أحمد البري يكتب: قضية اليوم إذا اتبعنا المنهج الذي تناولناه طوال شهر رمضان؛ نكون قد وصلنا إلى بداية الصراط المستقيم الذي هو سبيل المؤمنين، وليس المغضوب عليهم ولا الضالين.. لقوله تعالى: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ"(الفاتحة 6 و7)، وقوله أيضا: "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (الأنعام:153). وعن الصراط المستقيم قال ابن القيم رحمه الله: "ولنذكر فيه قولاً وجيزاً؛ فإن الناس قد تنوعت عباراتهم عنه بحسب صفاته ومتعلقاته، وحقيقته شيء واحد، وهو طريق الله الذي نصبه لعباده ليصلوا إليه، ولا طريق إليه سواه، بل الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله وجعله موصلاً لعبادة الله، وهو إفراده بالعبادة، وإفراد رسله بالطاعة، فلا يشرك به أحد فى عبادته، ولا يشرك برسوله "صلى الله عليه وسلم" أحد فى طاعته، فيجرد التوحيد ويجرد متابعة الرسول، وهذا كله مضمون شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فأى شيء فسر به الصراط المستقيم، فهو داخل فى هذين الأصلين". إن الصراط المستقيم يعني معرفة الله وطاعته فيما أمر ونهى، وعبادته، والاعتصام بكتابه وسنة نبيه، واتباع النور الذى جاء من عنده، والالتزام بأوامره، والواجب على المرء أن يتبع صراطه جل وعلا، ولا يميل ولا تأخذه السبل الكثيرة التي تهوي به إلى ما لا تحمد عقباه، فكل من سلك سبيلاً غير السبيل الذى جاء به الرسول لن يستطيع العبور على الصراط.. إنه طريق الإنسانية، فالنفس المستشفعة بنفس رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، تستأنس بالله وتشتق منه تعالى صفات الكمال ويستأنس بهذه النفس كل إنسان ومخلوق لما نالت من صفات الرحمة والعطف والحنان والحب الإلهي، وفاضت بها على من حولها.. فاللهم اهدنا هذا الطريق الذى تدعونا إليه لنستأنس بك، فنغدوا في هذه الدنيا أخوة متحابين بغية رضاك يا أرحم الراحمين.