عادة ما تهتز اسواق الحبوب الدولية بمجرد انخفاض المحاصيل في روسيا وهذا هو سبب توتر التجار ومحللي السلع هذه الايام فآخر مرة فرضت موسكو حظرا علي صادراتها وكان في عام2010 قفزت اسعار القمح العالمية, ولا يمكن ان ينسي احد ما اطلق عليه السطو الكبير علي الحبوب لعام1972 عندما اشتري الاتحاد السوفيتي وبهدوء شديد عشرة ملايين طن من الحبوب الامريكية مما ترتب عليه اشتعال الاسعار وقفزة في معدل التضخم. اليوم ربما تكون روسيا مرة اخري بصدد تحويل السوق رأسا علي عقب فأسعار القمح المحلية تضاعفت خلال العام الماضي وذلك وفقا لبيانات شركة ابحاث روسية في ظل وجود عجز حتي موسم الحصاد الجديد ويتوقع محللون قيام روسيا باستيراد اكبر كمية من الحبوب من الغرب منذ عشرين عاما. ويحاول تجار الحبوب في العالم تحديد حجم العرض والطلب بالنسبة للقمح الروسي مع استعداد الكرملين لالغاء الجمارك علي واردات الحبوب بعد انخفاض حاد في مخزونات البلاد الذي حدث نتيجة لموجة الجفاف المدمرة التي ضربت المزارع الروسية العام الماضي وادت الي ارتفاع الاسعار المحلية للقمح الي مستويات قياسية. وهنا يلفت احد محللي السلع في سويسرا الي ان السوق العالمي لم يتنبه بعد لاحتمال استحواذ روسيا علي نصيب مهم من صادرات الحبوب ويقول ان انخفاض المحاصيل في روسيا جاء في وقت تعاني فيه منطقة البحر الاسود التي تضم كازاخستان واوكرانيا من مناخ قاس وتراجع في مخزوناتها ايضا وهي منطقة تمثل ما يقرب من ربع صادرات القمح العالمية وتعد المورد الرئيسي لدول شمال افريقيا والشرق الاوسط, اكبر مستوردي الحبوب في العالم. وكازاخستان التي هي جزء من اتحاد جمركي ثلاثي يضم روسيا وبيلاروسيا تعتبر المصدر الرئيسي للحبوب بالنسبة للدول المجاورة لها غير انه من المتوقع انخفاض مخزوناتها بنهاية عام2012 2013 الي نصف مستوياتها في العام السابق وفي الوقت نفسه سيظل علي الارجح الطلب العالمي قويا بعدما ادي ارتفاع اسعار الذرة وفول الصويا الي تحول مربي الماشية الي استخدام القمح كعلف. من ناحية اخري يتوقع كثير من الاقتصاديين في مجلس الحبوب العالمي في لندن انتعاشا في الانتاج العالمي في موسم2013 2014 لكنه لن يكون انتعاشا كبيرا وسيتم استيعابه عبر الاستهلاك. يذكر ان انتاج القمح الروسي في موسم2012 2013 قد بلغ نحو37.7 مليون طن وهو ادني مستوي منذ عام2003 2004 عندما تسبب المناخ السيئ في انخفاض المحاصيل الزراعية واقل بنسبة10% من محصول2010 2011 حين فرضت روسيا حظرا علي صادراتها. ولكن بالرغم من انخفاض الانتاج تمكنت روسيا من تصدير10.5 مليون طن من القمح منذ شهر يوليو وهو ما ادي الي هبوط في مخزوناتها التي يتوقع لها ان تقف عند5.6 مليون طن بحلول نهاية الموسم الحالي وهو اقل مستوي ايضا منذ2007 2008 عندما تعرض العالم لازمة غذاء وارتفاع حاد في اسعار الحبوب. حتي يحين موعد الحصاد الجديد في يونيو يتوقع المحللون والتجار استيراد روسيا ما بين مليون ومليوني طن من القمح جزء منه من كازاخستان وربما تصل الواردات الي2.5 مليون طن حسب بعض التقديرات البريطانية. من المنتظر ان تبدأ روسيا هذه الايام التفاوض مع شركائها في الاتحاد الجمركي حول تعليق الرسوم الجمركية علي واردات الحبوب وتأمل موسكو في رفع التعريفة الجمركية في الربع الثاني واعادة فرضها في شهر يوليو مع بداية موسم الحصاد الجديد وان كانت هناك آراء مؤيدة لتمديدها فترة اطول. حجم واردات روسيا يعتمد علي الاسعار المحلية في فترة تعليق تعريفة الواردات ووفقا للاسعار الحالية يمكن استيراد القمح الامريكي. ولكن اذا تراجعت اسعار السوق فسيكون من الاجدي خفض الاستهلاك بدلا من دفع مبالغ اضافية*