قديما كانت الصفقات الكبرى تؤثر إيجابيا أو سلبيا في البورصة الي الحد الذي كانت تقود فيه الصفقات قاطرة هبوط أو صعود البورصة لفترات طويلة وكان يحدث هذا في الظروف العادية أما الآن ولأن البورصة تتأثر بأحداث أخري سياسية واقتصادية متتالية فإن الصفقات الكبرى لاتتأثر او تؤثر بالبورصة كثيرا ، هذا ما يحدث الآن مع صفقة استحواذ كونسرتيوم من رجال الاعمال الامريكيين والدوليين علي الاسهم المحلية العادية بشركة اوراسكوم للانشاء والصناعة. وكان عرض الاستحواذ الذي تم الاعلان عنه 280 جنيها للسهم حيث استقلبت البورصة هذا العرض استقبالا فاترا خاصة مع انتشار الشائعات التي تؤكد احتمال عدم تنفيذ الصفقة مما ادي الي تكالب المستثمرين علي بيع السهم بأقل من 280 جنيها خوفا من تراجع أكبر للسهم في حال عدم إتمام الصفقة . .والقصة بدأت عندما أعلن رجل الاعمال ناصف ساويرس ان تحالفا مع كبار المستثمرين الامريكيين والعالميين تقوم بتمويل عملية شراء الاسهم العادية المحلية بشركة اوراسكوم للانشاء والصناعة لشركة INVوهي شركة هولندية تابعة لشركة اوراسكوم للانشاء والصناعة وتقدر قيمة الاستثمارات التي ضخها التحالف بنحو مليار دولار اي مايوازي 13 مليار جنيه ويتكون التحالف من شركة كاسكيد وهي شركة الاستثمارات المملوكة بالكامل لبيل جيتس وشركة ساوث ايستون لادارة الاصول وشركة دايفيز سيلكت اوفيزرز . من جهة أخرى أعلنت شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة، نيتها إلغاء برنامج شهادات الإيداع الدولية الخاصة بها والمقيد ببورصة لندن ونقل تبعيته إلى شركة أو سى أى إن فى قيد أسهمها ببورصة نيويورك يورونكست فى هولندا والولايات المتحدة، بحيث يتم قيد أسهم الشركة بأمستردام وشهادات الإيداع الأمريكية بالولايات المتحدة لاحقا. ومن المتوقع أن تساعد هذه الصفقة على إتاحة سيولة فى أسهم الشركة، بعد إتمام الصفقة وموافقة الهيئة العامة للرقابة المالية عليها، ثم تنفيذها فى البورصة. أوراسكوم للإنشاء والصناعة، هى شركة مصرية تعد من أكبر شركات المقاولات فى العالم العربى. يرجع تأسيس الشركة إلى سنة 1976 تحت اسم أوراسكوم للمقاولات العامة والتجارة "وقد كان مؤسس الشركة أنسى ساويرس انطلق فى قطاع المقاولات منذ الخمسينيات من خلال شركة أخرى وقع تأميمها سنة 1961". كانت الشركة تملك وحدة مختصة فى قطاع صناعة الأسمنت، ولها وحدات إنتاجية فى عدة دول أهمها مصر، الجزائر، تركيا، إسبانيا.. قامت ببيعها فى ديسمبر 2007 لصالح لافارج الفرنسية فى صفقة بلغت 12.81 مليار دولار. بلغت إيرادات الشركة سنة 2006 "2.865مليار دولار" ، تشغل الشركة حوالى 40.000 ورئيسها التنفيذى هو ناصف ساويرس. تملك عائلة ساويرس "أنسى، ناصف، سميح"60% من رأس مال الشركة. مدرجة منذ سنة 1999 فى بورصتى القاهرة والإسكندرية. ومع تنفيذ هذه الصفقة لن تستفيد مصر من الضرائب التي كانت تدفعها حيث حققت الشركة خلال التسعة أشهر الاولي من العام الماضي ايرادات بلغت 3.999 مليار دولارأي مايعادل 2.59 مليار جنيه ويبلغ سعر الضريبة في هولندا 25% مثل مصر إلا أنه في حالة تطبيق الضرائب التصاعدية في مصر سوف تكون الشركة من اعلي الشرائح الضريبية في مصر ، لذلك كان العرض بمبادلة اسهم لجميع حاملي شهادات الايداع الدولية المدرجة ببورصة لندن لشركة اوراسكوم للانشاء والصناعة مقابل اسهم بها. وحول تأثير هذه الصفقة علي البورصة يقول عوني عبدالعزيز رئيس جمعية السماسرة ان هناك حالة ترقب مخيفة في السوق تجعل من أي صفقة مهما كانت اهميتها علي هامش اهتمامات المتعاملين والدليل علي ذلك ان سعر السهم يباع حاليا ب 273 جنيها وهو السعر الاقل من المعروض من الشركة العالمية بالاضافة الي ان عروض البيع اكثر من طلبات الشراء.هذه الحالة التي يعاني منها السوق جعلت الصفقة بلا تأثير ايجابي لان حجم التداول ضعيف وهناك تربص من المستثمرين بسبب الاحداث السياسية الحالية اضافة الي ان شركات السمسرة في مجملها تعاني من خسائر واغلبها علي وشك الافلاس إن لم تكن أفلست بالفعل. من جانبه أشار ايهاب سعيد خبير اسواق المال الي ان عدم وضوح الرؤية حول الصفقة ومدي اتمامها من عدمه خاصة أن رأس مال الشركة التي تقود عملية الاستحواذ أقل من رأسمال شركة اوراسكوم للانشاء والصناعة أدي الي تدافع المصريين بعمليات بيع واسعة النطاق ادت الي تراجع رأس المال السوقي للبورصة بنحو 1.4 مليار جنيه واضاف أن بعض المتعاملين قاموا بعمليات بيع مكثفة علي السهم خاصة انه حال تنفيذ هذه الصفقة سيتم شطب السهم من البورصة وبالتالي سيخسر المؤشر سهما ذا اداء مالي قوي ووزن نسبي ثقيل وهو ما أدي الي تراجع سعر السهم مقارنة بأعلي مستوياته خلال الجلسة. هاني توفيق خبير الاستثمار أكد أن المشكلة الحالية في البورصة ليست فقط تدني ارقام التداول أو تراجع قيمة التعاملات وانما في خروج الشركات الكبرى من السوق المصري وخروجها من مؤسسة سوق المال وهو الامر الذي يمثل خطورة حقيقية علي مستقبل الاستثمار في مصر. وتقول عنايات النجار خبيرة أسواق المال أن الامر بالنسبة لسهم اوراسكوم يتوقف علي طبيعة المستثمرين وتطلعاتهم وبالنسبة لهذا السهم لأنه اذا كان بهدف للمضاربة علي السهم سوف يقوم ببيع السهم لأنه سيربح فيه واذا كان يتطلع الي الاستثمار سوف يقوم بالمبادلة وتتوقع أن يقوم اغلب المستثمرين بالمبادلة لأن الشركة من الشركات صاحبة الوزن القوي في البورصة واغلب مستثمريها من المؤسسات ، واضافت أنه بحسب التشريعات المصرية فان صناديق الاستثمار توجب شروطا في نشرات اكتتابها تحظر عليها الاستثمار في أسهم خارج السوق المصرية مما سيضطرها الي بيع السهم. من جهة أخرى فانه في حالة رفض نسبة من المساهمين اي من الاجراءين فقد يتم التداول علي السهم في البورصة المصرية في صورة شهادات ايداع مصرية وتساهم الصفقة في الاسراع من الاجراءات الخاصة بعملية فصل النشاط التي يتوقع ان تستغرق في الخارج نحو اسبوعين وهي العملية التي ستعزز من التوقعات الايجابية لنتائج اعمال الشركات. وكانت أوراسكوم للإنشاء قد أعلنت فى نهاية عام 2011 عن اتجاهها لفصل نشاطي الانشاءات والأسمدة فى مصر والخارج، معتبرة أنه من غير المنطقي أن يتم دمج نشاط الأسمدة الذى يستهدف التصدير لأوروبا وأمريكا الشمالية والبرازيل مع نشاط الانشاءات الذى يعمل فى مجال البنية الأساسية ويستهدف الأسواق الناشئة بشكل رئيسى، وتوقع محللون أن يساهم هذا الإجراء فى مساعدة الشركة على التوسع فى عمليات الدمج والاستحواذ للكيانين المنفصلين كل فى مجاله. إلا أن آخر بيان صحفي للشركة بهذا الشأن، ديسمبر الماضى، قالت إن الشركة قدمت وثائق إضافية طلبتها هيئة الرقابة المالية للترخيص بعملية فصل النشاط. بغض النظر عن فرص صغار المساهمين فى الربح من صفقة أوراسكوم الا أن هناك مخاوف من تأثير امكانية خروج الشركة من البورصة المصرية بعد اتمام هذه الصفقة على السوق المصرية، كما يقول الولي، مشيرا إلى أن الشركة تمثل نحو 28% من الوزن النسبي للمؤشر الرئيسي، وهو ما قد يمثل عاملا مؤثرا بشكل قوى على وضع المؤشر بين المؤشرات المماثلة فى الأسواق المنافسة