عايشت "بوابة الأهرام" تجربة انطلاق إحدى رحلات قطار البضائع، من مدينة أورومتشي عاصمة مقاطعة شينجيانج شمال غرب الصين، إلى أوروبا، من خلال مركز أورومتشي لتجميع البضائع، الذي يعتبر النقطة الأولى على طريق الحرير الجديد، الذي بدأت الصين تدشينه من جديد، منذ عام 2013 من خلال مبادرة الحزام والطريق، التي أطلقها الرئيس الصيني شي بيينج جين. وشاهدت "بوابة الأهرام" كيفية تجميع البضائع في ذلك المركز في 41 "كونتنر" عملاق، وتحميلها على القطار قبل أن ينطلق لكي يقطع 8000 كلم إلى بريطانيا مرورًا بدول وسط آسيا، بواقع 600 كلم في اليوم، وتقول الأرقام إن المركز منذ إنشائه في 26 مايو 2016 نجح في تسيير قرابة 1400 قطار، ويغطي حاليًا 23 مدينة خارج الصين في مختلف الاتجاهات. وتحمل القطارات بضائع مختلفة قادمة من جميع أنحاء الصين، عبر قطارات أخرى وسيارات النقل الثقيل على الطرق السريعة التي مهدتها الحكومة الصينية، من مدن شمال شرق وجنوب ووسط بلاد التنانين الأسطورية، إلى منطقة التجميع النهائية في مركز أورومتشي بمقاطعة شينجيانج، وتتضمن البضائع أنواعًا شتى من قطع غيار السيارات والصناعات الثقيلة إلى البلاستيك والورق والأدوية وخلافه. حكمة التنمية وقد عمدت الحكومة الصينية، إلى إحداث تنمية شاملة في مقاطعة شينجيانج الأكبر من حيث المساحة، ذات الحكم الذاتي شمال غرب البلاد، من واقع الحكمة الصينية القائلة: "عندما تتراجع الموارد نبدأ في التنافس عليها ومن ثم فإن إحدى سبل تعزيز السلام هو تعزيز التنمية المستدامة والتوزيع العادل للموارد"، وتبلغ مساحتها 1.66 مليون كلم، بما نجحت من خلاله في التغلب على النزعة الانفصالية الموجودة لدى سكان الإقليم، في أوقات سابقة، وتشعرهم أن الحكومة المركزية في بكين تهتم بأن تتحول تلك المنطقة إلى منطقة استثمارية تضاهي جوانزو على ساحل بحر الصينالجنوبي جنوب غرب البلاد، وشنغهاي ويوهان وبكين العاصمة وغيرها من المدن الصينية التي تجتذب الاستثمارات وتعتبر مراكز اقتصادية مهمة، حيث توفر المشروعات الجديدة التي دشنتها الحكومة في شينجيانج، فرص عمل لأبناء الإقليم، بما يرفع من حالتهم المادية ويحقق الرفاهية الموجودة في باقي المدن. قومية الويغور ويقطن مقاطعة شينجيانج قومية الويغور المسلمة وأعراق مختلفة من المنغول والكازاخ والقرغيز والطاجيك والأفغان والهنود والباكستانيين، يصل عددهم حاليًا إلى 22 مليون نسمة، الذين توافدوا على تلك المنطقة عبر 4000 سنة حيث كانت تمثل في الماضي نقطة أساسية في طريق الحرير القديم، ونقطة انطلاقه إلى وسط آسيا والمنطقة العربية، وصولاً إلى الشام ثم مدينة القسطنيطينية شمالاً "إستانبول حاليًا في تركيا"، والإسكندرية جنوبًا في مصر، فضلاً عن مسارات أخرى جنوبًا إلى شبه القارة الهندية مرورًا بباكستان، ومسار شمالي يمر من جنوبروسيا ووسط آسيا ثم شرق أوروبا فغربها. وخلال تلك المدة الطويلة قدم المسلمون إلى تلك المقاطعة، مع حركة التجارة القادمة من الشرق الأوسط، لكي ينشروا الإسلام فيها خلال عهد الدولتين الأموية والعباسية، وقدم أيضًا الفرس والأتراك العثمانيون وباقي المسلمين المنضوين تحت لواء الدولة العثمانية، لكي يتشكلوا فيما بعد في إطار قومية الويغور التي تعتبر النسبة الغالبة من السكان، ويتحدثون حتى الآن اللغة التركية القديمة ممزوجة باللغة الفارسية، وكلتاهما بالحروف العربية، وهي قريبة من لغة العثمانيين، قبل أن يحول كمال أتاتورك اللغة إلى الحروف اللاتينية في أعقاب الحرب العالمية الأولى وتوقيع تركيا اتفاقية لوزان المذلة، مع دول الحلفاء المنتصرة. أعراق وديانات مختلفة تعيش في سلام ويقطن معهم في المنطقة 52 قومية اثنية أخرى، مثل الهان وهو أكبر عرق في الصين عمومًا ويدخل تحت مظلته 93% من المواطنين، والكازاخ القادمين من سهوب كازاخستان المجاورة للإقليم، والهوي والقرغيز والشيبو والمنغول والطاجيك والأوزبك والتتار والروس، يدينون بديانات عدة أبرزها الإسلام ثم البوذية ثم المسيحية الأرثوذوكسية والكاثولوكية وديانات أخرى صغيرة في عدد معتنقيها، ورغم ذلك التنوع عاشت تلك القوميات والأديان دون حروب أو مشاكل طائفية، بل شكلت مجتمعة جيوشًا تدافع عن تلك المقاطعة وتحمي ثقافاتها المختلفة. مخطط الصين لتطوير مركز أورومتشي نان جون نائب مدير مركز قطارات تجميع البضائع في أورومتشي، قال ل "بوابة الأهرام"، إن 3 رحلات يومية تخرج من ذلك المكان حاملة البضائع إلى محطات على طول طريق الحرير الجديد، وصولاً إلى دول أوروبا الغربية، فضلاً عن قطارات أخرى تذهب بالبضائع الواردة من خارج الصين إلى المدن الصينية المختلفة، وذلك من خلال نظام تشغيل حديث، ومعتمدًا على ما أبرمته الحكومة الصينية من اتفاقيات تسهيلات جمركية مع عدد من الدول، خصوصًا في معبري هوحوس والأشانكو، مشيرًا إلى أن قطاعات الجمارك في الصين وشركائها تعمل على دفع الابتكار في التفتيش والحجر الصحي والبيطري، من أجل تقديم تسهيلات تعمل على تطوير رحلات القطارات وسيارات النقل الثقيل. وأضاف نائب مدير مركز قطارات تجميع البضائع في أورومتشي، أن المركز أيضًا مرتبط مع طريق الحرير البحري، الذي يربط أوروموتشي في شينجيانج مع مدينة ليليانون قانج جنوبالصين ثم نيودلهي عاصمة الهند فباكستان، والذي من المقرر أن يستكمل بالإبحار غربًا في المحيط الهندي إلى ميناء جبل علي في الإمارات ثم رأس الخيمة عند مضيق هرمز ثم العودة إلى شرق إفريقيا جيبوتي والصومال وإريتيريا ثم قناة السويس في مصر، وصولاً إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط ثم قلب أوروبا، وأنه تُستخدم طرق سريعة وخطوط سكك حديدية في هذا الطريق. ولفت إلى أن قطاع السكك الحديدية الصيني، يخطط لزيادة حجم مركز قطارات تجميع البضائع، بما يعمل على توسيع حجم التجارة عبر طريق الحرير الجديد، وإدخال خدمات لوجستية أكبر، بحيث يتحول المركز إلى أكبر محطة تجميع بضائع وتوزيع البضائع على طول الطريق، وأكبر ميناء بري في العالم، بهدف الوصول إلى إطلاق 700 قطار في العام بين الصين وأوروبا في 2025. . . . .