتحضرون وينجزون..وحين كانوا يقولون للعالم ..ما أجملنا ...فهل من مجيب؟