أكد المستشار خالد النشار، نائب رئيس البورصة المصرية، أن الثورة لم تعمل على تراجع البورصة، لكن ما صاحبها من تداعيات من انفلات أمنى والكشف عن رموز الفساد ودخول البلاد فى مرحلة انتقالية. وأشار النشار، في حوار مع "بوابة الأهرام"، إلى أن المشهد السياسى أصبح المتحكم بمجريات عمل الأمور ويؤثر فى المجال الاقتصادى .. والى نص الحوار: ما تقييمك لأداء البورصة المصرية بعد توليك مهمة نائب رئيسها منذ سبتمبر الماضى؟ ** بداية العمل فى سوق المال ليس بجديد، فقد كنت مستشارًا لرئيس الهيئة الهيئة العامة منذ 2008 بعد باعٍ طويل فى العمل القضائى ودراسات بأسواق المال، ومنذ أن توليت نائب رئيس البورصة وأوضاعها لا تخفى على أحد فهى تمر بأسوأ مراحلها على الإطلاق على إثر الأحداث التى مرت بها منذ "ثورة 25 يناير" وتكبدها خسائر فادحة واهتزاز ثقة المستثمرين بالسوق الأمر الذي تزامن مع ظهور الحاجة لإعادة هيكلة وظائف السوق لتتناسب مع المتغيرات الجديدة من وجهة نظرك، هل كانت "الثورة" سبب تراجع للبورصة أم حالة الانفلات الأمني التي تلتها؟ ** الثورة لم تعمل على تراجع البورصة، ولكن ما صاحبها من تداعيات من انفلات أمنى والكشف عن رموز الفساد ودخول البلد فى مرحلة انتقالية، وأصبح المشهد السياسى هو المتحكم فى مجريات عمل الأمور ويؤثر فى المجال الاقتصادى مما أوصل البورصه الى ما وصلت إليه. ماذا عن استثمارات رموز النظام السابق بالبورصة؟، وهل أثرت على رأس المال السوقي؟ ** تجميد أرصدة وحصص رموز النظام السابق في الشركات ليست عاملاً رئيسيا في تراجع رأس المال السوقي فغموض الموقف السياسي يعتبر العامل الأكثر أهمية في تراجعه، وهو ما جاء كنتيجة طبيعية لعزوف الكثير من المستثمرين عن ضخ أموالهم في استثمار يراهن على المستقبل، فالمستثمر بطبيعة الحال يشتري المستقبل عندما يشتري أوراقاً مالية وعندما أصبحت الرؤية مشوشة بشأن مستقبل البلاد انخفضت الاستثمارات بالبورصة كما أصبحت التوقعات سلبية. هل يمكن التصرف الأمثل في تلك الاستثمارات لدعم السوق وحل أزمة السيولة؟. ** الحديث عن كيفية التصرف متروك لأصحاب الشأن وأعتقد أن سيناريوهات التصرف تعتمد على نوع الأحكام التي ستصدر تجاههم من قبل القضاء، وأرصدة العملاء موجودة فقط لدى شركة مصر للمقاصة والإيداع والحفظ المركزي بحكم طبيعة عملها وكيف يمكن الاستفادة منها على الوجه الأكمل .. من وجهة نظرك؟ ** تلك الاستثمارات تتركز فى أسهم وسندات ، سيتم بيعها فى السوق مرة أخرى للحصول على أموال تعود للدولة، وبالتالى فإنه لو تم بيعها بطريقة غير صحيحة أو فى توقيت غير ملائم ، فستؤدي لعديد من السلبيات لأن الجهات الحكومية غير ملمة بطبيعة الاستثمار فى البورصة، وبالتالى فإن هناك حاجه ماسة لتولى مدير استثمار قادر على حسن التصرف بما لا يؤدى الى انهيار السوق. ما عن خطة إعادة الهيكلة بالبورصة المصرية؟ ** خطة إعادة الهيكلة بدأت بالهيكل الوظيفى وتخفيض رواتب الكبار والمستشارين وتستمر بتدعيم دور القطاعات الهامة والحساسة كإدارة الإفصاح والبحوث الذى تولى رئيس البورصة محمد عمران الإشراف عليها بنفسه، فضلا عن دعم دور إدارة الأزمات للتواصل مع الجهات الأمنية واستطلاع تأثير الأحداث السياسية على المشهد الاقتصادى، والاستعانة بالمستشارين الذى لاغنى عنهم فقط دون زيادة فى الأعداد، والتزام جميع العاملين باللوائح والقوانين المنظمة لللعمل فى سوق المال . هل تطلعنا على إستراتيجية البورصة خلال العام المالى 2012؟ ** تركز البورصة فى العام المالى الحالى على ضبط إيقاع عمل السوق من خلال تحديد الأولويات التى يحتاجها من آليات وأدوات تساعد على تنشيط حجم التداول وتدعم جذب شركات جديدة للسوق بالاضافة الى المساهمة فى تعديل بعض لوائح وقوانين سوق المال لضبط التعاملات داخل السوق وحماية مصالح صغار المستثمرين، فضلاً عن توجيه قدر كبير من الاهتمام نحو بورصة النيل وتقديم مقترحات حول تعظيم عمل الرعاة في السوق واستمرارها. كما أن البورصة تعتزم تفعيل نظام الرقابة علي التداول والاستعداد لألية الصكوك الإسلامية التى ستكون أحد الأليات الهامة فى ظل البرلمان الإسلامى القادم. بمناسبة الحديث على الآليات، هناك العديد من الآليات ينتظرها السوق لم يتم العمل بها؟ ** بالفعل تم الحديث عن أكثر من آلية ولكن لم يتم تفعيلها إلى الآن لظروف السوق والمناخ المحيط مثل آلية "الشورت سيلنج" التى يعد تطبيقها فى الوقت الحالى أمرًا صعبًا، وبورصة العقود التي تعتبر مشروع يتم تناوله منذ حوالى 3 سنوات، وهو ليس من أولويات الفترة المقبلة، وبالتالى فإن المشهد السياسى بمصر هو الذى يفرض أولويات كل مرحلة،ونحن الآن فى مرحلة سيطر عليها التيارات الدينية، استحوذ منها حزبان على أغلبية مقاعد البرلمان، وبالتالى فإن الفكر من الطبيعى أن يتجه نحو الاستثمار فى الأدوات المالية كالصكوك الإسلاميه والشركات الحلال. لكن حال تداول الصكوك الإسلامية فسيؤثر على سوق الأسهم سلبًا؟ ** الإجراءات التى ستضعها الهيئة العامة للرقابة الماليه لابد أن تراعى ذلك، حيث يجب وضع قواعد محددة تتضمن عدم سحب السيولة من سوق الأسهم والسندات وتوجيهها نحو أدوات مالية جديدة أخرى، مثل الصكوك التى من المتوقع أن تجذب اليها شريحة كبيرة من الاسلاميين. ما توقعاتك ليوم "25 يناير" القادم والذي يترقبه المصريون منذ أول أيام العام الجديد؟ ** أكرر أن المشهد السياسى عليه عامل كبير، فلو مر 25 يناير القادم بسلام فتسير الأمور نحو حصد العديد من الخطوات الايجابية أما إذا حدثت تطورات غير متوقعة فيعنى ذلك مزيدًا من الخسائر ونزيف جديد لقيم وأحجام التداول. وهل استعدت إدارة البورصه حال حدوث أحداث طارئة؟ ** عندما قامت "ثورة 25 يناير" لم يكن جهبذ الخبراء يتوقعون أن تصير الأمور لما صارت إليه والأمر قد يكون متشابهًا فلا أحد يستطيع أن يتنبأ ما سيكون عليه يوم 25 يناير المقبل، رغم أنه بمتابعة الأحداث السياسية فإن الوضع لا يحتمل أى تطورات تقود البلاد لسنوات للخلف بعد أن قطعت شوطًا نحو التغيير والمرور بانتخابات برلمانية لم تشهدها منذ 30 عامًا، وبالتالى فإن استعدادات البورصة تنحصر فى التحصن بالإجراءات الإحترازية التى وضعتها الهيئة العامة للرقابة المالية مع استئناف النشاط فى مارس 2010، ومتابعة آخر التطورات على الساحه السياسية ، واستمرار سياسة طمأنته المستثمرين على المستويين الداخلى والخارجى. لم تكن البورصه طرفًا فى قضية" أجواء" ومع ذلك تدخلت ولم تنته الأزمة؟! .. فما تعقيبك؟ ** حاولنا أن نقدم خدمة من جانبنا للمستثمرين الذين استنجدوا بما وجدوه أمامهم وهو مقر البورصة ونسقنا مع مدير عام الشركة الى أن حصلنا على عرض من المساهم الرئيسى بالشركة لشراء كافة الأسهم المتداولة بالسوق، حسب القانون والإجراءات المنظمة لذلك، وسيعرض سعر محدد وللهيئة العامة أن تقبل سعر العرض أو ترفضه، وذلك إيمانًا منا بحماية المستثمرين، والصراع الآن بين الشركة والمساهمين ولا دخل للبورصه فيه، لكن هناك حل تم ايجاده وللمستثمر الحرية فى قبوله أو رفضه . البعض يتهم بعض قوانين سوق المال بالعقم، وأن بنودها تحمل أغراضًا لتحقيق منفعة شخصية على العامه؟ ** دعنا نتفق أنه إذا كان هناك خطأ فى نصوص بعض قوانين سوق المال فإن العيب ليس فى مسئولى هيئة الرقابة المالية أو البورصة ولكن الخطأ يبدأ من اللجنة البرلمانية التى تمرر القانون وتسمح به وبالتالى فأن الرقيب أو المسئول يطبق القانون وفقا لما هو وارد ومنصوص عليه ولا دخل له فى يزيد أو يعدل. وأنا لا أستبعد أن يكون هناك بنودًا تم اقرارها خصيصًا لخدمة النظام السابق، ولكن هناك تغيير فى شتى مناحى الحياة وهناك مواد كانت مفروضة فيمكن تعديلها أو إزالتها بما يتماشى مع يضمن حقوق المستثمرين وضمان استمرار عجلة الاستثمار بشكل أفضل. وهل سيتم تعديل لتلك البنود التى تثير الجدل ؟ ** بالطبع تعكف الهيئة العامة للرقابة المالية على إدخال تعديلات على بعض قوانين سوق المال ، ومن المقرر مناقشتها فى البرلمان القادم، منها على سبيل المثال الاتجار بالمعلومات الداخلية وتنظيم سير العمل بما يسمح بوجود كوادر ثانية بجانب الرئيسية .لى غير ذلك من المواد التى تدرسها الهيئة العامة للرقابة المالية.