الأماكن في حياة عميد الأدب العربي د.طه حسين، الذي تحل اليوم 28 أكتوبر الذكرى الرابعة والأربعين لرحيله، متعددة كتعدد مراحل حياته، منها ما لا نمتلك اليوم صورة عنه، ومنها ما خلده التاريخ تخليدًا لذكرى صاحبه. في عزبة الكيلو التابعة لمركز مغاغة بمحافظة المنيا نشأ العميد في بيت ريفي فقير، لم تتح لنا الفرصة لمعرفته بشكل دقيق، ومن ثم تخليده كما يحدث مع الأدباء العظام في أية دولة، لأن البيت الذي نشأ فيه الكاتب الذي مثل نقلة ثورية في تاريخ الأدب المصري والعربي بشكل عام، لم يعد موجودًا. في سيرته الذاتية "الأيام" يقدم طه حسين الطفل آنذاك صورة مشوشة عن البيت، لا يكاد يتوقف عند وصف البيت بقدر ما يتوقف عند وصف ما خارج البيت الذي تتوق نفسه لبلوغه، كالمكان الذي تروى فيه الأشعار والسيرة، ذلك أن الطفل كان ضعيف البصر تحيطه قيود كثيرة بسبب حالته الصحية، الأمر الذي يحول بينه وبين الخروج. كان من الممكن لنا أن نعرف صورة كاملة عن البيت، بل وأن يتحول لمتحف، لولا أنه تم هدمه ليقام مكانه منزل جديد. في أكتوبر 2012 نشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط تقريرًا يفيد بأن منزل طه حسين تم هدمه ليقام مكانه منزل جديد، وأنه لم يعد هناك دليل على أن طه حسين عاش يومًا ما في هذه القرية. "هذا البيت الذي قام مكانه منزل من ثلاثة طوابق يمتلكه بقال يدعى على جمال، كان يقع في عزبة الكيلو التي أصبحت تتوسط مدينة مغاغة بعدما كانت عند مولد عميد الأدب العربي في أطرافها" .هكذا قال عامر أبو عزام، الموظف بهيئة الأبنية التعليمية آنذاك للشرق الأوسط، مضيفًا أنه: لا يوجد الآن أي أثر يدل على أن مغاغة هي مسقط رأس طه حسين سوى شارع رئيس يحمل اسمه وتمثال أقامته الوحدة المحلية منذ عشر سنوات، أما البيت الذي ولد فيه فقد أزيل منذ سنوات ولا يعرف معظم سكان المنطقة أن منزل علي جمال قام على أنقاض ذلك البيت، والمسنون منهم لم يعودوا يتذكرون الكثير مما حكاه الآباء والأجداد عن أسرة طه حسين وطفولته". بعد انتقال صاحب "دعاء الكروان" للقاهرة للدراسة بالأزهر أقام في بيت يقول عنه ". . . فهو يسكن بيتًا غريبًا يسلك إليه طريقًا غريبة أيضًا، ينحرف إليها نحو اليمين إذا عاد من الأزهر، فيدخل من باب يفتح أثناء النهار ويغلق في البيت، وتفتح في وسطه فجوة ضيقة بعد أن تصلى العشاء. . ." ويقول في موضع آخر: ثم يبلغ الصبي بيته فيدخل إلى غرفة هي أشبه بالدهليز، قد تجمعت فيها المرافق المادية للبيت وهي تنتهي به إلى غرفة أخرى واسعة غير مستقيمة قد تجمعت فيها المرافق العقلية للبيت، وهي على ذلك غرفة النوم، وغرفة الطعام وغرفة الحديث غرفة السمر وغرفة القراءة والدرس. . ." هكذا كانت صورة البيت الذي سكنه طه حسين بجوار الأزهر صورة سمعية وتخيلية أكثر منها بصرية، ف"الفتى" كما يصف العميد نفسه كان قد فقد بصره تمامًا منذ سنوات، يعتمد على الأصوات والروائح في اختيار أي الطرق يسلك، ويكون صورة تقريبية مشوشة للبيت لا تزودنا سوى بما يشعر به "صاحب الأيام". في الخمسينيات قرر د.طه حسين وزوجته سوزان الانتقال من بيتهما بالزمالك إلى منزل جديد، فاختارت سوزان أرضًا بحي الهرم بمحافظة الجيزة، في موقع كان يعد آنذاك منعزلًا نسبيًا، ليتم بناء البيت الذي سيعيش فيه طه حسين من 1955 حتى وفاته في أكتوبر 1973. "رامتان" هو الاسم الذي أطلق على البيت الجديد، والذي كان غريبًا على الأسماع، يظنه كثيرون اسمًا فرنسيًا من اختيار زوجة العميد، ولكن عرف بعد ذلك أنها مفردة عربية، مثنى مفرده "رامة" التي تعني الكثبان الرملية التي ترتاح فيها القوافل في البادية. بعد وفاة حسين انتقلت أرملته إلى المعادي للعيش مع ابنتها، وفي 1992 أعلنت وزارة الثقافة عن نيتها لتحويل الفيلا إلى متحف، وذلك بعد أن اشترتها. وفي 15 يوليو 1997 تم افتتاح المتحف بشكل رسمي، وهو الذي مثل المحاولة الرسمية التخليد ذكرى العميد. في وسط الحديقة التي تضم الفيلا، تمثال نصفي للعميد من أعمال النحات عبد القادر رزق. ويتكون البناء من طابقين، يضم الطابق الأول حجرة المكتبة، صالة استقبال، حجرة السفرة، وحجرة الصالون. فيما يضم الطابق الثاني حجرة طه حسين، حجرة زوجته سوزان، حجرة ابنهما مؤنس، حجرة الموسيقى، وحجرة المعيشة. ويوصل حجرة العميد بحجرة زوجته باب داخلي يسهل عملية وصول سوزان إلى حجرة العميد. تضم مكتبة العميد عددًا ضخمًا من مقتنياته من الكتب، حيث تضم 6859 كتابًا بلغات مختلفة. كما يضم المتحف عددًا كبيرًا من الأوسمة التي حصل عليها طه حسين سواءً في مصر أو خارج مصر، ومنها: قلادة النيل التي حصل عليها في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وسام الاستحقاق التونسي الذي حصل عليه من الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، ميدالية الفارس التي حصل عليها من فرنسا، ميدالية الشرف البلجيكية، وغيرها. مقتنيات متحف طه حسين مقتنيات متحف طه حسين مقتنيات متحف طه حسين مقتنيات متحف طه حسين مقتنيات متحف طه حسين مقتنيات متحف طه حسين