افتتح د. محمد صابر وزير الثقافة، ود. علي عبد الرحمن محافظ الجيزة، ود. صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية، متحف "طه حسين" بعد تطويره بتكلفة إجمالية قدرها 2 مليون جنية تقريبا بعد فترة إغلاق دامت سبع سنوات. بدأ التفكير في إنشاء متحف لعميد الأدب العربي د. طه حسين عندما تعاقدت وزارة الثقافة ممثلة في وزيرها الفنان فاروق حسني وقتها مع أسرة طه حسين ومثلها د. محمد حسن الزيات؛ حيث اشترى فيلا "رامتان" بالهرم وحولها لمتحف قومي ومركز ثقافي للإشعاع الأدبي والفكري؛ حفاظا على تاريخ وآثار ومقتنيات وكتب ومحفوظات طه حسين، الذي يعد أكثر رموز التنوير في عالمنا العربي في النصف الأول من القرن العشرين. أهدت أسرة طه حسين للدولة جميع محتويات الفيلا، بالإضافة إلى مجموعة من الأوسمة والنياشين والميداليات وقلادة النيل والشهادات والأوراق الخاصة بطه حسين، والمعروضه حاليا في المتحف. في واجهة المتحف نجد تمثلا نصفيا لطه حسين يوجد في حديقة المتحف ما بين المتحف والمركز الثقافي، وهو للمثال عبد القادر رزق. ويضم المتحف مجموعة كبيرة جدا من الأعمال الفنية كاللوحات والمنحوتات لفنانين مصريين وأجانب. ويتكون المتحف من طابقين علي مساحة تبلغ 860 م مربع تحيط به حديقة من ثلاث واجهات. يحتوي الطابق الأول علي غرفة مكتبة طه حسين وجزء من مكتبته التي بقيت في مكانها بعد رحيله؛ حيث كان يستمع في هذا المكتب المفتوح علي الحديقة الشرقية إلى من يطالع له، ويُملي فيه مقالاته التي كتبها علي أنغام الموسيقي الكلاسيكية المنبعثة من جرامافون قديم كان طه حسين يديره بنفسه، بالإضافة لعدد ضخم من الأسطوانات للموسيقيين العالميين: فيردي، باخ، موريس، رافيل، شوبرت وتشايكوفسكي وغيرهم. وكانت اجتماعات اللجان التي يرأسها طه حسين تعقد في هذا المكتب عندما يشتد عليه المرض. ومكتبة طه حسين تضم 6859 كتابا، منها 3725 باللغة العربية، و3134 باللغات الأجنبية؛ حيث كان يجيد اللغة الفرنسية، إلى جانب إلمامه بلغات أخرى منها اليونانية القديمة، اللاتينية، الإنجليزية والفارسية. كما تحتوي المكتبة على مؤلفاته التي بلغت 54 مؤلف منها القصة والأدب والتاريخ وفلسفة التربية وغيره، والتي ترجم بعضها إلى لغات مختلفة ومنها: "مستقبل الثقافة في مصر"، "شجرة البؤس"، "الوعد الحق"، دعاء الكروان". بالإضافة إلى ترجماته التي بلغ عددها تسعة. ويوجد في حجرة المكتبة مكتب سكريتر طه حسين فريد شحاته الذي قرأ له العديد من الكتب والمجلات والمقالات، وكتب ما يمليه عليه حسين. عندما ننتقل للغرفة المجاورة نجد تمثال نصفي لطه حسين من البرونز للفنان عبد القادر رزق اهداه له عام 1936. بعد ذلك يوجد قاعة الاستقبال وبها انترية صغير من الجلد، ويعلق على الحائط لوحة تمثل جزء من كسوة الكعبة الشريفة مهداه لحسين من السعودية عام 1954 من الملك فهد. أما غرفة الصالون فيزينها بعض اللوحات الفنية والمقتنيات النادرة، ويضم بيانو بلون أسود وجرامافون وراديو. وفي نهاية هذه الغرفة يوجد غرفة الطعام والتي تتسم بالطراز الفرنسي، وتحتوي مائدة مستديرة من خشب الأرو، وتسعة مقاعد، وبوفيه من الخشب البني الداكن، ومنضده من الخشب يعلوها لوحة للفنان تاروهيلي بير التي رسمها عام 1950، بجانب لوحات لاتيين ماريل، عبد جوهر، زينب عبد العزيز، وراغب عياد. أما الطابق الثاني فيضم عدة غرف، أولها غرفة مؤنس أبنه والتي تضم سرير بسيط ودولاب بالحائط، ركنة من الخشب، تمثال من الخشب للفنان حسن حشمت، ولوحة لوالدته رسمها الفنان أحمد صبري عام 1941. ويوجد ممر بجانب الغرفة به بدل وروبين لطه حسين. كما يضم هذا الطابق غرفة الموسيقى التي تحتوي على انتريه متواضع من الخشب المكسو بالقماش، ومنضدة تحوي جهاز "بيك أب"، وعلى الجدران لوحة للفنان ساندرو بوتشيلي 1482، وشهادات تقدير لطه حسين وزوجته، ووحدة لعرض 96 أسطوانة لمختلف الموسيقى العالمية. وتحوي غرفة الزوجة سوزان على سرير، كراسي، منضدة، مرآه صغيرة، دولاب مثبت بالحائط يحوي ملابس سوزان، وعلى الحائط لوحة "العذراء" التي أهداها لها طه حسين عندما تعرف عليها في مدينة مونبلييه بفرنسا عام 1915 قبل زواجهما بعامين. وفي نهاية هذه الغرفة يوجد باب يؤدي إلى غرفة نوم طه حسين وتحوي سرير تعجب الحضور من صغر حجمه، ودولاب مثبت بالحائط، واثنين فوتيه، وبجوار السرير توجد صورة فوتوغراففية لزوجته، وتزين الجدران لوحات لمشاهير الفنانين أمثال بيير بيبي مارتان، عبد القادر رزق وغيرهم، وتفتح الغرفتين على تراس كبير يط على الحديقة الخلفية للفيلا. ويضم مكتب طه حسين مكتب باللون الأسود، ولوحة للقرآن الكريم كاملا مهداه من الكاتب محمد إبراهيم، وفي الجهة الأخرى من الغرفة توجد لوحة لطه حسين مرسومة بالفحم. وتحوي غرفة المعيشة صالون بسيط تحيط به أكثر من منضده، مدفأة يعلوها تمثال نصفي لابنته السيدة أمينة، وصورة فوتوغرافية لمؤنس، وعلى الجدران أعمال فنية لفنانين مشاهير من بينهم راغب عياد، محمد ناجي، أندرية لوت. وفي نهاية الممر يوجد وحدة عرض من الزجاج تحتوي على الأوسمة والنياشين وقلادة النيل وعددها 36 وسام ونيشان من مختلف الدول العربية والأجنبية، كما يوجد نظارة طه حسين.
وعميد الأدب العربي طه حسين ولد في 14 نوفمبر 1889 في عزبة الكيلو مغاغة بالمنيا. أصابه المرض وكف بصره وانتقل في القاهرة برعاية أخيه الأكبر لكي يلتحق بالأزهر بعد أن أتم حفظ القرآن الكريم. ثم التحق بالجامعة المصرية القديمة عام 1908 وبدأ يتعلم اللغة الفرنسة. حصل على الدكتوراه في عام 1914 عن بحثه "ذكرى أبي العلاء"، سافر بعدها إلى بعثة في فرنسا وحصل على الدكتوراه من جامعة "السوربون" عن رسالته "الفلسفة الاجتماعية عن ابن خلون"، وعاد إلى الجامعة المصرية عام 1919، وعين عميدا لكلية الآداب عام 1928، ولقب بعميد الأدب العربي حين فصل من عمادة الكلية بعد رفضه منح الدكتوراه الفخرية لعدد من السياسيين عام 1932. انتدب مديرا لجامعة الإسكندرية عند تأسيسها في 1942، ورأس تحرير مجلة الكاتب المصري عام 1946. كما حصل على جائزة الدولة للأدب في عام 1949. وفي عام 1950 اختير كوزيرا للمعارف وأقر وقتها مجانية التعليم الثانوي والفني والتوسع في إنشاء المدارس الجديدة. وهو أول من حصل على جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1958. وتوفي د. طه حسين في فيلا "رامتان" في 28 أكتوبر عام 1973 وخرجت جنازته الرسمية والشعبية من جامعة القاهرة. وخلال الافتتاح قال د. عرب: طه حسين بمثابة أجمل الأشياء التى نمتلكها لنباهي بها الزمن والشعوب والأمم، وهو أحد العلامات البارزة في حياتنا، ومن اليوم لابد أن يشعر الإنسان بقدر من الطاقة والزهو والفخر حينما نكون داخل بيت أو متحف "طه حسين" نتلمس مقعده، ونشاهد قلمه ونظارته والبيانو الخاص به، فطاقة طه حسين لازالت تشع نوراً وثقافة وعلما في هذا المكان، وقد شعرت حقيقة بذلك. وتمني عرب أن تسمح إلإمكانات المادية لوزارة الثقافة بشراء بيوت رموز الحركة الأدبية والثقافية في مصر مثل منزل الراحل العظيم ثروت عكاشة بالمعادي، وهو يُقدر بعدة ملايين، لكن الظروف المادية الراهنة تحول دون تحقيق ذلك، آملا من أسرته على الأقل أن يتبرعوا بمكتبته الخاصة، واللوحات الموجود ببيته إلى قطاع المتاحف في وزارة الثقافة. مؤكدا أن أهم المخاطر التي تواجهها مصر هي أن الكثير من البيوت التاريخية في جميع محافظات مصر وبعضها من القرن التاسع عشر والآخر من بدايات القرن العشرين، وتحمل طرازا معماريا رائعا والمسجلة باعتبارها تراثاً تاريخيا وممنوع إزالتها وفقاً للقانون يتم الإعتداء عليها من خلال العبث والتحايل على القانون، من قبل الأغنياء الجدد الذين يداهموننا في عقولنا وثقافتنا وحياتنا، وتملكوا الثروة وقاموا بشراء مثل هذه العقارات التراثية وحولوها إلى أبراج قبيحة. وأوضح عرب بأننا نحاول الحصول على بعض مقرات الحزب الوطني في النظام السابق لتحويلها إلى بيوت ثقافية، وقد بدأنا ببيت فى مدينة الإسماعيلية وهو بيت "ديليسبس"، الذي يجهز ليكون متحف "قناة السويس" بالتنسيق مع جمعية أصدقاء قناة السويس وأصدقاء "ديليسبس" وهي جمعية فرنسية، وقد وافق مجلس الوزراء على ذلك، على أن يضم هذا المتحف كل الوثائق والكتابات والصور التي سجلت تاريخ القناة، بالإضافة إلى بعض المقتنيات والتحف النادرة عن قناة السويس، و سيكون مزاراً تاريخيا هاماً، وسيبدأ العمل فيه خلال فترة قصيرة جدا. واستطرد عرب قائلاً: نحن نعكف على عمل وضع قانون جديد للوثائق يستوجب من خلاله أن تكون هناك فروعاً له في المحافظات، وقد طالبنا من المحافظين توفير أحد بنايات الحزب الوطني ليكون مقراً لدور الوثائق داخل الأقليم أو المحافظة، وكنا قد تقدمنا به أكثر من مرة فى ظل النظام السابق إلا أنه كان يصطدم ببعض مؤسسات الدولة التي كانت لا ترغب فى إتاحة وثائقها، والقانون يتم دراسته الآن من وزارة العدل بلجنة مشتركة بين دار الوثائق القومية ووزارة العدل، وسيكون من اوائل القوانين التي سيتم عرضها على مجلس النواب القادم في أولى مناقشاته. يذكر أنه حضر الافتتاح كل من: م. محمد أبو سعدة رئيس قطاع مكتب وزير الثقافة، الشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، زينب منهي مديرة المتحف، أحمد عبد الفتاح رئيس الإدارة المركزية للمتاحف والمعارض، الفنان طارق مأمون مدير عام المتاحغ القومية، الفنانة سلوى حمدي مدير عام المتاحف الفنية، م. محمد دياب رئيس الإدارة المركزية لمراكز الفنون، الأستاذة شهيرة عمران، الكاتبة سلوي بكر، د. فينوس فؤاد، الفنان د. سيد القماش، وعدد كبير من الإعلاميين والصحفيين.