يعتقد رؤساء أجهزة الاستخبارات والقادة العسكريون الكبار بالولاياتالمتحدة أنه من غير المرجح أن تتخلى كوريا الشمالية بشكل كامل عن أسلحتها النووية التي عملت بتحد شديد على الحصول عليها وبتكلفة كبيرة، بما في ذلك معاناتها تحت وطأة مجموعة من العقوبات والعزلة الدولية. وقال دان كوتس، مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أمام مجلس الشيوخ الشهر الماضي إن قادة الدائرة الداخلية المقربة للزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون "يرون في نهاية المطاف الأسلحة النووية على أنها أمر حيوي لبقاء النظام".
وتم التخلي عن الجدول الزمني الذي كان مرتبطًا بالهدف المعلن لإدارة ترامب وهو "نزع سلاح كوريا الشمالية النووي بشكل نهائي وقابل للتحقق "، وبدا الأمر وكأنه نموذجا مثاليا ساميا وليس سياسة قابلة للتحقيق.
ويقول محللون، إن المطلب الذي يمثل أقصى أهداف ترامب يجب أن يتم التخفيف منه في المفاوضات من أجل السماح بحدوث تقدم في احتواء القدرات النووية لبيونج يانج ومنع استخدامها، وهي أولوية أكثر فعالية بالنسبة للأمن الأمريكي وسلامة حلفاء الولاياتالمتحدة في آسيا والمحيط الهادئ.
وأول شيء هنا، هو ضرورة ملاحظة ما تغير منذ أسوأ مرحلة من التوترات بين الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية عام 2017، عندما كان ترامب ينعت كيم ب "الرجل الصاروخ" وكانت هناك مخاوف متزايدة من الأجواء المشحونة والمتوترة والتى يمكن أن تؤدى إلى اندلاع حرب.
وفي خطابه الأخير حول حالة الاتحاد وفى الخطابات الأخرى التى كان يلقيها أمام التجمعات فى مناسبات مختلفة ، كان ترامب يشيد غالبا بالتحولات في موقف كوريا الشمالية في ظل رئاسته، وبشكل خاص أنها توقفت عن تجربة أنواع معينة من الصواريخ الباليستية، وبشكل عام هدأت حدة التوترات.
وفي قمة العام الماضي بسنغافورة، التقى ترامب مع كيم، وكان ذلك هو أول لقاء مباشر وجها لوجه يجمع بين رئيس أمريكي في السلطة وزعيم لكوريا الشمالية.
وبعد الاجتماع قال ترامب إن كوريا الشمالية لم تعد تشكل تهديدًا. إلا أن إدارته راجعته في هذا الأمر، منذ ذلك الحين، حيث تقول إن النشاط النووي مستمر.
لكن بيونج يانج تسعى إلى مزيد من الإجراءات المتبادلة وتقول إن الاتفاق مع الولاياتالمتحدة يدعو إلى "العمل على نزع السلاح النووي الكامل في شبه الجزيرة الكورية" ، وهو هدف أوسع نطاقا .
ومن بين النقاط الرئيسية للنفوذ الذي تحتفظ به الولاياتالمتحدة في هذه المرحلة، هي أن العقوبات لا تزال تراوح مكانها ، مما يؤدي إلى خنق اقتصاد كوريا الشمالية. وإذا كان كيم يرغب حقا في انتشال بلاده من الفقر وتوسيع إمكاناتها الاقتصادية، فإنه سيكون بحاجة إلى الوصول للأسواق.
إذن ما هي النقاط الأكثر منطقية ومعقولية التي يمكن لترامب أن يأمل في تحقيقها عندما يلتقي كيم في هانوي، فى الوقت الذى يستمر فيه فى الإشادة على نحو حماسى بعلاقتهما الشخصية؟
ويقول أنكيت باندا وجون واردن ، وهما خبيران في الشئون النووية والآسيوية إنه ينبغي على الولاياتالمتحدة السعي بشكل أساسي إلى ردع كوريا الشمالية عن استخدام أسلحتها ضمن أي استراتيجية هجومية، وتقليص فرص بيونج يانج في نقل المعرفة النووية إلى أطراف ثالثة.
وسيتحقق ذلك عن طريق الاحتواء التفاوضى للبرنامج النووي ، بدلا من إنهائه وإزالته ، على الأقل في هذه المرحلة . ولتحقيق ذلك ، سيتعين على الولاياتالمتحدة تقديم تنازلات تتجاوز المجال الاقتصادي إلى وضعها العسكري في آسيا.
وسيعتمد الكثير من هذا على مصداقية الولاياتالمتحدة بين حلفائها وقدرتهم على العمل معاً – وهو مطلب صعب على الدوام ، ولكنه الآن أكثر بعدا عن التحقق على ما يبدو في ظل عهد ترامب الذي أهان الحلفاء بشكل متكرر.