احتجاجًا على تحويل ما يقرب من 12 ألف مدنى- وفق تقارير وتصريحات نشطاء وحقوقيين - إلى محاكمات عسكرية، انطلقت منذ الأمس السبت فعاليات أول وأضخم مظاهرة إلكترونية مصرية، دعا لها نشطاء مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" فى محاولة لاستغلال الدور الذى برز أهميته لمواقع التواصل الاجتماعى بعد الثورة فى إنشاء ودعم العديد من المبادرات المجتمعية والشعبية. وكانت الدعوة التى تم إطلاقها عبر موقع ال"فيسبوك" تحت عنوان " مظاهرة إلكترونية ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين" قد اجتذبت أكثر من 5 آلاف مشارك، وقد اجتمع المشاركون فى تلك التظاهرة الإلكترونية فى العاشرة من مساء أمس ولمدة ساعة لكتابة تعليقات تعبر عن رفضهم للمحاكمات العسكرية للمدنيين على أربع صفحات رسمية على موقع الفيسبوك بحيث تحظى كل صفحة بمقدار 15 دقيقة من كتابة التعليقات وهى على التوالى : صفحة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء المصرى، الصفحة الرسمية لرئيس الوزارء الدكتور عصام شرف، وأخيرا الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية . كما قاموا باستبدال صورهم الشخصية والرمزية على مواقع التواصل الاجتماعى بصورة موحدة تحمل شعار "لا للمحاكمات العسكرية"، وامتدت تلك التظاهرة الإلكترونية إلى موقع تويتر فى نفس التوقيت من خلال استخدام وشم أو هاشتاج موحد لرفض المحاكمات العسكرية كما قام بعض المدونون المصريون بكتابة تدوينات ترفض المحاكمات العسكرية للمدنيين عبر مدوناتهم وقام البعض الآخر بكتابة تدوينة جمع فيها مشاركاته فى التظاهرة الإلكترونية والتعليقات التى شارك بها على تويتر وصفحات ال"فيسبوك". وقد كانت حصيلة تلك المشاركات أكثر من 130 ألف تعليق وتدوينة حظيت الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بنصيب الأسد فيها بنحو أكثر من 80 ألف تعليق يرفض إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية فى مقابل بعض التعليقات التى أعلنت موافقتها على المحاكمات العسكرية للمدنيين بينما تجاوز أعداد الرا فضين لتلك المحاكمات على الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء 13 ألف تعليق وتخطى عدد التعليقات التى كتبت على الصفحة الرسمية لرئيس الوزراء الدكتور عصام شرف حاجز العشرين ألف تعليق وكان أقل عدد من التعليقات قد كتب على الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية حيث قدر عدد التعليقات بنحو أربعة آلاف تعليق. ولم يقتصر الأمر على الأفراد المشاركين فى تلك التظاهرة بل انضمت لها صفحات أخرى على ال"فيسبوك" مثل الصفحة الأكثر شعبية على الموقع "كلنا خالد سعيد" التى وضع المسئول عنها شعار "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين " على حائط الصفحة تزامنا مع وقت المظاهرة الإلكترونية واندفعت تعليقات المشاركين ما بين مؤيد بشروط ومابين رافض لها كما جددت الجدل الدائر حول مدى مشروعية محاكمة مبارك و رموز نظامه محاكمات مدنية وليست عسكرية . كتبت سحر " أنا أرفض المحاكمات العسكرية لمدنيين وهذه اسبابي :المحاكمات العسكرية تسلب حق أصيل للمواطن المصري بالمثول أمام قاضيه الطبيعي وهو حق كفله له الدستور والقانون ، كما أن المحاكمات العسكرية سيئة السمعة منذ عهد مبارك ومسيسة في معظم الأحيان التي يمثل أمامها مدنيين ثم معنى أنني أحاكم شخص مدني أمام محكمة عسكرية أنني أطعن في عدة أمور أهمها فعالية وقوة وعدالة القانون المدني المصري بذاته و القضاء المصري المدني أيضا ،، أتصور بعد ثماني أشهر من المحاكمات العسكرية ورغم الأحكام المشددة فإن الوضع لم يتغير ولم تنته حالة الانفلات الأمني المزعوم وهو ما يثبت فشل هذه المحاكمات في الردع " وأضافت "اعتبرها كيل بمكيالين أن يحاكم القائد الأعلى للقوات المسلحة والقائد الأعلى للشرطة أمام محكمة مدنية فيما يحاكم سارق محفظة عسكريا رغم أن تهم الأول تمس منصبيهما العسكريين مساسا مباشرا، هذه المحاكم مؤخرا صارت توجه الي شباب الثورة وهو أمر لن يفضي الي خير..على المؤسسة العسكرية في مصر أن تظل تلك القامة العالية والقيمة النبيلة كما كانت للمصريين طوال تاريخها المجيد ..كيف أريد ان أؤصل لدولة القانون في أذهان المصريين فيما أنا بنفسي من يطعن في نجازة هذا القانون والتقاضي عن طريقه و القضاة المصريين بالتأصيل لهذا النوع من المحاكمات" واتفق معها محمد " نعم للمحاكمات العسكرية للمدنيين بشرط أن تكون للجميع لايثتثنى منها مبارك ورجاله " وعلق مهاب " مدنيين بنحاكمهم عسكرى وعسكريين بنحاكمهم مدنى ..تيجى ازاى دى ..طبعا ارفض محاكمة المدنيين عسكريا ". وانضمت للتظاهرة أيضا صفحة "ثورة الغضب المصرية الثانية " وبعض صفحات القوى الوطنية مثل صفحة حملة دعمم البرادعى وصفحة حزب المصريين الأحرار وصفحة دعم الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح للرئاسة وصفحة المجلس الوطنى . ونتيجة لكثرة التعليقات عانى عدد من المشاركين فى التظاهرة الإلكترونية من حجب حساباتهم لبعض الوقت وهو إجراء تقنى يتخذه موقع الفيسبوك عند قيام شخص ما بتكرار التعليقات فى أكثر من صفحة تجنبا لمضايقة المسئولين عن تلك الصفحات أو المشاركين فيها بالرسائل والتعليقات المزعجة أو ال "spam" إلا أن الخدمة عادت لطبيعتها فيما بعد . وعلى تويتر شارك الآلاف بكتابة تعليقات رافضة للمحاكمات العسكرية ونشر وتبادل شهادات حية لأقارب المحاكمين عسكريا تتحدث عن ظروف محاكمتهم والقبض عليهم . من جانبها ذكرت الناشطة الحقوقية منى سيف أحد مؤسسي مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" الداعية للتظاهرة الإلكترونية فى تصريح خاص ل"بوابة الأهرام " إن فكرة المظاهرة الإلكترونية جاءت كوسيلة للتعبير عن الرأى عن طريق استغلال الدور المؤثر لمواقع التواصل الاجتماعى ، وباعتبارها أحد البدائل لغير القادرين على النزول للتظاهر فى الشوارع والميادين تعبيرا عن الرأي في موضوع معين في وقت واحد كأسلوب من أساليب الضغط الشعبي مؤكدة عدم نيتهم إغفال أساليب الضغط الأخرى . مضيفة إن تصاعد الغضب ضد المحاكمات العسكرية بدأ مع محاكمة عدد كبير من النشطاء عسكريا واستدعاء بعض الشخصيات العامة للنيابة العسكرية ، وأكدت منى أن هناك الألاف من المواطنين الذين تمت محاكمتهم عسكريا وليس لديهم اى خلفية سياسية وهذا ما اكتشفته المجموعة عندما بدأت تدعم النشطاء المحاكمين على خلفية سياسية حيث قابلت العديد من الأهالى ممن حوكم ذويهم على خلفية جنائية دون أى خلفية سياسية منذ بدء الثورة وتحديدا منذ 28 يناير . انتقدت منى تركيز وسائل الإعلام مع النشطاء فقط دون غيرهم على الرغم من كون غالبية الأحكام العسكرية صدرت ضد مواطنين ليست لهم خلفيات سياسية وأضافت إن المأساة فى حالة هؤلاء تتجسد من خلال ما رصدته المجموعة من شهادات لهم و لذويهم تفيد وجود تقارير تتضمن سوء معاملة كما لاحظت المجموعة أن قطاع عريض منهم يأتى من خلفية اجتماعية متواضعة للغاية ومن المناطق الأكثر فقرا وهو ما اعتبرته منى بمثابة تمييزا طبقيا فى طريقة التعامل مع المقبوض عليهم. لفتت منى إلى أن هناك الكثير من الشهادات المجمعة من المحاكمات التى أجريت منذ بداية فبراير الماضى أكدت عدم تواجد محامين ولو حتى بشكل صورى وأفادت بعض الشهادات عن تواجد محامين منتدبين إلا أنهم منعوا من التواصل معهم . بالإضافة إلى أن هناك الكثير من الأهالى لم يتم إبلاغهم بالقبض على ذويهم وتمت محاكمتهم دون حضورهم وصدرت بحقهم أحكام قوية لا تقل عن 5 سنوات وتابعت منى أن معظم المسجونين على خلفية سياسية يتواجد معظمهم بسجن طره إلا أن الباقى فى سجون بعيدة عن ذويهم الذين يعانون بشدة ويتكبدون مشقات صحية ومالية من أجل زيارتهم مرة كل أسبوعين نظرا لبعد المسافة . راجية عمران الحقوقية والناشطة بالمجموعة أوضحت أن المشكلة تكمن فى أن القانون العسكرى حدد دواعى المحاكمات العسكرية فى حالات محددة وهى فى حالة ارتكاب جريمة من قبل عسكرى أو كان العسكرى مجنى عليه أو طرف فيها أو فى حالة تعد على منشأة عسكرية أو وقوع جريمة فى نطاق تلك المنشأة ولا يوجد أى من تلك الحالات تنطبق على أى مدنى تم تحويله لمحاكمة عسكرية عدا ضباط 8 إبريل التى تخضع محاكمتهم للقضاء العسكرى لذا لا تتدخل المجموعة فى تلك القضية. وأضاف طارق العوضي المحامى بجبهة الدفاع عن متظاهرى مصر أن القضاء العسكرى من شأنه أن يقرر أن هناك قضايًا معينة يختص بها وهذا يتحكم فيه رأى القضاء العسكرى وحده دون حاجة لتقديم تفسير، معربا عن قلقه من تزايد استخدام المادة 171 من قانون العقوبات والمتعلقة بجرائم القذف والسب كذريعة أمام المحاكمات العسكرية منتقدا تحويل كل قضايا الرأى إلى قضايا قذف وسب بموجب تلك المادة بطريقة لم تحدث فى عهد مبارك . ولفت إلى وجود تجاوب من القضاء العسكرى بإعادة محاكمات بعض المدنيين ممن صدرت ضدهم أحكام نافذة وتم إيقاف تنفيذها بعد إعادة المحاكمة إلا أن وجود الحكم فى حد ذاته فى الصحيفة الجنائية لشخص ما له تأثيراته السلبية على حياة الشخص فيما بعد خاصة فى حالات التقدم لبعض الوظائف التى تتيحها بعض أجهزة الدولة ذات الطبيعة الخاصة أو فى حالات بعض شركات القطاع الخاص.