أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة، أن هناك بوادر صحوة عربية تظهر فى تحركات تسعى للملمة الشتات والتدخل في أزمات المنطقة بهدف صيانة وحدة الدول والمجتمعات العربية موضحًا أن ثمار هذه التحركات بدأت في صورة محاولات مُتكررة لتسوية الأزمتين، الليبية واليمنية متطلعا الى أن تُكلل الجهود الجارية فى هذا الشأن بالنجاح بما يؤدى الى إيقاف مُسلسل الفوضى والتفتيت المُستمر منذ ما يربو على ستة أعوام. جاء ذلك في الكلمة التى ألقاها اليوم أمام المؤتمر الإقليمي السابع الذي ينظمه مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية بالجيش اللبناني بحضور قائد الجيش العماد جوزاف عون والعميد فادي أبي فراج مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني. ولفت أبو الغيط الى إن دور الجامعة العربية في تسوية الأزمات العربية يواجه تحدياتٍ عديدة وقال إن تحركها مرهون بإرادة الدول الأعضاء فهى لا تُمثل إرادة أكبر منهم، وإنما تُعد تجسيداً لإرادتهم الجماعية إن اكتملت، ولكلمتهم إن اجتمعت، كما أنها ليست مؤسسة تُعنى بالسياسة فحسب، وإنما هي بوتقة جامعة لكل مجالات العمل العربي المُشترك في الاقتصاد والثقافة وغيرها مشيرا فى هذا السياق الى أنه يرصد زخماً طيباً بعد القمة العربية الثامنة والعشرين التى عقدت فى منتجع البحر الميب بالأردن في مارس الماضي والذى يتجلى فى وجود رغبة صادقة من جانب الدول العربية جميعاً في رأب أي صدع، وتجاوز كل خلاف من أجل وقف نزيف التفكك والتفتت. وحذر أبو الغيط من تداعيات ما وصفه بخطر التفكيك والتفتيت الذى تتعرض له المنطقة العربية مشيرا الى أن هناك ثمة كيانات سياسية تاريخية تتعرض لخطر الزوال كما أنهناك دولٌ نشأت في فتراتٍ مُختلفة خلال القرن الماضي، واستمرت ككيانات وطنية موحدة أصبحت تواجه فى المرحلة الراهنة خطر التفكك والانفجار فى ظل توالى الضغوط من الداخل والخارج في الوقت ذاته وتعرض العقد الاجتماعي الناظم لهذه المُجتمعات مُهددٌ بالانفصام الكامل. وأضاف:لا أحد يعلم إن بدأ التفكيك .. متى ينتهي، أو عند أي حدٍ يقف.. فإذا انفصمت عُرى الدولة الوطنية التي عرفتها المنطقة العربية منذ اتفاق "سايكس/ بيكو" في عشرينيات القرن الماضي، فإن البديل سيكون شيئاً جديداً متجسدا فى بيئة استراتيجية مُختلفة تلعب فيها الجماعات الإرهابية والميلشيات والكيانات الطائفية بل والقبائل والتحالفات المناطقية أدواراً متصاعدة. ولفت أبوالغيط إلي وجود بيئة دولية وإقليمية لا تساعد على التئام الأوضاع في المنطقة العربية.. بل تدفع لتفاقمها وتخلق ظروفاً تُفضي إلى المزيد من تشرذمها وتفككها مشيرا فى هذا السياق الى حالة من انعدام اليقين في قمة النظام الغربي تتمثل فى صعودٌ في الاتجاهات وعودة لما يُشبه التنافس على المنطقة بين أقطاب النظام الدولي. وقال "ليس من الواضح بعد إلى أين سيقود هذا التنافس، ولكن المؤكد أننا نلمسُ بوادر غير طيبة لاقتسام النفوذ كما عكسها –مثلاً- الاتفاق الذي وُقع مؤخراً في الاستانة بشأن مناطق خفض التصعيد في سوريا". كما أشار أبو الغيط الى حالة التنمر والتربص من جانب قوى إقليمية ترى في حالة السيولة فُرصة يتعين اقتناصها، وغنيمة ينبغي الفوز بها.. موضحًا فى هذا الصدد أن استمرار القضية الفلسطينية من دون حل يفرض على الدول المُحيطة بإسرائيل، ومنها لبنان، أعباء أمنية مُضاعفة. وشدد أبو الغيط على أنه في مثل تلك الأجواء من انعدام اليقين تلوذ المُجتمعات بقواتها المُسلحة لكي توفر الحد الأدنى من الاستقرار والحماية من الأخطاروهو ما يُضاعف دور الجيوش في المنطقة العربية، كصِمام أمان يحفظها من التفكك.. وبوتقة جامعة تحميها من التفتت مطالبا الجيوش العربية بأن تتكيف وتُراجع أولوياتها مع استمرار استعدادها وتأهيلها للحروب التقليدية الذى لا ينبغي أن يتراجع أو يتوانى لاسيما أن المنطقة العربية ليست بعد بمنأى عن هذه النوعية من الحروب، خاصة في وضعٍ طابعه السيولة والتغير السريع وفى الوقت نفسه دعاها الى أن تولى اهتماما أكبر وتوجه تركيزا أشد إلى الحروب غير النظامية، ومواجهة الميلشيات المُسلحة، والجماعات الإرهابية.