في الوقت الذي تتمني فيه قوي دولية صاعدة, سرعة زوال النفوذ الأمريكي, ويبحث فيه القادة في اليابان والصين وروسيا عن وسائل تقارب سياسي وتعاون عسكري فيما بينهم, تبدو جلية حالة ترنح القوة الأمريكية وبروز الصين. وفي كتابه الأخير, رؤية إستراتيجية: أمريكا وأزمة القوي الدولية, يناقش زبيجنيو بريجنسكي, أكثر من قضية استثنائية, في أربعة أجزاء رئيسية يتضمنها الكتاب الذي وصفه العديد من النقاد بالكتاب الاستفزازي والمرعب, أولها الآثار المترتبة علي توزيع متغير للقوي الدولية وانتقالها من الغرب إلي الشرق. وفي الجزء الثاني يناقش مدي حتمية أفول أمريكا التام كقوة عظمي وحيدة إذا ما استمرت علي إيقاعها الحالي, ثم يحذر من أن غياب أمريكا كلاعب أساسي يعني ببساطة فوضي لا قبل لأحد بها من بين مخاطر أخري مشئومة, وفي الجزء الثالث من الكتاب يناقش العواقب الجيوسياسية المحتملة إذا ما أفل النجم الأمريكي بحلول عام 2025, وتولت الصين لعب الدور الأمريكي, وهو في النهاية في الجزء الرابع, يقدم رؤية إستراتيجية واضحة لكيفية مواجهة تحديات الشرق الجديد, ليستعيد الغرب هيمنته وسطوته ويطوي العالم تحت جناحيه, وما يجب علي الولاياتالمتحدة فعله الآن لاستعادة قوتها وهيمنتها علي الجغرافيا السياسية والرؤية الإستراتيجية التي عليها تبنيها لموجهات تحديات تاريخ غير مساره بشكل غير متوقع. بريجينسكي الذي يعمل حاليا مستشارا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية وأستاذا لمادة السياسية الخارجية الأمريكية بجامعة جون هوبكنز, يري أن الولاياتالمتحدة قد أدارت العالم لمدة نصف قرن بشكل منقطع النظير من الهيمنة. ويضيف أنه في عالم غير مستقر على نحو متزايد، تظل الولاياتالمتحدة ، على حد تعبير وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت، "أمة لا غنى عنها." على الرغم من أنها لم تعد عملاقة الهيمنة، إلا أنها لا تزال ضرورية، في تقديره، من اجل تعزيز "غرب اكبر وأكثر حيوية" (يحتضن "ربما بطرق متفاوتة، كل من تركيا وروسيا )، بينما يلعب في الوقت نفسه "الموفق" في آسيا, وينصح بريجينسكي واشنطن بضرورة إشراك الصين "في حوار جاد بشأن الاستقرار الإقليمي" للحد من إمكانية، ليس فقط صراعات ما بين الولاياتالمتحدة والصين ولكن أيضا من حسابات خاطئة بين الصين واليابان، أو الصين والهند، أو الصين وروسيا. أمريكا "في تدهور خطير لأسباب داخلية وخارجية" كما يقول، وسوف يؤدي هذا إلى انهيار في قدرة النظام الدولي علي منع نشوب صراعات, بعد أن بات من الواضح أن "أمريكا غير راغبة أو غير قادرة على حماية دول اعتبرتها من قبل، على الصعيد المصلحة القومية ولأسباب عقائدية، تستحق الدعم.