فيما يمكن وصفه بالكارثة التي تهدد قطاع الرياضة في مصر كشف مسئولون وأطباء وخبراء عن ارتفاع في معدلات تعاطي أقراص الترامادول بين اللاعبين الرياضيين، وخاصة لاعبي الدرجة الثانية والثالثة بكرة القدم، وهو ما ينذر بعواقب وخيمة لهذه الكارثة، حيث لا يحظر استخدام الترامادول بين الرياضيين، ليصبح بذلك غير مُجرّم بحكم القانون وهو ما جعله بابًا خلفيًا لبعض الرياضيين لتناول هذه الأقراص بل وإدمانها. وحذر أطباء رياضيون من خلال "بوابة الأهرام" من تناول أقراص الترامادول، مؤكدين أنها إدمان وتؤدي إلى الوفاة، كما حذر آخرون من تسببها في اعتزال بعض اللاعبين. فهم خاطئ قال الدكتور نبيل عبد المقصود أستاذ علاج السموم بجامعة القاهرة ل"بوابة الأهرام" إن الترامادول ليس منشطا كما يظنه البعض، وإنما مادة قوية في تسكين الألم، موضحًا أن عضلة الجسم يتم إجهادها بسبب الجهود التي يبذلها الإنسان وخاصة الرياضيين، وبالتالي يحتاج اللاعب إلي راحة وهو ما يجعل اللاعب يتناوله لمواصلة نشاطه داخل الملعب دون انقطاع حتي يبهر مُدربيه فيظن بذلك أنه أخذ منشطًا لكنه في الحقيقة أخذ مسكنًا للآلام التي يخلفها هذا المجهود المتواصل، لافتًا إلي أن الترامادول يترك في جسم الإنسان نفس الآثار التي يتركها الهيروين. الآثار السلبية وحول الآثار السلبية لهذا العقار قال الدكتور رضا الهميمي استشاري جراحة العظام والطب الرياضي ل"بوابة الأهرام" إن الترامادول يؤدي إلي حدوث غثيان وزيادة التعرق ودوخة، مشيرًا إلي أن خطورته تكمن في حدوث إدمان مع كثرة تناول العقار كما أن الجرعات الزائدة قد تؤدي إلى الوفاة. الدكتور رضا الهميمي - استشاري جراحة العظام والطب الرياضي وعن الوضع القانوني قال "الهميمي" إنه كعقار غير مجرم عالميًا لأنه يستخدم في علاج الألم لكنه في مصر يدخل في جدول المخدرات واستخدامه أو بيعه مُجرَّم بدون دواع طبية وتم وضعه بجانب الأدوية الممنوع تناولها قبل المنافسات وعلي اللاعب الذي يتناول هذه الأدوية أن يتقدم بشهادة قبل المنافسة بشهر، وفي حال اكتشاف هذا العقار في دم اللاعب بعد خضوعه للتحاليل لا يتم عقابه جنائيًا حيث إن العقار يستخدم لعلاج الألم ولكن يتم إيقافه وتغريمه ماديًا. مادة مخدرة ويقول الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي ل"بوابة الأهرام" إن الترامادول فيه مضادات اكتئاب عالية حيث يعمل علي تحسين المزاج، لافتًا إلى أن مخ الإنسان يوجد فيه مخدر طبيعي وهو مادة الأندروفين وعندما يتناول الإنسان الترامادول يقوم بإلغاء هذه المادة ويعتمد الجسم علي المخدر الخارجي فقط وهو الترامادول وذلك بعد إدمان الإنسان له، مؤكدًا أن تناوله من 4 إلي 5 مرات بصفة دورية يجعل الشخص مدمنًا. ويعتبر هرمون الأندروفين من أهم الهرمونات التي يفرزها الجسم عن طريق الغدة النخامية وخلايا الدماغ، حيث يقوم الغدة النخامية والدماغ بإفراز الأندروفين في العديد من المواقف المختلفة وهو يعتبر من أقوى المسكنات الطبيعية للألم التي يفرزها الجسم من تلقاء نفسه عند التعرض لبعض المواقف التي يحتاج الجسم فيها للمسكن الطبيعي، وقد أطلق أحد الباحثين اسم "قناع الغبطة" على هرمون الأندروفين نظرًا لأن إفراز الجسم له يمنح شعورًا بالراحة والسعادة والاسترخاء. حالات نادمة رصدت "بوابة الأهرام" حالات لرياضيين تناولوا عقار الترامادول وذلك من خلال إحدي العيادات العلاجية التي يترددون عليها فقال الطبيب ل"بوابة الأهرام" إن كثيرًا من الحكام ولاعبي الكرة يذهبون إليه طالبين مساعدته في العلاج، كاشفين له أسباب إقبالهم علي تناول الترامادول، وهي عبارة عن نصيحة من شخص بدون ضمير قال لهم: "خد دي هتخليك تجري من غير ألم وتبذل مجهود عالي من غير ما تحس". وأضاف أن أكثر اللاعبين المترددين عليه من أجل العلاج من الناشئين ولاعبي الدرجة الثانية والثالثة الذين يريدون التميز في الأداء عن زملائهم فليجأون للترامادول بعد نصيحة البعض لهم بأنه يزيد من طاقتهم داخل الملعب، مؤكدًا أنهم نادمون علي تناوله لأنه يبدأ بتناول ربع قرص ثم تزداد الجرعة حتي تصل إلي 3 و 4 أقراص ويصبح بعدها الشخص مدمنًا وتتحكم المادة المخدرة في الشخص. هل يسهل العلاج من الترامادول؟ يقول جمال فرويز إن علاج الترامادول صعب جدًا، نظرًا لأنه مادة مخدرة لاصقة في المخ وهو ما يجعل صعوبة في إزالتها حتي بعد انقطاع الشخص عن تناول الترامادول يظل الألم يرافقه وتلك هي صعوبة الانسحاب لكنه لفت إلي وجود بعض الطرق المعالجة والتي تضمن عدم عودة الشخص إلي تناول العقار مرة أخري حيث تعتمد علي إغلاق مستقبلات المخ للمادة المخدرة. هل يؤثر هذا المخدر على مستقبل اللاعب الرياضي؟ يقول فرويز: بالفعل يؤثر الترامادول علي مستقبل اللاعب الرياضي وبنسبة مليون بالمائة قد يؤدي إلى اعتزاله لأن التناول يبدأ بنسبة بسيطة كربع قرص مثلًا ثم يتدرج حتي يصل إلي 3 أقراص فأكثر ويجد اللاعب نفسه بحاجة إلي زيادة الجرعة فضلًا عن تأثير هذا المخدر علي المخ والتركيز والانتباه والوظائف المعرفية بشكل عام وحينها سيختلف تناوله: "وقتها سيتناوله اللاعب حتى يحصل علي طاقه تخليه يادوب يمشي ويعيش حياته وتسكين آلامه" وبالتالي يتسبب هذا المخدر في اعتزاله. ونصح استشاري الطب النفسي لاعبي الكرة والرياضيين بشكل عام بعدم الاستعانة بالمخدرات في الحصول علي طاقة زائدة والالتزام بإرشادات طبيب الفريق، مشددًا علي الابتعاد عن الأدوية المذكورة بلائحة الممنوعات قائلًا: "اوعي تقرب من المخدرات". تدمير الجهاز العصبي فيما قال الدكتور أسامة مصطفي استشاري جراحة العظام وإصابات الملاعب ومدير الجهاز الطبي بقطاع الناشئين للنادي الأهلي أن تعاطي المخدرات بين الرياضيين كارثة تؤدي إلي انهيار الجهاز العصبي لدي اللاعب وكذلك تركيزه أما ما يشعر به من طاقة زائدة وانتباه غير منقطع في أثناء التمرين فهو شعور زائف ومؤقت ينتهي بمجرد انتهاء مفعول المخدرات لتبدأ بعد ذلك معاناته مع الآلام المتواصلة قائلًا: "الترامادول بيدمر الجهاز العصبي بالإضافة لكونه ماده مخدرة تجعل من يتناوله مدمنًا". وعن سبب اتجاه بعض الرياضيين لتناول الترامادول قال مدير الجهاز الطبي بقطاع الناشئين للنادي الأهلي في تصريحاته ل"بوابة الأهرام" أن صديق السوء عامل أساسي في ذلك إضافة إلي تدني الثقافة الطبية لدي الرياضيين مناشدًا وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وأيضًا المقروءة بتبني نشر ثقافة الطب الرياضي وكذلك اتساع مساحتها بين البرامج الرياضية وألا تقتصر هذه البرامج علي نقل مباراة وتحليلها فقط وإنما عليها استضافة أطباء النوادي لمعرفة ما يعانيه اللاعب وكذلك ما يطرأ علي الرياضيين من جديد مؤكدًا أن ثقافة الطب الرياضي مهمشة وهو ما يضر باللاعبين ومن ثم مستقبل الرياضة في مصر. منافسة غير شريفة واتفق أسامة مصطفي مع "فرويز" حول سبب تناول الرياضيين للترامادول فقال أن كثير من الرياضيين في مختلف الألعاب يتناولونه من أجل هدف التميز عن الأخرين والظهور أمام المدربين بقدرات فائقة وهو ما يعد منافسة غير شريفه لأنهم عندما يحققون تميزًا يكون السبب فيه هو المخدر وليست قدراتهم الطبيعية التي خُلقوا بها لذا تحرص الوادا وهي الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات علي إجراء تحاليل للاعبين بغرض تحقيق العدالة وتميز اللاعب بإمكاناته الحقيقية والحفاظ على المنافسة الشريفة. وشدد مدير الجهاز الطبي بقطاع الناشئين للنادي الأهلي علي خطورة تناول المخدرات بشكل عام والترامادول بشكل خاص بين الرياضيين مؤكدًا أن اللاعب يقضي بذلك علي مستقبله الرياضي علي حساب جهازه العصبي وصحته واستمراره في الأداء لأن المخدرات تجبر متعاطيها علي زيادة الجرعة مع استمراره علي التعاطي حيث يتكيف الجسم منها ومن ثمّ تؤثر عليه بالسلب وتقضي علي مستقبله قائلًا: "هتتسبب في اعتزاله". وأضاف أن جميع البطولات الدولية تخضع لتحاليل الكشف عن تناول المنشطات وهو ما يجعل لاعبي الصف الأول في جميع الدول بعيدين عن تناول المخدرات حيث قربهم من المحافل الدولية يجعلهم تحت الرعاية والكشف الطبي الدائم مؤكدًا أن أكثر من يتناول الترامادول من الرياضيين هم لاعبو الدرجة الثانية والثالثة وأيضًا الناشئون بهدف التميز بين الآخرين. لماذا لا يخضع جميع الرياضيين إلى تحاليل الكشف عن تناول المنشطات؟ يقول أسامة مصطفي، إن هناك أزمة تتمثل في تكلفة هذه التحاليل وإيجاد الأجهزة والمعامل الخاصة بها مقترحًا الاستعاضة عن ذلك بإجراء التحاليل من حين إلي آخر علي عينة عشوائية من اللاعبين في إحدي المباريات القائمة علي أن يتسبب هذا الإجراء في وجود ردع بين الرياضيين وقلق من خضوعهم للتحاليل في أي وقت فيصبحوا منتبهين إضافة إلي نشر ثقافة الطب الرياضي.