"دعه يا أبي. إنه لا يهتم". وقفت الأسرة كاملة تنتظر قرارها. ربما عدلت عنه في لحظة ما، ربما تراجعت أو حتى ترددت في موقفها. ربما لم يهن عليها ترك جنتها التي استمرت في إعدادها شهورًا. وبينما هو ملتصق بالحائط، مستندًا بإحدى قدميه عليه والأخرى ثابتة بالأرض، كانت هي ممسكة بحقيبة يدها هامسة: والآن حان وقت الرحيل. أسرع شقيقها لحمل حقيبتها لوضعها بالسيارة وهو ينظر لها متوسلًا؛ ربما تتراجع، ولكن نظرتها أوقفته فغادر حاملًا حقيبتها هامسًا: سأنتظر بالخارج يا أبي. اقتربت الأم هامسة: ابنتي، أهذا قرارك النهائي؟ فلتمنحي نفسك فرصة. أنت تعلمين جيدًا أن العام الأول في الزواج يكون ملتهبًا يحتاج للهدوء والصبر. كانت هي تهمس شاردة حاملة دميتها الكبيرة: هيا يا أمي. في حين تتمتم في نفسها: لقد انتهى وقت الفرص. ليصرخ والدها: أليس لنا الحق حتى في أن نسال عن السبب؟ فردت بتمتمة: لا، ليس لأحد الحق يا أبي. رد الأب وهو ممسك يديها بحنان: حتى أبوك حبيبتي؟ حتى أبوك؟ فأمسكت بيديه متعلقة به هامسة بإثارة: أبي دعنا نعود لحياتنا القادمة، سنعود للعب الطاولة ومشاهدة المباريات وممارسة الرياضة، سنعود للضحك معًا وقراءة الفنجان لبعضنا البعض، سنعود للحياة. لمحت بوادر ابتسامة بشفتي والدها فتعلقت به محتضنة إياه فتلاعب بشعرها مبتسمًا مطمئنًا إياها. وبينما هما يتعانقان همس الزوج بهدوء موجهًا حديثه لها: أليس لي رأي في هذا؟ فهمست بهدوء: هيا يا أمي، فإن أخي بالخارج. فردت الأم بفرحة: لن يضيره أن ينتظر دقائق، لنسمع رأي زوجك عزيزتي. ردت هي بضيق: أمي! فاقتربت منها الأم متوسلة: نمنحه لحظات يا ابنتي. فردت بسخرية: لحظات لمن يهتم يا أمي. نظر لها هو متأففًا: لو لم أكن أهتم لما انتظرت كل ذلك الوقت حتى أحظى بلحظات معك في وقت بعيد عن الشد والضيق. لم تجب، في حين سحبت الأم كرسيًا وجلست متمتمة: قدمي تؤلمني. فصاح الأب: ليس هناك داع لهذه الحركات زوجتي العزيزة. إن أرادت ابنتك أن تنهي تلك الحياة فلتنهها من الآن، فلا داع للتراجع. وقام ممسكًا بيد ابنته يجرها، فأسرعت الأم تلحق به، بينما الفتاة تنظر متعجبة: أهذا والدها الذي كان يحلم بمنحه لحظات؟ صاح الزوج موجهًا نظره نحوه: ماذا؟ فرد الأب ببساطة: كنت أعتقد أنك تهتم، ولكن من لا يهتم لا يصح الاهتمام به. ثم اقترب منه وهمس في أذنه: لقد وهبتك ابنتي كي تمنحها ما تستحقه من سعادة، السعادة الكاملة التي لم أستطع منحها إياها، فإذا بها تطالبني بالسعادة المحدودة التي كنت أهبها لها. كنت أعتقد أنك ستتوسل وتطلب فرصة من امرأتك، ولكنك كنت تتركها لنا وكأنه شيء مسلم به. لم تشعرني طوال اليوم أنك تسعى لابنتي فكيف تشعر بك هي؟ همس: ولكن يا والدي؟ أنت لم تسمع. وقبل أن يكمل همس الوالد: ولا أرغب في أن أسمع؛ فقد كان حلمي أن أسمع صوتك تحادث قلبها، ولكن على ما أعتقد أنك لم تتعلم كيف تحادثه طوال عام كامل، فأي وقت معها لن يفيدك. وبينما الشاب متجمد كتمثال أمسك الوالد بيد ابنته هامسًا: هيا بنا حبيبتي، وراءنا جدول حافل بالنشاط.