مجلس الوزراء يوافق على استحداث آلية تمويل دراسة وتنفيذ مشروعات بدول حوض النيل    ورشة عمل تدريبية لسيدات سيناء ضمن مبادرة «معًا بالوعي نحميها»    موعد غلق باب التقدم لمبادرة "تحالف وتنمية"    رئيس اللجنة التشريعية بحزب الوفد يكشف ل«الشروق» الرؤية الشاملة للحزب حول مشروع قانون الإيجار القديم    العراق يعزز حضوره الدولي عبر المنتدى العربي-الصيني في الرباط    فرنسا تستدعي سفير إسرائيل للاحتجاج على إطلاق النار صوب وفد دبلوماسي يزور جنين    خارجية الصين: ندعو ترامب للتخلى عن القبة الذهبية ولا نريد الفضاء منطقة حرب    اتحاد السلة يعلن مواعيد نهائي دوري السوبر بين الاتحاد السكندري والأهلي    مصدر ليلا كورة: الزمالك سيشارك في مونديال اليد باعتباره مستضيف    "هناك مشتري اشترط ألا يهبط فريقه".. ماذا قال طولان عن قرار إلغاء الهبوط؟    اتفاقية تعاون بين الزمالك وشركتين لإصدار كارنيهات العضوية    الأمن يكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الشرقية    بعد تلقيه كثير من العتاب.. أحمد السقا يحذف بيان انفصاله عن مها الصغير بعد انتقاده بسبب الصياغة    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    بريطانيا تتعهد بتقديم مساعدات جديدة لغزة بأكثر من 5 ملايين دولار    بريطانيا تتعهد بتقديم مساعدات لغزة بقيمة 4 ملايين جنيه إسترليني    في يومه العالمي- إليك أفضل وأسوأ الإضافات للشاي    تحقيقات موسعة داخل لجنة الحكام لهذا السبب    وزير الرياضة يستقبل بعثة الرياضيين العائدين من ليبيا بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية    غدا.. انطلاق امتحانات الصف الأول الإعدادي 2025 الترم الثاني في القليوبية    بدء حجز 15 ألف وحدة سكنية لمتوسطى الدخل.. لا يقل عمر المتقدم عن 21 عاما ولا يزيد الدخل الشهرى للأسرة عن 25 ألف جنيه أبرز الشروط.. وعدم الحصول على قرض تعاونى والتنازل عن شقة الايجار القديم آليات الحصول على وحدة    ضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل تهريبها للسوق السوداء بالشرقية    استعداداً ل«الأضحى».. محافظ الفيوم يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى    أبو قير للأسمدة وموبكو: تلقينا إخطارا رسميا بخفض حصتنا من الغاز لأسبوعين.. وخفضنا الإنتاج 30%    «بالتوفيق لأم ولادي».. منشور طلاق أحمد السقا ومها الصغير يثير الجدل وتفاعل من المشاهير    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة؟ دار الإفتاء تجيب    بعثة "الداخلية" تتوج خدماتها لحجاج القرعة بزيارة الروضة الشريفة.. فيديو    صحة الدقهلية: ختام الدورة التدريبية النصف سنوية للعاملين بالمبادرات الرئاسية    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    قرار جديد من القضاء بشأن معارضة نجل الفنان محمد رمضان على إيداعه بدار رعاية    بعد ارتفاع الأسمنت إلى 4 آلاف جنيه للطن.. حماية المنافسة يعلق قرار خفض إنتاج الشركات لماذا؟    ولي عهد الفجيرة: مقتنيات دار الكتب المصرية ركيزة أساسية لفهم التطور التاريخي    تصعيد دموي جديد في بلوشستان يعمق التوتر بين باكستان والهند    قبل عيد الأضحى 2025.. هل ارتفعت أسعار الأضاحي؟ رئيس الشعبة يجيب    المشاط: مباحثات حول انعقاد المؤتمر الدولي ال4 لتمويل التنمية بإسبانيا    مصرع محامي إثر حادث تصادم بين موتوسيكلين في الشرقية    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    363 شخصا فقط شاهدوه في أسبوع.. إيرادات صادمة ل فيلم استنساخ (بالأرقام)    العثور على جثة حارس عقار داخل وحدة سكنية في قنا    تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على الأطفال في مناقشات قصور الثقافة بالغربية    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    قوات الحماية المدنية بالفيوم تنجح فى إنقاذ "قطتين" محتجزتين بأحد العقارات    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تحصد المركز الأول في المسابقة الثقافية المسيحية    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    ضبط شركة سياحية غير مرخصة بتهمة النصب والاحتيال على المواطنين    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الإعدادية ويكرم المتفوقين رياضيًا – صور    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    وزير الخارجية الأمريكي: لم نناقش ترحيل الفلسطينيين إلى ليبيا    بوتين: نخوض حرباً ضد النازيين الجدد    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتنبي وأبو نواس.. اختلفت الدوافع وتعددت أسباب الزيارة لمصر
نشر في بوابة الأهرام يوم 15 - 05 - 2017

شاعران كبيران قدما إلى مصر، وأقاما فيها بعض الوقت، الأول هو الشاعر أبو نواس (أبو علي الحسن بن هاني 141 ه /758 م 191ه/ 806 م)، والثاني المتنبي (أبو الطيب أحمد بن حسين الجعفري الكندي 303 ه / 915 م 354 ه/ 965 م).
أبو نواس جاء إلى مصر بعد أن سمع عن أمير خراجها أبو النصر الخطيب وحبه للأدب وإكرامه للشعراء، فقال في مدحه:
تقولُ التي عن بيتها خفّ مرْكبي ** عزيزٌ علينا أن نَرَاكَ تَسيرُ
أما دونَ مصْرٍ للغنَى مُتَطَلّبٌ؟ ** بلى إنّ أسْباب الهوى لكثيرُ
فقلتُ لها: واستعجلَتْها بَوَادِرٌ ** جرتْ، فجرى في جرْيهِنّ عبيرُ:
ذريني أكَثّرْ حاسديكِ برِحْلَةٍ ** إلى بلَدٍ فيه الخصيبُ أميرُ
إذا لم تَزُرْ أرْضَ الخصِيبِ ركابُنا ** فأيّ فتىً، بعدَ الخصيبِ، تَزُورُ
فتًى يشْتري حسْنَ الثناءِ بمالِهِ ** ويعْلَمُ أنّ الدّائِرَاتِ تَدُورُ
فما جازَهُ جُودُ ، ولا حَلّ دونَه ** ولكنْ يصيرُ الجودُ حيثُ يصيرُ
فلمْ تَرَ عيني سُؤدَداً مثلَ سُؤدَدٍ ** يحِلّ أبو نَصْرٍ به، ويَسِيرُ
سموتَ لأهلِ الجوْرِ في حال أمنِهمْ ** فأضحو وكلٌّ في الوثاق أسِيرُ
إذا قام غَنّتْهُ على السّاقِ حِليةٌ ** لها خُطوةٌ عند القيام قصيرُ
وفي مصر ظهرت آثار النعمة والسعادة والرضا على أبي نواس وأعجب بالبلد كثيرا وأبدى ارتياحا للأمير (على عكس ما سنراه لدى المتنبي) وقدم جانبا من شاعريته الفذة في مصر وأميرها وقال:
أنت الخصيب وهذه مصرُ ** فتدفقا فكلاكما بحرُ
لا تقعدا بي عن مدى أملي ** شيئا فما لكما به عذرُ
ويحقّ لي إذ صرت بينكما ** ألا يحلّ بساحتي فقرُ
النيل ينعش ماؤه مصرا ** ونداك ينعش أهله الغمرُ
وقد حدثت بعض القلائل في مصر أثناء إقامة أبي نواس فيها، وخرج الناس في تظاهرات وتحركات كالتي نراها في أيامنا هذه، فغضب والي مصر، وشارك أبو نواس في تهدئة الناس وأسمعهم بعض شعره ونصحه لهم قائلا:
محضتكم يا أهل مصر نصيحتي ** ألا فخذوا من ناصح بنصيب
ولا تثبوا وثب السفاة فتحملوا ** على حد حامي الظهر غير ركوب
فان يك باق إفك فرعون فيكم ** فإن عصا موسى بكف خصيب
رماكم أمير المؤمنين بحية ** أكول لحيات البلاد شروب
ويقال إن ثائرة المتظاهرين قد هدأت عند التقائهم بأبي نواس وأعجبوا بسلاسة منطقه وحسن نصيحه، وتفرق الجمع في ارتقاب نظر الخصيب في شكواهم.
لكن يبدو أن الخصيب لم ينظر في شكوى المتظاهرين، فعادوا إلى التظاهر مرة أخرى، وكانوا أعنف من المرة الأولى، وهنا كتب أبو نواس قائلا:
دم المكارم بالفسطاط مسفوح ** والجود قد ضاع فيها وهو مطروح
يا أهل مصر لقد غبتم بأجمعكم ** لما حوى قصب السيف المساميح
أموالكم جمة، والبخل عارضها ** والنيل مع جوده فيه التماسيح
وعندما انتهت ولاية الخصيب على خراج مصر تركها أبونواس عائدا إلى بغداد.
أما المتنبي فقد جاء إلى مصر سنة 346 ه / 957 م بعد خروجه من حلب ويأسه من سيف الدولة الحمداني، وفي مصر مدح المتنبي حاكمها كافور الأخشيدي على أمل أن ينصبه على ضيعة أو ولاية، فأكرم الأخشيدي الشاعر الكبير الذي أحس بعد وقت أن الحاكم يتأبي عليه ويسوف، فأخذ المتنبي يتعالى عليه وينشده الشعر وقد انتعل خفا وتمنطق بسيف، ويقال إنه كان يركب بحاجبين من الحراس مسلحين بالسيوف، ولما عوتب كافور عن تخليه عن المتنبي وعدم تحقيق أمانيه قال: يا قوم .. أمن ادعي النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، أما يدعي المملكة مع كافور؟
وأدرك المتنبي أن كافورا لن يعطيه ما يطمع إليه، فضاق به المقام في مصر وغادرها خفية في أحد أيام عيد الأضحى من عام 350 ه / 961 م هاجيا كافورا هجاء شديدا في عدة قصائد، من أشهرها قصيدته التي يقول فيها:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ** بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ ** فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ
ويقول:
أكُلّمَا اغتَالَ عَبدُ السّوْءِ سَيّدَهُ ** أوْ خَانَهُ فَلَهُ في مصرَ تَمْهِيدُ
صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَا ** فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها ** فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ ** إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ
ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ ** يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ
مَنْ عَلّمَ الأسْوَدَ المَخصِيّ مكرُمَةً ** أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصِّيدُ
إلى آخر هذه القصيدة الشهيرة التي وضع فيها المتنبي كل سخطه وازدرائه وغضبه من كافور الأخشيدي.
ويبدو أن المتنبي لم يكن غاضبا من كافور فحسب، ولكن خلع عضبه أيضا على المصريين جمعيا حيث يقول في قصيدته التي مطلعها:
ألا كُلُّ مَاشِيَةِ الخَيْزَلَى ** فِدَى كلِّ ماشِيَةِ الهَيْذَبَى
يقول:
وَكم ذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ ** وَلَكِنّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا
ثم يعود إلى كافور قائلا في القصيدة نفسها:
وَأسْوَدُ مِشْفَرُهُ نِصْفُهُ ** يُقَالُ لَهُ أنْتَ بَدْرُ الدّجَى
وَشِعْرٍ مَدَحتُ بهِ الكَرْكَدَنّ ** بَينَ القَرِيضِ وَبَينَ الرُّقَى
أكثر من قرن ونصف القرن تفصل بين الشاعرين أبي نواس والمتنبي، ولكن اختلفت الدوافع وتعددت أسباب الزيارة لمصر، حيث لم ير المتنبي شيئا يستحق البقاء في أرض الكنانة، بينما عاد أبي نواس إلى بغداده بعد إقامة سعيدة وموفقة في "أم الدنيا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.