كارثة أحاقت بشباب مصر.. بالرجال والنساء.. أطاحت بأدمغتهم.. يبحثون عن السم طمعاً فى وهم الفحولة وإطالة اللقاء الجنسى.. أو هرباً من مشاكل كثيرة لإجبار أنفسهم على القيام بأعمال تفوق طاقتهم وقدراتهم. إنه الترامادول الذى يطلق عليه الأطباء وعلماء النفس «المدمر القاتل» الذى يمنح متعاطيه ما يريده حتى يتمكن منه.. ثم يدمر هذا المتعاطى على طريقة الموت البطىء. تجد ضحاياه ضيوفاً فى ثلاجات المشرحة أو جثثاً مسجاة فوق أسرة مراكز علاج السموم، وفى المصحات. فما هو «الترامادول»؟.. وما الدول التى تنتجه وتصدره؟.. وما أنواعه؟ الدكتور أسامة عبدالباسط، أحد أعضاء حملة التوعية ضد إدمان الترامادول، قدم لنا المادة العلمية لمشروع التوعية ضد أضرار الترامادول، والتى نظمتها كلية الطب بجامعة الزقازيق. فى البداية، يعرف عضو الحملة «الترامادول» بأنه مسكن ألم مركزى له مفعول مقارب للكوكايين، ويصنف ضمن مسكنات الألم من النوع الثانى ويستخدم كقاتل للآلام الحادة والمزمنة مثل آلام ما بعد الجراحة وآلام السرطان. وهناك بعض الأشخاص يستخدمونه لأغراض أخرى لا يتناسب ضررها مع الضرر الذى يسببه «الترامادول» لفترات طويلة، وهذه الأغراض مثل علاج سرعة القذف عند الرجال ومنشط للجسم خصوصاً عند السائقين والأشخاص الذين يعملون بمهن تحتاج مجهوداً جسدياً، أو تتطلب العمل لساعات طويلة.. كما أن البعض يسرفون فى استخدامه كمسكن للآلام الخفيفة التى لا تتطلب مسكناً قوياً كالترامادول. يبدأ المتعاطى بجرعة صغيرة «50 مجم» تعمل على تخدير الجسم فقط، ما يجعل المتعاطى يشعر ببعض القوة ولكنها قوة زائفة، لأن سببها أن هذا العقار يخدر الجسد عن طريق بسط وارتخاء الأعصاب والعضلات.. وهذا يجعل الجسم ضعيفاً يوماً بعد يوم، لذا فهى خدعة كما أن هذا الإحساس الزائف بالقوة والنشاط سيزول تدريجياً بعد فترة من الاستمرار فى التعاطى ويحدث ما يسمى «التعود والاعتماد الجسدى». «الترامادول» هو أحد مشتقات «المورفين»، وعند تناوله باستمرار يوقف الإفراز الطبيعى لمادة «الأندورفين» التى يفرزها الجسم لمقاومة الألم، وبالتالى عند إيقاف الترامادول لا يتحمل الجسم الألم، وبالتالى يجبر المريض على تناول الترامادول مرة أخرى فيعتمد عليه جسدياً ونفسياً، وهذا هو الإدمان. ومن أعراضه الجانبية البسيطة صداع، وغثيان، ودوار.. أما الأضرار الخطيرة فهى التشنجات، وصعوبة التنفس، وخلل فى وظائف الكبد.. وبعد الإدمان يحدث تلف فى خلايا المخ، وخلل فى وظائف الكلى، وخلل فى الرؤية، وفقدان الشهية، والتصرفات غير المحسوبة التى تسبب مشاكل اجتماعية خطيرة، والضعف الجنسى الحاد الذى يصعب علاجه، والخمول وعدم القدرة على العمل أو المذاكرة والاكتئاب الشديد. الأعراض الانسحابية «الأعراض الانسحابية» معناها الأعراض التى تظهر على مدمن «الترامادول» عند التوقف فجأة عن تناول الترامادول، وهى ارتفاع ضغط الدم، والعرق، والأرق، والكوابيس، ورهاب الخلاء، وصعوبة التركيز، وتقلصات عضلية لا إرادية وعدوانية، وتهيج، وفقدان الذاكرة المؤقت. الدكتور محمد خالد حسن، استشارى الأمراض النفسية والعصبية بوزارة الصحة، حذر من تعاطى الترامادول عامة ومن بعض الأنواع الواردة من الصين خاصة، وهو ما يطلق عليه «الترامادول الأبيض»، الذى يتم تصنيعه بعيداً عن الرقابة الحكومية هناك ويتم التلاعب فى مكوناته وتركيبته للحصول على نتائج سريعة، وهذه الأنواع تباع بأسعار رخيصة. أما الدكتور هشام عطية، مدير مركز السموم، فيفجر مفاجأة من العيار الثقيل بتوضيحه أن حجم إنفاق المصريين على شراء المواد المخدرة بلغ 15 مليار جنيه، وأن تكلفة علاج إدمان هذه المخدرات تبلغ 15 مليار جنيه أيضاً، ما يعنى أن هناك 30 مليار جنيه تنفق على المخدرات فى مصر.. وأضاف أن 40% من المشترين يتعاطون «ترامادول»، أى أن هناك 4 ملايين متعاطى ترامادول فى مصر. وحول شعور المتعاطين بالسعادة أثناء العلاقات الجنسية، فى حين يتحدث البعض عن قدرته على العمل والاستذكار فترات طويلة، أشار مدير مركز السموم إلي أنه لا يمكن إنكار ذلك، فما يحدث هو أن عقار الترامادول يعمل على ثلاثة محاور أولها مستقبلات الأفيون وزيادة هرمون السعادة وتقليل ردود الأفعال لدى المتعاطى.. لكن هذا لا يستمر طويلاً، فبعد فترة يؤثر العقار على خلايا المخ والأعصاب، كما يؤثر على الأعضاء التناسلية ويسبب تليفاً فى هذه الأعضاء لا يمكن علاجه، وبالتالى فإن فرحة هؤلاء لن تدوم، فهذه فرحة يعقبها الندم مدى الحياة. وأوضح مدير مركز السموم، أن عدد المتعاطين للمواد المخدرة فى مصر يبلغ 10 ملايين متعاطٍ، منهم 40% يتعاطون «ترامادول»، وحذر من تعرض العديد منهم لحالات تسمم دوائى نظراً لوجود ترامادول مغشوش فى مصر، خاصة القادم من الصين وجنوب أفريقيا. وعن تكلفة علاج المدمن، أشار إلى أن تكلفة علاج المدمن تصل إلى 15 ألف جنيه وأن فترة علاجه قد تطول إلى ثلاثة أشهر. بالأرقام فى دراسة قدمها صندوق علاج الإدمان كشفت العديد من الحقائق حول أخطار عقار الترامادول.. إذ أشارت الدراسة إلى أن «الترامادول» عقار يؤدي إلي الاعتماد الجسمي والنفسي السريع ثم الإدمان, حيث تظهر أعراض الانسحاب علي المريض بعد تعاطيه لفترة غير طويلة, لأن المخ يفرز مادة الأندروفين التي تساعد الإنسان علي تحمل الألم أو الإجهاد, ما يضطر الفرد لتناول الترامادول مرة أخري فيعتمد عليه جسمياً ونفسياً, وتشير إحصاءات صندوق مكافحة وعلاج الإدمان إلي أن 30% من مرضي الإدمان مدمنو عقار الترامادول. وكشفت الدراسة عن أن الأعراض الجانبية لتناول الترامادول هي الصداع والغثيان والدوار, أما بعد أن يتم التعود عليه وإدمانه فتظهر أعراض انسحابية، والأعراض الانسحابية هي التي تظهر علي مدمن الترامادول عند التوقف عن تناوله وتتمثل في ارتفاع ضغط الدم وتشنجات وصعوبة في التنفس وخمول وعدم القدرة علي العمل والتعرق والأرق والكوابيس والقلق والهلاوس وصعوبة التركيز والتقلصات العضلية اللا إرادية وعدوانية وتهيج وفقدان الذاكرة المؤقت. وأشارت الدراسة إلى وهم النشاط الزائد نتيجة تناول الترامادول، فالترامادول بشكل عام مثبط ومهدئ للجهاز العصبي, عكس ما يعتقد الكثير ممن يستخدمونه بزعم أنه يساعد علي العمل لفترات أطول, والواقع أن تأثيره المباشر علي الجهاز العصبي والمخ يسكن الشعور بالألم، بما في ذلك الألم الناتج عن الإجهاد البدني، وعادة ما يتحول ذلك إلي اعتماد نفسي وجسدي كامل علي هذا العقار، وقد يتجاوز المتعاطي الجرعات الطبيعية بطريقة تدريجية مما يؤدي للوفاة.