"جوهري.. جوهري" أشهر هتاف للجماهير المصرية، كانت تضج به الشوارع والميادين، احتفالًا بالانجازات والبطولات، التي حققها المدرب المصري محمود الجوهري؛ الذي شارك في حرب أكتوبر 73 كضابط أشارة، وبعد تحرير الأرض اتجه للتدريب، ليحقق ما لم يحققه مدرب قبله، ويعبر بالمنتخب المصري لمونديال 90 في إيطاليا. واليوم قبل ساعات من المواجهة المرتقبة، بين منتخبي مصر وأرجواى، في كأس العالم روسيا 2018، مازالت الجماهير المصرية، النتائج المشرفة، التي حققها الكابتن الجوهري في كأس العالم بإيطاليا، بمشاركة مجموعة مميزة من اللاعبين. إذا كان الصعود لكأس العالم، هو الانجاز الوحيد الذي حققه الجوهري، لكان كافيًا ليسطر اسمه، في سجل عظماء الكرة المصرية، ولكنه لم يكتف بذلك وحقق انجازات وبطولات، فكان أول لاعب ومدرب يحصل علي بطولة إفريقيا، وأول مدرب يدرب الأهلي والزمالك، ويحصل معهما علي البطولات، هذا بخلاف اسمه الذي سطع في الدول العربية. الجوهري مع نجوم منتخب مصر 1990
ضابط برتبة مدرب مقاتل بالرغم من أن الجماهير المصرية، عرفت الكابتن محمود الجوهري، بانجازاته كمدرب، إلا أن الكثيرين لا يعرفون أنه أحد أبطال حرب أكتوبر 73، حيث كان ضابطًا برتبة مقدم، وخرج من الخدمة وهو برتبة عميد في سلاح الإشارة. وربما أثرت فترة مشاركة الجوهري في حرب العبور، ودخوله مدرسة العسكرية المصرية، في شخصيته وسلوكه كمدرب، فكان يخطط ويعد لكل صغيرة وكبيرة، قبل مواجهة خصومة، يشحن لاعبيه ويحفزهم، ليعبر بهم ويسعد الجماهير المصرية، التي وثقت به وهتفت باسمه في الشوارع والميادين. مصر وهولندا في مونديال 1990
أول مدرب يدرب الأهلي والزمالك بدأ محمود الجوهري، حياته الكروية لاعبًا بالنادي الأهلي، وتم اختيار بمنتخب مصر، خلال الفترة من 1955 وحتى 1966، ولكن إصابته بالرباط الصليبي، أجبرته علي الاعتزال مبكرًا. ولكن شخصيته القتالية، وإصراره علي عبور المستحيل، جعلته يتجه لمجال التدريب، فعمل مدربًا لفريق النادي الأهلي، في بداية الثمانينات، ونجح في الفوز بأول بطولة أفريقية، في تاريخ النادي الأهلي، حينما تغلب علي كوتوكو الغاني، وعاد بكأس دوري أبطال إفريقيا عام 1982. وبالرغم من أن فريقي الأهلي والزمالك، يرفضان تولي تدريبهما مدرب، عمل في تدريب أحدهما من قبل، إلا أن الكابتن الجوهري، كان ظاهرة فريدة في الكرة المصرية، فبعد المشاركة في كأس العالم، وتركه لفترة تدريب المنتخب المصري، عرض عليه تدريب الزمالك، ليحصل معه علي بطولة أفريقيا أبطال الدوري عام 1993، والفوز بكأس السوبر الأفريقي بعد أن تغلب علي الأهلي، في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، في بداية عام 1994. الجوهري على الأعناق
انجاز الوصول لكأس العالم 90 بإيطاليا بعد نجاح الجوهري مع النادي الأهلي كمدرب، تم اختياره لتدريب منتخب مصر، في بداية عام 1988، وكان الهدف هو الوصول لكأس العالم، بعد غياب مصر عن المونديال العالمي منذ عام 1934. وتمكن الجوهري من تكوين منتخب قوي، بقيادة التوأم حسام وإبراهيم حس لاعبا الأهلي، وأحمد الكأس، وجمال عبد الحميد، وربيع ياسين، ومجدي عبد الغني، وهاني رمزي، وهشام يكن وغيرهم، مازالت الجماهير المصرية تتذكرهم بالاسم. وبعد خوض تصيفات صعبة، لاختيار فريقين فقط من القارة السمراء، كما كان معمول به خلال هذه الفترة، تمكن منتخب من الصعود لمونديال 90 في إيطاليا، بعد التغلب علي المنتخب الجزائري 1/ 0 باستاد القاهرة. حقق الجوهري الحلم الصعب، الذي انتظرته الجماهير لأكثر من 40 عامًا، بالصعود للمونديال العالمي، ولكنه لم يكتف بذلك، وأعد الفريق أعداد فني وبدني ونفسي، ليحقق نتائج مبهرة لم يكن يتوقعها أحد، لتنزل عدالة السماء علي استاد بالرمو بإيطاليا، بعد أداء رائع للفراعنة، ويتعادل المنتخب مع هولندا بطل أوربا 1/1، الذي كان يضم وقتها مجموعة من نجوم الكرة العالمية. وفي اللقاء الثاني مع بولندا، انتزع المنتخب التعادل السلبي بنتيجة 0/0، وفي المباراة الثالثة، لم يوفق المنتخب ليخسر 0/1، أمام منتخب انجلترا بهدف في الشوط الثاني. وبالرغم من الخروج، إلا أن الجماهير المصرية، استقبلت اللاعبين استقبال الفاتحين، بعد أن تمكن الكابتن محمود الجوهري، من تحقيق نتائج لم يكن يتوقعها أحد، لتتحول مصر خلال هذه الفترة، لقوة كراوية بالقارة السمراء. وكانت النتائج التي حققها المنتخب المصري، ومنتخب الكاميرون في كأس العالم، كفيلة بأن تجعل الاتحاد الدولي الفيفا، يعد النظر في عدد المنتخبات الإفريقية، المشاركة في نهائيات كأس العام، ليرتفع العدد لخمسة منتخبات، بعد العمل بنظام المجموعات. الجوهري وإبراهيم حسن وحزن الخروج من مونديال 1990 الفوز ببطولة أمم إفريقيا لاعبًا ومدربًا عرف الكابتن الجوهري، بقدرته علي إخراج كل ما في اللاعبيه من قدرات، وتوظيف إمكاناتهم حسب مجريات المباراة والخصوم، فحقق عدة إنجازات لم يتمكن مدرب مصري من الوصول إليها. فكان أول لاعب ومدرب، يحصل علي بطولة أمم إفريقيا، فرفع كأس إفريقيا كلاعب عامي 1957 و1959، وفاز بالبطولة كمدرب في عام 1998، والتي أقيمت في بوركينا فاسو وتغلب في النهائي على منتخب جنوب إفريقيا لكرة القدم بهدفين نظيفين. كما قاد الجوهري المنتخب المصري، للفوز بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب العربية 1992، والتي أقيمت في سوريا، بعد الفوز على المنتخب السعودي 3 / 2 في المباراة النهائية. تدريب الأندية والمنتخبات العربية كان الكابتن الجوهري رحمه الله، مثل الجندي في ميدان المعركة، الذي لا يرفض نداء تولي مسئولية منتخب مصر، وبالرغم من إقالته أكثر من مرة، بسبب إخفاقه في الحصول علي بطولة أو هزيمته في مباراة، إلا أنه كان لا يتردد في الاستجابة، والرجوع لتولي المسئولية في أية لحظة. وخلال الفترة التي ابتعد فيها الجوهري، عن تدريب منتخب مصر، تولي تدريب عدد من الأندية العربية والخليجية، منها الهلال السعودي واتحاد جدة، وفي الإمارات درب ناديي الشارقة والوحدة الإماراتيين، وقاد منتخب عمان في كأس الخليج عام 1996، وحقق معه نتائج متقدمة في البطولة. وعندما تولي تدريب المنتخب الأردني، في عام 2002، ومنصب المشرف علي الكرة الأردنية، تمكن من الوصول إلي نهائيات كأس الأمم الأسيوية 2004 في الصين، لأول مرة في تاريخ الكرة الأردنية، وصعد بالفريق إلى دور الأربعة، وخرج أمام اليابان بضربات الترجيح. وحقق مع منتخب الأردن، العديد من الإنجازات العربية، أهمها المركز الثالث في كأس العرب في الكويت، والمركز الثاني في دورة غرب آسيا. وبسبب الانجازات التي حققها الجوهري مع الكرة الأردنية، منحه عاهل الأردن وسام العطاء المتميز، خلال استقباله في القصر الملكي في عمان، بعد أن وضع خلال عمله بالمملكة الهاشمية، العديد من أسس التطوير، علي مستوي المنتخبات السنية والأندية. وعندما قرر اعتزال التدريب، اختاره الاتحاد المصري، مديرًا فنيًا للاتحاد، ليضع خبراته الطويلة في التخطيط الفني للكرة المصرية، خلال الفترة 2007 وحتى 2009. الموت يغيب جنرال الكرة المصرية تولي الجوهري منصب مستشار الاتحاد الأردني لكرة القدم، بداية من 2009، وأثناء وجوده لممارسة مهام عمله في العاصمة عمان، أصيب بجلطة دماغية، أدت إلي نزيف حاد بالمخ يوم الخميس الموافق 30 أغسطس عام 2012. لينتقل على إثر ذلك، إلى أحد المستشفيات في العاصمة الأردنيةعمان، حيث أعلن الأطباء وفاته إكلينيكيا، وفي صباح يوم الإثنين 3 سبتمبر عام 2012، توفي محمود الجوهري، عن عمر يناهز الرابعة والسبعين، إثر أزمة قلبية حادة. أقيمت له جنازة عسكرية في الأردن، شارك فيها الأمير علي بن الحسين، ونقل إلى القاهرة في طائرة عسكرية، وفي القاهرة كان في استقباله، نجوم الكرة المصرية، والذين حملوا نعشه علي أكتافهم وودعوه لمثواه الأخير.
قالوا عن الجوهري التوأم حسام وإبراهيم حسن: أعرب التوأم عن حزنهما الشديد، على رحيل الجنرال محمود الجوهري، والذي كان له فضل كبير عليهما، وقام التوأم بالسفر إلى الأردن بصحبتهما أحمد حسن فور علمهم بوفاة الجنرال. عبدالظاهر السقا: "مصر خسرت إنساناً عظيماً، فالجوهري كان يتمنى تحقيق كل ماهو جيد لمصر، ووفاته تعد خسارة كبيرة". وأضاف : "الجوهري استدعاني فى أثناء وجودي بالدرجة الثانية مع نادي المنصورة ولولا الجوهري ماكان ظهر اسم عبد الظاهر السقا". عصام الحضري : "تعاملت مع الجوهري لخمس سنوات ولابد أن يعرف الجميع بأنه يحب عمله وبلده بكل ما تحمل الكلمة من معنى". طاهر أبو زيد : "برحيل الجوهري فقدت الرياضة المصرية رمزاً كبيراً من رموزها، فهو إنسان مخلص وملتزم في عمله، ونتج عن ذلك تحقيقه إنجازات كثيرة، بداية من التتويج بالأمم الإفريقية، والوصول لكأس العالم 1990 بإيطاليا حسن شحاتة : "دائما ما نهاجم الرموز ولا نذكر إنجازاتهم إلا بعد رحيلهم". مجدي عبد الغني : وفاة الجوهري خسارة كبيرة للوطن العربي، فكان له بصمات مهمة في تاريخ كرة القدم المحلية والعربية والإفريقية.