خصص دونالد ترامب أمس السبت جزءا كبيرا من خطاب ألقاه في ولاية ويسكونسين لمهاجمة وسائل الإعلام، بعيدا عن واشنطن حيث كان يجري العشاء التقليدي للصحفيين والمراسلين، الذي قاطعه الرئيس. واختار ترامب أن يتوجه إلى مدينة غرين باي في ولاية ويسكونسين ليشارك في تجمع لمؤيدي فريقه المفضل لكرة السلة. ويصف ترامب عشاء المراسلين ب"الممل" و"السلبي". وقد قاطعه في 2017 و2018، وهذه السنة، أي طوال ولايته الرئاسية حتى الآن. واتهم ترامب في كلمة في هذا التجمع، وسائل الإعلام "بنشر أخبار كاذبة" ووصفها بأنها "عدوة الشعب". وقال "إنهم يزيفون". وتابع "أقول لكم، هل تعرفون ما هو السييء في الأمر؟ تقييمهم هو السييء لأن الناس لا يصدقونهم". وعلى بعد أكثر من 1100 كيلومتر عن غرين باي، في واشنطن، قال أوليفر نوكس رئيس جمعية مراسلي البيت الأبيض أمام الحضور في العشاء الذي جرى في فندق واشنطن هلتون إنه لا يريد التحدث عن ترامب، لكنه دعا إلى رفض خطاب الرئيس. "رفض الاعتداءات" قال نوكس إن عبارتي "أخبار كاذبة وأعداء الشعب ليست شعارات أو أسماء حيوانات (...) يجب علينا أن نرفض الاعتداءات السياسية على الرجال والنساء الذين يجعلون بعملهم الشاق، محاسبة الأقوياء ممكنة". كان تقليد إقامة هذا العشاء الذي يحضره مئات الصحفيين وعدد كبير من نجوم هوليود، بدأ في 1921. ومنذ 1980، حضر كل الرؤساء الجمهوريون والديموقراطيون على حد سواء العشاء، باستثناء الرئيس رونالد ريجان في 1981، لأنه كان يتعافى من اعتداء أصيب فيه بجروح بالغة. وفي عشاء العام 2011، استهدف الرئيس السابق باراك أوباما، ترامب الذي كان بين المدعوين بانتقادات حادة. وهذه السنة وللمرة الأولى منذ عشر سنوات، لا يشمل برنامج العشاء أي شخصية فكاهية تسخر من الرئيس والصحفيين. فقد اختارت الجمعية مؤرخا هو رون شيرناو ليتحدث خلاله. وشن شيرناو في كلمته هجوما انتقد فيه "الحملة الخبيثة والقاسية على مصداقية وسائل الإعلام". وبعدما أشار إلى أن خطابه يشكل خروجا عن تقاليد هذا العشاء، قال "نحتاج إليهم (الكوميديون) اليوم أكثر من أي وقت مضى خلال هذه المرحلة السريالية في الحياة الأميركية". ومن الصعب معرفة أسباب تكثف هجوم رئيس القوة العظمى الأولى في العالم على وسائل الإعلام التي يتهمها في كل مناسبة بنشر "أخبار كاذبة". لكن بمعزل عن رغبته في أثارة حماس قاعدته الانتخابية عبر تحديد "عدو"، من المؤكد أن نشر تقرير المدعي الخاص روبرت مولر حول التحقيق في التدخل الروسي هز الرئيس الأمريكي. والفرضية الأخرى هي أن الملياردير الأمريكي يريد إثارة اهتمام الصحفيين لأنه يفلت منه مع دخول عدد من المرشحين الديموقراطيين إلى السابق الرئاسي للانتخابات التي ستُجرى في 2020. ومن كمالا هاريس إلى بيتو أورورك وبيت بوتيدجادج، أصبح الواحد تلو الآخر منذ أسابيع يحتل حيزا من الساحة وينقل اهتمام البيت الأبيض بعيدا عن البيت الأبيض. تقليص اللقاءات مع الصحفيين تترافق هجمات ترامب على الصحفيين مع الغياب شبه الكامل للقاء الصحفي اليومي للناطقة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز. ومنذ أكثر من أربعين يوما لم تحضر ساندرز إلى قاعة الصحافة الشهيرة لترد على أسئلة الصحفيين. وهذه السنة، لم تحضر ساندرز عشاء الجمعية، خلافا لما حدث العام الماضي، بينما تلقى فريق ترامب بأكمله توجيهات برفض دعوة جمعية مراسلي البيت الأبيض. وكتب نوكس في موقع "بوليتيكو" الالكتروني "لنكن واضحين تقليص هذه الإدارة للقاءات الصحفية للبيت الأبيض والبنتاجون ووزارة الخارجية أخطر بكثير من مسألة حضور الرئيس عشاء المراسلين". والوسيلة الأساسية التي يلجأ إليها ترامب هي موقع تويتر حيث يبلغ عدد متابعيه 60 مليون شخص، بينما يتابعه ملايين آخرون على منصات أخرى على الانترنت. وبالتأكيد يرد الرئيس ترامب على أسئلة الصحفيين بنفسه كل يوم، لكن هذا يجري في بعض الفوضى وحسب مزاجه، في حديقة البيت الأبيض أو قبل أن يستقل مروحيته أو في مكتبه في البيت الأبيض وسط فوضى عارمة. ولا شيء يشير إلى أن العلاقات بين الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة مع الصحافة ستتحسن. وحضرت سارة ساندرز الخميس إلى قاعة الصحافة، لكن للرد فقط على أسئلة أطفال من أبناء طاقم البيت الأبيض كانوا يشاركون في يوم نظم تحت شعار "اصطحبوا أبناءكم إلى أماكن عملكم". ويرى جيفري موروسوف أستاذ الصحافة في جامعة هوفسترا بالقرب من نيويورك أن ترامب "يلعب لعبة خطيرة". وأضاف "يوما ما سيقوم أحد مؤيديه بمهاجمة صحفي جسديا".