تعهد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، بنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية بشكل كامل، خلال قمته التاريخية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 12 من يونيو الماضي في سنغافورة، في حين تمسكت الولاياتالمتحدة بتفكيك البرنامج النووي الكوري الشمالي "فورًا، وبشكل كامل، ولا رجعة فيه، ويمكن التحقق منه". شبكة "رويترز" ترى أنه من الواضح أن الولاياتالمتحدة قد تخلت عن نهج "كل شيء أو لا شيء" تجاه نزع السلاح النووي الكوري الشمالي، في الوقت الذي يستعد فيه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، لزيارة بيونج يانج هذا الأسبوع، على أمل الاتفاق على خارطة طريق لنزع السلاح النووي. وسيقضي بومبيو يومًا ونصف اليوم في كوريا الشمالية يومي الجمعة والسبت، في زيارته الثالثة إلى البلاد هذا العام، وأول رحلة له منذ القمة غير المسبوقة بين ترامب وكيم. وستكون أول زيارة تستمر لأكثر من يوم لبومبيو في البلاد، التي ما زالت في حالة حرب مع الولاياتالمتحدة، من الناحية الفنية، حيث وقعت هدنة بين البلدين منذ انتهاء الحرب الكورية التي دارت بين عامي 1950 و1953. وتعهد كيم في قمة سنغافورة، ب"العمل نحو نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية"، لكنه لم يشر إلى كيفية أو متى ستتخلى بيونج يانج عن برنامج الأسلحة النووية الذي يهدد الولاياتالمتحدة وحلفائها. اقرأ المزيد: هل تنجح الصين في تخفيف العقوبات عن كوريا الشمالية؟ ومنذ ذلك الحين، يحاول المسؤولون الأمريكيون التوصل إلى اتفاق يقول المنتقدون إنه لا يحتوى على بنود جوهرية أو خارطة طريق للتوصل إلى اتفاق قد يرقى إلى درجة حماس ترامب من نتائج القمة. إلا أن وكالة رويترز، أشارت إلى أن عدد من المسؤولين الأمريكيين، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، قالوا إنه لم يكن هناك أي علامة على حدوث انفراج وتقدم قليل نحو تحديد شروط أي اتفاق. وأضافت أنه بدلًا من ذلك، قامت إدارة ترامب بتغيير نهجها في التعامل إلى درجة أسهل، على الرغم من المعلومات الاستخباراتية التي تقول إن كوريا الشمالية مستمرة في خداع واشنطن بشأن برامجها النووية. وكانت الإدارة الأمريكية قد طالبت في السابق بأن توافق كوريا الشمالية على التخلي عن برنامجها النووي بالكامل قبل أن تتوقع أي تخفيف من العقوبات الدولية الصارمة. وقبيل قمة سنغافورة، قال بومبيو إن ترامب سيرفض أي شيء لا يعني "نزع الأسلحة النووية بشكل كامل وقابل للتحقق ولا رجعة فيه". ولكن بعد المحادثات التي جرت يوم الأحد بين المبعوث الأمريكي سونج كيم، ونظرائه الكوريين الشماليين للإعداد لزيارة بومبيو الأخيرة لبيونج يانج، يبدو أن مبدأ "نزع الأسلحة النووية بشكل كامل وقابل للتحقق ولا رجعة فيه" قد اختفى فجأة من قاموس وزارة الخارجية الأمريكية. اقرأ المزيد: رغم اتفاق «سنغافورة».. كوريا الشمالية تواصل أنشطتها النووية وتقول الخارجية الأمريكية، إن الضغوط ستبقى حتى إذا أصبحت كوريا الشمالية خالية من الأسلحة النووية، ولكن في تصريحات صدرت هذا الأسبوع، أعادت تعريف هدف الولاياتالمتحدة بأنه "نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية في النهاية بشكل يمكن التحقق الكامل منه كما وافق عليه الرئيس كيم". خطوة للخلف نقلت "رويترز" عن مسؤولين أمريكيين قولهما إن إدارة ترامب تراجعت عن طلبها ب"نزع الأسلحة النووية بشكل كامل وقابل للتحقق ولا رجعة فيه" بناءً على نصيحة كوريا الجنوبية. وأكد الكوريون الجنوبيون، الذين يتابعون محادثاتهم مع كوريا الشمالية، أن المفاوضات التدريجية نجاحًا من الإصرار على الضغط على بيونج يانج لتحقيق جميع المطالب الأمريكية قبل الحصول على أي تنازلات. وأشار أحد المسؤولين إلى أن هناك فكرة تكمن في أن الحفاظ على التعاون الصيني والروسي حول قضية كوريا الشمالية سيكون "أكثر صعوبة إذا تمسكت الولاياتالمتحدة بموقف كل شيء أو لا شيء". وأضاف المسئول أن الكوريين الشماليين رفضوا خلال المحادثات مع سونج كيم، الرد على محاولات تحديد الشروط الأساسية للاتفاق النهائي، بما في ذلك تعريف كلمات "الكاملة والقابلة للتحقق ولا يمكن الرجوع عنها". وذكر مسؤول كوري جنوبي كبير لمسؤولين أمريكيين في اجتماع عقد في واشنطن الشهر الماضي، أنه على الجانب الأمريكي التوقف عن الضغط من أجل "نزع الأسلحة النووية بشكل كامل وقابل للتحقق ولا رجعة فيه"، وهو ما اعتبرته كوريا الشمالية بمثابة وصفة لنزع السلاح من جانب واحد، وهو ما أثار مخاوف من إسقاط النظام في بيونج يانج، واقترح المسؤول الكوري الجنوبي أن تستخدم الولاياتالمتحدة مصطلح "الحد من التهديد المتبادل". اقرأ المزيد: هل خدعت كوريا الشماليةواشنطن مجددًا بشأن أسلحتها النووية؟ كما قال المسؤول إنه سيكون من الصعب تفتيش المنشآت النووية والصاروخية الكورية الشمالية بطريقة تقليدية تشمل "مئات" المحققين الدوليين، حيث من غير المرجح أن تقبل بيونج يانج ذلك. وصرح باتريك كرونين الخبير في الشأن الآسيوي في مركز الأمن الأمريكي الجديد، أن الفكرة تكمن في أن كيم يبدو غير راغب في التخلي عن برنامجه النووي بالكامل في أي وقت قريب، لكنه قد يكون مستعد لتفكيك أجزاء كبيرة منه. ومن جانبه أشار دانيال راسل، كبير دبلوماسيي منطقة شرق آسيا السابق في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إلى أنه يبدو أن الإدارة شعرت بأنها مضطرة للتراجع عن مواقفها المتشددة بعد إعلان ترمب بعد القمة أنه لم يعد هناك تهديد نووي من كوريا الشمالية. وقال راسل إن نهج "الحد من التهديد المتبادل" الذي اقترحته سيول يأتي في صالح كوريا الشمالية "لأن استراتيجية بيونج يانج لحماية برنامجها النووي هي الاختباء وراء الدعوة إلى نزع السلاح النووي العالمي، في الوقت الذي تسعى فيه للحصول على مكافآت لتعليق سلوكها المهدد". وذكر مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جون بولتون، يوم الأحد، أن الجزء الأكبر من برامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية يمكن تفكيكه خلال عام "إذا اتخذوا القرار الاستراتيجي بالفعل للقيام بذلك". ومع ذلك رفضت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر ناويرت، يوم الثلاثاء، إعطاء إطار زمني لنزع السلاح النووي لكوريا الشمالية.