قالها صديقي الفيلسوف: عندما تحلمين، لا تعبئي بالواقع. فرددت: كيف، والواقع هو ما نعيشه؟ أجابني: الحلم لحظات تمنحك الاستمتاع، فاستمتعي عزيزتي. فرددت: الاستمتاع! وما الاستمتاع في رأي الفيلسوف؟ رد بهدوء: لحظات تمر بك تشعرين بها بلذة تسري بجسدك وسعادة تملأ كيانك. فسألت بتوسل: وما اللذة والسعادة في شيء لن يحدث؟ رد بهدوء: وما أدراك؟ وما أدراك أنه لن يحدث؟ همست بتساؤل: ربما أصابني الواقع باليأس. فرد: بل ربما أصابك الحلم بالحياة. همست: كنت أعتقد أن عكس اليأس أمل وليس حلمًا. فرد بجدية: الحلم يمنحك الأمل والأمل يمنحك حياة فتعيشين من أجل حلمك، أما اليأس يقتل حياتك فتكونين كميتٍ حي أو كحيٍ ميتٍ. صحت: ولكنه المستحيل؟ فهمس: وهل هناك ما يمنع تحقيق هذا المستحيل؟ فتمتمت في سري: ربما إن علمت ما المستحيل لقلت نعم، هناك الكثير والكثير مما يمنع تحقيقه. فرد بهدوء وكأنه قد سمعني: حتى إن كان المستحيل مستحيلًا فما دمت حلمت به فستسعين له. اقتربت منه هامسة: أتعني أن أحاول وراء مستحيلي. فأجاب بلا مبالاة: فلتفعلي ما شئت لتحقيق حلمك. فهمست بدلال: أتعلم يا صديقي أنني حلمت حلمًا عجيبًا، حلمت بأننا معًا وأنك قد تركت سفسطتك لتكون معي، وغادرنا حياتنا وعشنا معًا حياة مليئة بالحب. فصاح: تركت سفسطتي؟ أي مصطلح هذا؟ فتمتمت في نفسي: أهذا ما لفت انتباهك؟ أتركت كل الحلم وتمسكت بتلك الجملة؟ بينما هو يكمل صائحًا: إن هذا ليس حلمًا عزيزتي، إنه طريق الموت، فلتبعدي تلك الأحلام عن أحلامك. فتمتمت بأمل: أتعرف أن سارتر الفيلسوف استمر مع حبيبته وتلميذته سيمون دي بوفوار لما يزيد على خمسين عامًا. همس بهدوء: بالفعل فقد اتفقا معًا على الاكتفاء بالحب، وعدم الزواج نهائيًا،. وفرا على نفسيهما بيتًا بلا روح كبيت سقراط. وفي لحظة شجاعة لم أدري كيف واتتني فجأة، قفزت تجاه أقرب كرسي لأقف فوقه وأصيح: اسمع يا هذا، إنني أحب شئت أم أبيت. فرد بصدمة: ولم تصيحين؟ أجبته: لأسمع من أحب كلماتي حتى أحقق حلمي. فصاح: فلتسمعيه في مكانه وتعودي ليّ حتى نكمل عملنا. فهمست بتوسل: ولكنك أنت من أحب. فرد بتصفيق حاد: نعم هكذا. أعشق جرأتك. عليك بالذهاب له وإخباره بذلك والسعي لتحقيق حلمك. وبينما هي تكاد تنفجر غيظًا منه، تمتم مغادرًا: كم أتمنى ألا يكون أحدًا من تلامذتي لئلا يصاب مثلك بالجنون!