على الرغم من اشتراط قانون الطفل، إلزام المقبلين على الزواج بإجراء فحوصات والحصول على شهادة طبية، إلا أن ما يحدث على أرض الواقع "حبر على ورق" بمعاونة المأذون أو من المؤسسات الصحية مقابل المال، ومن يدفع الضريبة يكون الأبناء. وزيرة الصحة، د. هالة زايد، شددت مرة أخرى على المستشفيات بإجراء فحوصات ما قبل الزواج، والتي تلزم المقبلين على الزواج تقديمها للمأذون لإتمام عقد القران، وذلك فقًا للقانون رقم 126 لسنة 2008، والخاص بتعديل بعض أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، "المادة الخامسة"، والتي تشترط إجراء الفحص الطبي لتوثيق عقد الزواج. وأجرت "بوابة الأهرام" تحقيقًا حول الشهادة الصحية للزواج .. ما طبيعة الفحوصات الطبية المطلوبة وما أهميتها وماذا عن الطرق غير الشرعية لاستخراجها وما خطورة ذلك على كل من الزوجين والأطفال والدولة . خطورة زواج الأقارب يقول استشاري أمراض الباطنة، د. عبد الستار الجرواني، ل"بوابة الأهرام"، إن خطورة زواج الأقارب تتمثل في أن الزوجين يحمل كل منهما صفة متنحية من أحد أبويه "صفة غير ظاهرة"، وبعد الزواج تجتمع صفاتهما المتنحية في صورة صفات ظاهرة على أطفالهما مثل "حول العين، والسكر، والضغط، والسمنة، وقصور الشريان التاجي للقلب، وأيضًا تصلب الشرايين". شهادة ب"الرشوة" ويشير إلى أن 80% من المقبلين على الزواج لا يخضعون للفحوصات الطبية لإتمام عقد القران، ويرجع ذلك لعدة أسباب أبرزها "الحصول على الشهادة دون الخضوع للتحاليل؛ وذلك بمقابل مادي، أو توفير المأذون لهذه الشهادة، إلى جانب وجود ثقافة الخوف المتأصلة لدى الكثير، والتي تمنع المقبلين على الزواج من الخضوع للفحوصات الطبية، وإجراء تحاليل ما قبل الزواج رافعين شعار "نصيبك حيصيبك". ثقافة تضر بالأطفال والتقت "بوابة الأهرام"، عددا من الشباب المقبلين على الزواج، ومنهم متزوجون بالفعل، وذلك لمعرفة موقفهم من الشهادة الصحية المطلوبة قبل عقد القران، والذين أكدوا ما قاله استشاري أمراض الباطنة د. عبد الستار الجاروني، حيث أشارت هبه جميل، 27 عامًا، إلى أنها "غير مستعدة لإجراء هذا التحليل، وتخشى أن يكون هناك عذر طبي يمنعها من الزواج بشريكها الذي جمعتهما قصة حب دامت 5 سنوات، مضيفة "اللي ربنا كاتبه هنشوفه مع بعض". فيما قال خطيبها ماجد عبد السلام، 30 عامًا، إنه لن يترك شريكته حتى وإن كان هناك عذر طبي. أما هاجر علي، 26 عامًا، وهي متزوجة من أشهر قليلة، قالت ل"بوابة الأهرام": إنها لم تخضع لهذه الفحوصات، وحصلت على الشهادة عن طريق المأذون. وعن سبب عدم الخضوع للفحوصات، قالت: "إحنا مش قرايب فمفيش خوف على ولادنا"، لافته إلى أن شقيقها حصل على الشهادة من خلال الوحدة الصحية التابعة للقرية المقيم بها؛ نظير مقابل مادي دون الخضوع للتحاليل. الخوف من المجهول يخشى الكثير من المقبلين على الزواج الخضوع للفحوصات الطبية، وتكون "الرشوة" مقابل الشهادة سواء من المأذون أو المؤسسات الصحية دون إجراء التحاليل. وعن ذلك تقول أستاذة علم الاجتماع، د. هالة يسري، إن هذه الشهادة شرط لإتمام عقد القران، وذلك بحكم القانون، ولها أهميتها الصحية ليست للزوجين فحسب وإنما للأجيال القادمة، لكن بعض القوانين لا تنفذ على أرض الواقع، مضيفه "نحتاج إلى ثقافة تفعيل القوانين ومراقبتها. دور الإعلام وشددت "يسري"، على دور الإعلام في نشر الوعي بين أفراد المجتمع ومخاطبة الأسرة المصرية والشباب، وذلك بالتعاون مع الفن بإنتاج مشاهد سينمائية أو درامية تنقل للمجتمع الأمراض الوراثية والنادرة التي قد تصيب الأطفال، وتضعهم في معاناة مع أهاليهم صحية ومادية وقد تستمر العمر كله، وذلك للالتفاف أولا حول القوانين غير المفعلة، والتحذير من مخاطر عدم تنفيذها. فيما طالبت نائب وزير الصحة والسكان السابق، د. مايسة شوقي، بإضافة فحوصات أخرى قبل الزواج، مثل "فحص الأمراض الوراثية، والأمراض المنقولة جنسيًا مثل "الإيدز"، وأن يقتصر إجراؤه على الأسر التي لديها تاريخ للأمراض الوراثية، وذلك للاطمئنان على صحة الزوجين. توعية مفقودة وأضافت أن فحوصات ما قبل الزواج يجب أن ترتبط بتوعية المقبلين على الزواج الخاصة بالحياة الأسرية، والتزاماتها والتربية الإيجابية للأطفال، وكذلك التوعية بضرورة تنظيم النسل والمباعدة بين الحمل 3 سنوات على الأقل لضمان البناء الجيد للأسرة، لافتة إلى أن الكنيسة المصرية تقدم هذه التوعية للأقباط كشرط لإتمام الزواج، بينما لا توجد جهة رسمية لدى المسلمين تقدم هذه التوعية قبل عقد القران. اقتصاديات الأسرة وتكلفة العلاج وتحذر نائب وزير الصحة السابق، من التخلف عن إجراء التحاليل المطلوبة للحصول على الشهادة، مشددة على ضرورة إجراء المقبلين على الزواج للفحوصات الطبية التي من شأنها الكشف عن الأمراض لعدم انتقالها إلى الأطفال مستقبلًا، وهو ما يضر بصحة الجيل الجديد واقتصاديات الأسرة بسبب تكلفة العلاج، وأيضًا ميزانية الدولة لما تنفقه على هيئة التأمين الصحي سنويًا. جرس إنذار وأكد مدرس مساعد جراحة القلب والصدر بالإسكندرية، د. أحمد محمد عبد العزيز، ل"بوابة الأهرام"، أن الدول المتقدمة يخضع فيها المقبلون على الزواج للتحاليل المطلوبة دون تزوير الشهادة إِيمانًا منهم بأن في ذلك فائدة لهم ولأطفالهم. ولفت إلى أن هذه التحاليل لا يقتصر دورها على التنبأ بوجود أمراض وراثية قد تنتقل للأطفال مستقبلًا، وإنما تكشف أيضًا الأمراض لدى المقبلين على الزواج، والتي تنتقل بسهولة بين الزوجين مثل فيروس "سي"، وتصبح الفائدة في كلا الحالتين أن نتيجة التحاليل تكون بمثابة الجرس الذي ينبه بوجود مخاطر صحية على الزوجين أو أطفالهما من بعض الزيجات. ونصح أخصائي جراحة القلب والصدر، كل المقبلين على الزواج بضرورة الخضوع للتحاليل المطلوبة دون الحصول على الشهادة بطريقة غير شرعية، مؤكدًا أن من يفعلون ذلك يجعلون من أنفسهم وأطفالهم فريسة للمرض وهم لا يعلمون. وشدد على دور وسائل الإعلام في نشر الثقافة الطبية الخاصة بهذه التحاليل وفائدتها، كما ورد في التحقيق ليكون الإعلام جرس تنبيه من المخاطر الصحية والمادية التي يمكن أن تصيب الأسرة المصرية.