نشبت مواجهة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، الصينوالولاياتالمتحدة، على خلفية توتر بين الأخيرة وبين العديد من الدول الأخرى، وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أقر في أوائل هذا العام 2018، فرض رسوم جمركية بقيمة 50 مليار دولار على البضائع الصينية. فيما وصفتها الصين بأنها بتنفيذها ستكون أكبر "حرب تجارية" في التاريخ الاقتصادي. وبالفعل، بدأت "الحرب التجارية" بين الدولتين يوم الجمعة، 6 يوليو الحالي 2018، بفرض الأولى رسومًا جمركية على بضائع للأخيرة تبلغ قيمتها 34 دولارًا. تلاها تحركات صينية بفرض رسوم جمركية على 545 منتجًا أمريكيًا، تبلغ قيمتها هي الأخرى 34 مليار دولار. في خطوة وصفتها الصين، بأنها رد على تحركات الولاياتالمتحدة، وقالت وزارة التجارة الصينية: "تعهد الجانب الصيني بعدم إطلاق أول طلقة، ولكنه مجبر على الرد لحماية مصالح شعبه". ويرى ترامب ومستشاروه، أن الرسوم الجمركية جاءت ضرورة للضغط على الصين للتخلي عن ممارساتها التجارية غير العادلة، مثل سرقة حقوق الملكية الفكرية، وإجبار الشركات الأمريكية على بيع أسرارها التكنولوجية، كما هدد بفرض نسبة 10 في المائة على بضائع صينية إضافية تبلغ قيمتها 200 مليار دولار، إذا "رفضت بكين تغيير سياساتها". مضيفًا أن كمية البضائع الخاضعة للرسوم قد تزيد إلى ما قيمته أكثر من 500 مليار دولار. في حين تنفي بكين ارتكاب أي أخطاء، وأكدت، أنها مستعدة لخوض حرب تجارية حتى نهاية الطريق، وأكد وزير الخارجية الصيني، أن الدخول في حرب تجارية مع الصين ستؤدي إلى كارثة عالمية، وأشار بعض المحللين، إلى أن تلك الحرب التجارية بين الدولتين لا تستهدف الصين فقط، وإنما معظم حلفاء أمريكا في أوروبا وكندا والمكسيكوأمريكا الجنوبية، مما قد يؤدي إلى فوضى تقود إلى انهيارات اقتصادية في القارات الخمس. أيضًا، يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء حرب الولاياتالمتحدة التجارية مع الصين، هو الرغبة في المضي قدمًا في الجيل الخامس. وينظر إلى هذه التكنولوجيا باعتبارها العمود الفقري من كل شيء من السيارات بدون سائق إلى المدن في المستقبل. حيث تتسابق أمريكاوالصين الآن لتصبح الرائدة في G5، ووضع المعايير التي ستحدد الجيل القادم من الإنترنت عبر الهاتف النقال. وسوف تؤثر الرسوم الجمركية التي أعلن عنها حتى الآن في نحو ما نسبته 0.6 في المائة من التجارة العالمية، وتمثل 0.1 في المائة من الناتج الإجمالي العالمي، بحسب قاله موقع مورغان ستانلي. وفي حين أن الصين تستورد من الولاياتالمتحدة بنسبة أقل أربع مرات مما تصدر إليها، بالتالي سيتحتم عليها البحث عن وسائل بجانب الرسوم الجمركية لمجاراة الحرب. وهو ما حصرته الوكالة الفرنسية في "معاقبة الشركات" حيث تعد المنتجات الأمريكية أحد وسائل الضغط الكبرى على الولاياتالمتحدة، على سبيل المثال يُعد هاتف "I phone x" ومقاهي "starbucks" وإنتاجات هوليود من الأفضل مبيعًا في الصين. الوسيلة الأخرى المتوقعة هي "المقاطعة"، حيث تعول الكثير من الشركات الأمريكية على الصين، من بينها جنرال موتورز، التي تبيع سيارات في الصين أكثر مما تبيع في أمريكا الشمالية، وبإمكان بكين الإضرار بمبيعاتها من خلال ضرب صورتها في السوق الصينية. وهو ما اتخذته الصين سابقًا ضد اليابان عام 2012، أو ضد كوريا الجنوبية العام الماضي، والتي أدت إلى انهيار بنسبة 50% في مبيعات السيارات من هذين البلدين خلال شهر واحد. وتوقعت وكالة "بلومبرج" الاقتصادية في تقرير لها، أن تكون المكسيك هي الرابح الأكبر من تلك المشاحنات، حيث تملك الفرصة لتصبح أكبر مصدر لأجهزة التليفزيون المسطحة إلى السوق الأمريكية، لكون هذه الشاشات ضمن آلاف المنتجات الصينية التي تستهدفها الرسوم الجمركية، وفي المقابل بإمكان المزارعين المكسيكيين أن يحتلوا مكان منافسيهم الأمريكيين في سوق لحوم الخنزير الصينية، التي تعد أكبر الأسواق في العالم، بعد أن فرضت الصين رسومًا جمركية على 106 من السلع الأمريكية من بينها اللحوم.