بينما أقترب لأمسك به كعادتي، همس متجهمًا: دعيني. اقتربت منه هامسة: لم؟ فأجاب: لا أريد همست بدلال: ألا تعلم أنك أقربهم لقلبي؟ فصاح: فلتبحثي عن غيري صحت: ولكنك تعلم أنه ليس لي سواك. فلم يجب. فاقتربت منه متوسلة: أعاهدك أنني لن أفعل هذه المرة. فرد: كل مرة تعشمينني بذلك وتخدعينني. فأجبته بتوسل: أعدك. نطق بلوم: ألا يوجد ما تكتبي عنه سواه؟ فصحت: ومن قال إنني سأكتب عنه؟ فقال دائمًا ما تخبرينني بذلك ولكن كالعادة يأخذك الحنين له فصحت: لن أتحدث عنه هذه المرة. فتمتم: كل مرة تقنعينني بذلك ولكنك لا تفعلين. صحت: سأفعل هذه المرة، وسترى. فهمس بتعنت: إذا أخبريني عن ماذا ستكتبين؟ وإلا لن أمنحك جسدي. فصحت ناظرة للسماء: سأتحدث عن الزهور، عن الورود، عن الأشجار، عن البحار، عن السماء، عن الأمطار. سأتحدث عن... ولكن، حتى هؤلاء يتحدثون عنه. فأنني أرى ابتسامته في زهرة عباد الشمس وهي تضحك، وأرى في عينيه زرقة البحر وهو غامض، حتى أنني أرى عطاءه في كثرة الأمطار وهي تروي الأرض اليابسة. فصاح متأففًا: أرايت؟ لقد مللت. فهمست بتوسل: كلا، انتظر، سأتحدث عن الظلام والنور، عن الشمس والنجوم، سأتحدث عن الطيور. ولكن ماذا أفعل إن كان هو النور ذاته وإن ابتعد أتى الظلام، هو الشمس نفسها حتى إنه هو من يهب الحياة للنجوم، ألا تعلم أن ضوء النجوم وتلألؤها نتيجة انعكاس إشاعة الشمس؟ حتى إني أراه طيرًا من الطيور، بل إنه من أجمل أنواع النسور. فصاح بغيرة مفرطة: إذًا عليك أن تبحثي عن قلم أخر لتكتبي به. فنظرت له ممسكة إياه برفق هامسة: يا قلمي العزيز، إن كانت الطبيعة نفسها تتحدث عنه، فلم أصمت أنا؟