تخوض وزارة الخارجية معركة مع القناصل الفخريين الذي يمثلون دولًا أجنبية دفاعًا عن السيادة وتطبيقًا للقانون المصري، علما بأن هؤلاء القناصل من الشخصيات المصرية، واللافت أكثر أنه كان من أبرزهم رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة السابق الهارب من قبضة العدالة. وأثار تمسك القنصل الفخريين ببراءات الاختراع الممنوحة لهم علامات استفهام عديدة حول مغزي ودلالات هذا الموقف ؟ وما هي الفوائد التي يجنيها هؤلاء من وراء إصرارهم علي الاحتفاظ بتلك البراءات "مدي الحياة" والتي أصبحت يتم توارثها جيلًا بعد جيل . وترجع جذور هذه المعركة إلي قبل أكثر من عام وتحديدًا في يناير 2011 حين صدر قرار لوزير الخارجية المصري الأسبق أحمد أبو الغيط بتكليف من الحكومة بإنهاء ما كان يعرف بظاهرة القناصل الفخريين من المصريين الذين يعملون لدول أجنبية ويمثلونها علي أرض مصر، ومنح هذا القرار هؤلاء القناصل مهلة لمدة عام من تاريخ صدوره ونشره في الجريدة الرسمية لإنهاء هذا الوضع وتسليم ما لديهم من براءات لوزارة الخارجية كانوا قد حصلوا عليها قبل سنوات طويلة تتجاوز نصف القرن. وبينما أقدم نحو 11 من هؤلاء القناصل الذين يمثلون دولًا أجنبية أوروبية وإفريقية ولاتينية علي تسليم ما لديهم من براءات، لكن الأغلبية العظمي تصر علي التمسك بهذه البراءة الممنوحة اليهم، مما يثير علامات استفهام كثيرة حول المغانم والمزايا التي تتحقق لهم من وراء هذا الأمر. وبداية يشار إلي أن عدد هؤلاء القناصل الفخريين يصل نحو 57 قنصلًا يمثلون 63 دولة أجنبية، وأن من أبرز الذين عملوا قناصل لدول أجنبية في مصر المهندس رشيد محمد رشيد، وزير الصناعة والتجارة السابق، والذي ظل يعمل قنصلًا لهولندا لسنوات طويلة والغريب أنه ظل يحتفظ بهذا المنصب جنبًا إلي جنب مع منصبه الوزاري وحتي بعد هروبه للخارج وخروجه من الوزارة، علي أثر انهيار النظام السابق، ولم تنه صفته القنصلية سوي السفارة الهولندية بإجراء وقرار أصدرته السفارة في أغسطس الماضي، وأبلغت به وزارة الخارجية. السفير أشرف الخولي مساعد وزير الخارجية لشئون أكد أنه يتعين علي هؤلاء القناصل تسليم تلك البراءات فورا للوزارة وإلا فإنهم سيقعوا تحت طائلة القانون وانتحال صفة غير ممنوحة لهم، ومن ثم مخالفة القانون المصري، مما يعرضهم للمساءلة، خاصة إذا ما ثبت توقيع أي منهم علي أوراق أو مستندات أو وثائق قدمت إلي جهات مصرية "بدعوي أنهم قناصل". السفير الخولي في تصريحات خاصة ل "بوابة الأهرام"، يقول "مفيش حاجة اسمها قنصل فخري مدي الحياة، هذا وضع يمس سيادة الدولة المصرية وآن الأوان لتصحيحه ومن ثم فإن من امتنع عن تسليم البراءة التي بحوزته سيضع نفسه تحت طائلة القانون والمساءلة". ويؤكد السفير الخولي أن الإجراء الذي اتخذته الحكومة المصرية بإنهاء وضعية هؤلاء القناصل يتفق تمامًا مع اتفاقية فيينا التي تنظم عمل القناصل لدي الدول، وتمنحها الحق في قبول أو رفض هذه الصفة، باعتباره قرارًا سياديًا. هؤلاء القناصل لجأوا من جانبهم إلي رفع دعوي قضائية ضد الحكومة ووزارة الخارجية، متجاهلين أو متغافلين للقانون المصري الذي يمنح رئيس الجمهورية الحق في منح الترخيص للقنصل الفخري أو الغائه، لكن ثمة علامات استفهام كثيرة تثار حول هذا التصرف من جانب بعض القناصل الفخريين الذين رفضوا تسليم البراءات التي بحوزتهم تتعلق بمدي استفادتهم من وراء اصرارهم علي الاحتفاظ بتلك البراءات والتشبث بها، والتي بدا أنها لأعوام طويلة "بلغت عدة عقود" حتي بات تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل، وفي ظل ما كانت تمنحهم من حصانة دبلوماسية. كما أن الدول الأجنبية التي يمثلها هؤلاء القناصل بدورها مطالبة بتحديد موقفها منهم، ويجرنا هذا الأمر بالضرورة الي الحديث عن قضية مهمة تتعلق بالكيفية التي كان يتعامل بها هؤلاء القناصل "الفخريين" مع مواطنيهم وأبناء جلدتهم المصريين حين كانوا يقصدونهم للحصول علي تأشيرة للدولة التي يمثلونها، أو توثيق شهادة، وكيف كانت هذه المعاملة تتسم بالاستعلاء والغطرسة، وهو الأمر الذي ظل محل شكوى. أخيرًا يشار إلي أن وزارة الخارجية وبتكليف من وزيرها محمد عمرو إلي مساعده لشئون إدارة المراسم السفير أشرف الخولي أجرت اتصالات مع سفارات الدول التي يمثلها هؤلاء القناصل نصحتهم من خلالها علي ضرورة الالتزام بالقرار المصري، وانه لن يكون مقبولًا أبدا خرق القانون أو تجاوزه. وأكدت الوزارة أن من يصر علي ذلك وارتكاب تلك المخالفات سيتحمل المسئولية كاملة أمام هذا القانون، خاصة إذا ثبت توقيعهم علي أي وثائق أو مستندات بعد دخول القرار حيز التنفيذ وانتهاء المهلة المقررة في 27 يناير الماضي 2012. يذكر أن من أبرز الدول الأجنبية التي لديها قناصل فخريون في مصر ألمانيا وبريطانيا والنمسا والسويد والدانمارك والتشيك وجنوب إفريقيا، بجانب أكثرية دول أمريكا اللاتينية.