يبدو أن مقالنا الأسبوع الماضي والذي كان تحت عنوان رسائل عاجلة إلى وزير السياحة والآثار وطرحنا فيه حوارًا حول ثلاثة قضايا هي أولا اللجنة المشتركة للحج والعمرة من الوزارة وغرفة شركات السياحة وثانيًا حرق الأسعار وثالثا التسعير السياحي والخلاف بين الفنادق وشركات السياحة خاصة بعد زيادة قوة أنظمة الحجز الحديثة على الإنترنت.. قد أثارت اهتمام الكثير من أهل السياحة فبادروا بالاتصال بنا، ومنهم من أيد وجهة نظرنا ومنهم من اختلف معنا، وإن كانت الأمانة تقتضي أن نقول إنها في النهاية وجهات نظر. لكن الشيء المؤكد الذي استطيع قوله وعليه إجماع هو أن مصر تصنف حاليًا كمقصد سياحي رخيص خاصة في السياحة الشاطئية.. والخوف كل الخوف أن يمتد ذلك للسياحة الثقافية أي سياحة الآثار في القاهرةوالأقصر وأسوان وإن كان بعض العاملين بهذا النوع من السياحة يؤكد أننا بدأنا بالفعل مرحلة التراجع المكروه في هذه السياحة التي يجب ألا تكون كذلك أبدًا. فإذا كانت هناك دول تنافس مصر في السياحة الشاطئية فيجب أن يعلم الجميع إن مصر لا منافس لها على الإطلاق في السياحة الثقافية أو الأثرية بما حباها الله من مقومات وآثار فريدة تجعلنا نقول إن أسعارنا في هذه السياحة يجب أن تكون أعلى من ذلك بكثير. فمن غير المعقول أن تباع الغرفة بالفنادق العائمة في الأقصر وأسوان بعشرين وخمسة وعشرين وبثلاثة وجبات وإقامة يعني أكل وشرب ونوم.. هل هذا معقول؟ صحيح أن السياحة الثقافية تتراجع في العالم كله إلى نسبة 15% فقط لكننا من المقتنعين أنه يجب ألا تكون في مصر كذلك أبدًا. بالطبع أنا أقصد 15% من مجمل حركة السياحة العالمية؛ لأن السياحة الشاطئية تشكل 75% تقريبًا والباقي للمؤتمرات والجولف وما إلى ذلك من الأنواع الحديثة. على العموم سأكتفي بذلك وأترك الباقي للصديق العزيز هشام تمام أحد خبراء السياحة المحترمين، والذي كان في بورصة مدريد الدولية وقرأ مقالنا الأسبوع الماضي وتفضل بمشاركتنا برأيه تحت عنوان جميل وهو حديث ذو شجون.. يقول: مقالتك الأسبوع الماضي كانت رائعة وموسوعية تشخص العرض وتؤصل المرض وتعرض العلاج ولكن.. هل تخلص النوايا؟ أرجوك أحضر معرض مدريد لترى العجب في بيع منتجنا الثقافي للأسبان وأمريكا اللاتينية.. إنه حديث ذو شجون أو شجونٌ ثائرة من الرسائل العاجلة التي تناولتها في مقالك الأخير.. لقد شخصت العرض وعرضت العلاج وأثرت الكثير من تراكمات الماضي وصولًا إلى زمن المهرجانات والتي طالت السياحة والرياضة وميادين أخرى. لن أخوض في القضية الأولى.. طلاسم العمرة وأحاجي الحج.. والسقف.. وما أدرانا بالسقف.. واللجان.. سيدي أهل مكة أدرى بشعابها. لكن بأمانة.. حديث قضيه حرق الأسعار وقضيه التسعير السياحي في السياحة الجالبة هو ما يثير الحمية على سمعة مصر السياحية ودخلها القومي منها، وما يؤثر بالسلب على سمعتها ودخلها.. والقضيتان العلاقة عضوية بينهما؛ ولذلك نقول: أولًا الأسعار 1- الأسعار متدنية لسوء المنتج وغياب الجودة والنظافة والصحة والرقابة. 2- الأمراض الاجتماعية والصورة الذهنية لدى المصريين عن السياحة والسائحين. 3- جشع بعض منظمي الرحلات لتعظيم مكاسبهم. 4- آليات وأدوات وأدبيات الأسواق الشرقية. 5- سواد "فكر الخرتية" في التسعير خلال ما بعد 11 يناير، وانتقلنا من فكر حرق الأسعار إلى بيع المنتج مجانًا "لجر الزبون" يحدث في الفنادق العائمة. ثانيًا التسويق 1- تحسين الصورة الذهنية لمصر لدى الشعوب كنتيجة لتحركات السيد الرئيس الخارجية أثناء ممارسته لدوره الفاعل في العلاقات الدولية. 2- تولي السياحيين المخلصين من الشركات الجالبة والفنادق والطيران الخاص أمر تسويق منتجاتهم ومقاصد مصر بالمشاركة مع منظمي الرحلات الدوليين وتركزت تحركاتهم فيما يلي: أ - الترويج لمناخ الأمن والاستقرار الموجود في مصر الآن كواقع. ب - الوصول للسائح المحتمل في مصنعه، في ناديه.. ومدرسته وجامعته أبنائه بقوافل تسمي Road Show.. وخاطبت العائلة في مراكز التسوق وقنوات التلفاز المتخصصة وتنظيم رحلات لبائعي السياحة القطاعي. الحلول التي عرضها الموضوع ناجعة والمؤكد منها ربط التسعير بالضرائب دون الدخول في متاهات من يفرضها والمشرعون مطالبون بحلها، فلا يعقل أن تباع الغرفة الخمس نجوم لشخصين 50 $ منها 22,5% ضرائب +14% مبيعات + 2% محليات، ثم الباقي للأكل والشرب والنظافة والخدمة والمكسب.. كيف؟!!! أما التسويق فأسأل العلي القدير أن يلهم القائمين على أمره السداد والتركيز على تحسين الصورة الذهنية عن مصر، وإيجاد الوسائط الإعلامية المناسبة بعيدًا عن القنوات الإخبارية محدودة اللغة والتأثير. وفي النهاية أعيد وأكرر أن الأمن والاستقرار والتوازن في العلاقات الدولية الذي تنعم به مصر هو الذي حرك السياحة الدولية إلى مصر فذلك أقوى عناصر التسويق التي لا يختلف عليها أحد، وهو ما يحسب للقيادة السياسية في مصر الآن.