يبدو أن فرص العراقيات أصبحت معدومة في الحصول على مناصب وزارية مهمة كما اعتادت عليها خلال مرحلة ما بعد الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، فلم يمنح رئيس الحكومة الجديدة نوري المالكي النساء حقائب وزارية مهمة كما جرت العادة في الوزارات السابقة. ضمت التشكيلة الوزارية التي صادق البرلمان العراقي عليها أمس الثلاثاء والتي تشمل 42 حقيبة، امرأة واحدة وهي بشرى حسين، وزيرة دولة، فيما كانت الحكومة الماضية تضم أكثر من ذلك. وليس بوسع المالكي منح مناصب وزارية مهمة للنساء مثلما كان الحال في الحكومة الماضية في الوزارات التي لم يحسم أسماء مرشحيها بسبب أن جميع الوزارات شغلت لرجال وبقيت وزارة التجارة والتخطيط والوزارات الأمنية الثلاث الدفاع والداخلية والأمن الوطني، فضلا عن وزارات دولة لا تلبي طموح النساء في العمل في الحكومة الجديدة. وقد شهدت جلسة البرلمان أمس خطابا مؤثرًا للغاية للنائبة الكردية آلاء الطالباني، قبيل التصويت على التشكيلة الوزارية، قالت فيه: أصبنا بخيبة أمل لغياب دور المرأة في التشكيلة الوزارية.. الديمقراطية في العراق ذبحت بميزان العنصرية كما كانت تذبح بميزان الطائفية في السابق.. غيابها هو تهميش لدورها بعد أن كنا نطمح بمنصب نائب رئيس الوزراء ونائب رئيس الجمهورية ومالا يقل عن 25% من الحقائب الوزارية. وقالت ميسون دملوجي، وهي نائبة سابقة وناشطة نسوية، في بيان صحفي: بعد ما يقارب من عشرة أشهر على إجراء الانتخابات الوطنية انتهى المخاض العسير بتراجع كل الكتل التي فازت بثقة الشعب وعضوية مجلس النواب ومنها الكتلة التي انتمي إليها (العراقية) من الإيفاء بوعودها الانتخابية في دعم قضايا المرأة وإشراك النساء في عملية صناعة القرار. وأضافت: أشعر بالخجل من هذا التهميش الصارخ لنصف المجتمع العراقي بالرغم من الكفاءات العالية والنزاهة والإخلاص للوطن التي تتحلى بها كوكبة واسعة من نساء العراق وأن هذا التراجع في العملية السياسية والديمقراطية ينذر بخطر شديد من تراجع دور المرأة في العراق. يذكر أن مرحلة ما بعد الإطاحة بالرئيس صدام حسين شهدت مشاركة واسعة للمرأة العراقية في مناصب وزارية وبرلمانية، فكانت منهن وكيلة الوزارة والسفيرة وكان الحديث خلال مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة أن تتولى النساء العراقيات مناصب سيادية بعدما سجلت حضورا كبيرا في السنوات الماضية لكن ما حدث هو انقلاب خطير يمهد لغياب شبه تام للنساء في البرلمان العراقي المقبل حيث سيتم رفع الكوتا (الحصة) عنهن وستشارك النساء بشكل طبيعي مثلها مثل الرجال لكن بدون كوتا كما جرى في الدورة الماضية والحالية. ووصفت هناء إدور، رئيسة جمعية الأمل، إحدى منظمات المجتمع المدني تهميش دور النساء للتمثيل بالسلطة التنفيذية في هذه الظروف بالمؤشر السلبي على قدرة الحكومة على توطيد الأمن وبناء دولة القانون. وأضافت: عدم وجود تمثيل نساء في الحكومة يؤشر إلى تراجع مقلق بالتزامات العراق الدولية في إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وقالت إدور: إننا نوجه الدعوة لكل السياسيين بضرورة إشراك النساء بالسلطة التنفيذية وسنعمل على تفتيت الكوتا داخل الكتل السياسية وفي السلطة التنفيذية، لان الظاهر لنا أن الحقوق تنتزع ولا تؤخذ طوعا. وبحسب إحصائيات غير رسمية في العراق، يفوق تعداد النساء عدد الرجال. وتبقى النساء العراقيات بانتظار ما سيفعله المالكي بعد أن وعدهن بتخصيص وزارات لهن من الحقائب الشاغرة عقب تخلي جميع الكتل السياسية عنهن، وبعدما صارت طموحاتهن لتحسين الواقع المأساوي للمرأة العراقية في مهب الريح.