انتهز الدولار ضعف قوة الجنيه المصرى ليعلن الثورة ضده مستغلا فترة التوترات السياسية والانفلات الأمنى وتراجع عائدات السياحة والصادرات وارتفاع قيمة الديون المحلية لتتجاوز 1.3ألف مليار جنيه والديون الأجنبية لتصل إلى 35مليار دولار. وهذه ليست المرة الأولى التى يصارع فيها الدولار الجنيه وهذا شىء طبيعى تتعرض له كل عملات العالم بين الانخفاض والارتفاع، ولكن الخوف الحقيقى أن يستغل تجار العملة والمضاربون هذا الصراع لتكرار تجربة إمبراطور هذه التجارة وأشهر تاجر عملة فى مصر خلال فترة الثمانينيات سامى على حسن، الذى جمع مليارات الدولارات من العاملين فى الخارج واستغل فرصة نقص النقد الأجنبى فى الخزانة المصرية وعدم قدرة المستوردين أو الصناع أو الراغبين فى العلاج بالخارج أو للسياحة والحج والعمرة، وأنشأ سوقا لتجارة العملة خاصا به فى وقت كان غير مسموح لأى مصرى بحمل سوى 5دولارات عند السفر للخارج. وتشير كل الحقائق إلى أن أصحاب شركات توظيف الأموال التى ازدهرت خلال فترة الثمانينيات أيضا كلهم كانوا يتاجرون فى العملة وكانت معظم أموالهم تذهب إلى البنوك فى الخارج وقليل منها يتم استثماره فى مشروعات استهلاكية فى مصر. صحيح أن الأوضاع فى مصر تطورت وأصبحت تجارة العملة رسمية ومن خلال شركات الصرافة والبنوك، ويتم يوميا الإعلان عن أسعار الشراء والبيع، ولكن من المؤكد أن النقص الحاد فى العملة لدى التجار مع استمرار الطلب عليها من المستوردين وأصحاب المصانع الراغبين فى شراء المواد الخام والسلع الوسيطة لتشغيل مصانعهم، لديهم الاستعداد للحصول على النقد الأجنبى بأى سعر حتى لا تتوقف تجارتهم أو مصانعهم، وفى حال إضافة تجارة السلع المهربة والتجارة غير المشروعة فإن الضغط على شراء الدولار حتما سيؤدى إلى ظهور سوق سوداء تدفع إلى مزيد من ضعف قيمة الجنيه المريض. بالطبع الحل السليم هو فى زيادة مواردنا من النقد الأجنبى عبر تعافى الأنشطة السياحية وزيادة تحويلات العاملين فى الخارج.. ولكن حتى يحدث ذلك وهو ما يحتاج إلى ربما شهور عقب تحقيق الاستقرار السياسى وانتخاب مجلس جديد للنواب، فإنه من الضرورى أن تقوم الدولة بدور تجار العملة وأن تذهب إلى المصريين فى الخارج لجمع أموالهم من خلال فروع البنك المصرية وباستخدام كل أشكال الحوافز ومنها السعر المناسب للشراء قبل أن يسبقها إمبراطور جديد من المضاربين. [email protected]