تباينت آراء خبراء اقتصاد ومحللين حول امكانية تنفيذ مقترح بالتفاوض مع الدول الخليجية الصديقة لإيداع جزء من احتياطياتها الدولية فى شكل ودائع لدى البنك المركزى المصرى وبعض المزايا التحفيزية، هناك فريق يرى أن هذا الطرح واقعى ويمكن أن يقبله الجانب الخليجى قياسا على تدنى العوائد الخارجية مقارنة بالعوائد التى ستدفعها مصر للجانب الخليجى. بينما رأى آخرون صعوبة تطبيق هذا الطرح حاليا فى ظل الحالة الاقتصادية لدول الخليج التى لن يكون بمقدورها الاستمرار فى دعم مصر نتيجة تقلبات اسعار النفط. الدكتور أحمد أبو النور استاذ الاقتصاديات الحرجة والازمات بالجامعة الامريكية يرى أن مقترح ايداع الدول الخليجية لجزء من احتياطياتها الدولية لدى البنك المركزى المصرى أمر يمكن تطبيقه على أرض الواقع فى ظل التقارب السياسى بين مصر ودول الخليج ومواجهة اخطار مشتركة مثل الارهاب لذلك فإن الجانب الخليجى لديه رغبة قوية فى دعم الاقتصاد المصرى وهو ما ظهر جليا خلال السنوات التى اعقبت ثورة 03 يونيو. واضاف أبو النور: هناك أحاديث حول امكانية قيام السعودية بسحب جزء من استثماراتها فى أمريكا وهو الأمر الذى يمكن البناء عليه فى إقناع الجانب السعودى بضخ المزيد من الدعم فى شكل ودائع بالاحتياطى النقدى من العملات الاجنبية. واشار الى أن الضمانات التى يطلبها الجانب الخليجى تتمثل فى عدة نواح سياسية واقتصادية، فمن النواحى السياسية ان العلاقات القوية بين الجانبين المصرى والخليجى تعد ضمانة مناسبة لتوفير دعم اضافى من الجانب الخليجى لمصر. - إدارة الاحتياطى وقال نبيل الحكيم المستشار الاقتصادى لمؤسسة بيريوس المصرفية إن الازمة لا تكمن فى اقناع الجانب الخليجى بدعم الاحتياطى النقدى من العملات الاجنبية ولكن المشكلة تكمن فى كيفية ادارة هذا الاحتياطى واستمرار الوضع كما هو عليه فى سوق الصرف واتباع سياسات حماية للجنيه مقابل الدولار سيتسبب فى استنزاف الاحتياطى النقدى الاجنبى مهما ارتفع حجم ايداعات الدول الخليجية لدعمه. واشار الى أن المشكلات التى تواجه الاقتصاد المصرى تجعل صرف الدعم الخليجى اما موجها للحاجات الملحة مثل سداد عجز الموازنة أو الانفاق الجارى بعيدا عن النواحى الاستثمارية التى تنتج عنها فرص تشغيل ولذلك فاننا سنظل بحاجة الى دعم جديد كلما انتهى الدعم السابق له. وقال ان الجانب الخليجى لديه استثمارات عالمية تزيد قيمتها على 5.2 تريليون دولار يمكن أن يستفيد الاقتصاد المصرى بجزء بسيط منها فى مشروعات استثمارية وتنموية تستهدف خلق فرص عمل وانتاج للسوق المحلى والتصدير للخارج وهو اتجاه أفضل من طلب دعم وديعة أو اقتراض بشكل مختلف. - فكرة عملية وقال محمد رضا الخبير الاقتصادى إن الفكرة فى حد ذاتها قابلة للتطبيق ويمكن اقناع الجانب الخليجى بها كما أن الضمانات التى قد يطلبها الجانب الخليجى متوافرة سواء السياسية أو الاقتصادية. واشار الى أن الفترة الماضية شهدت عودة الدعم الخليجى بعد ما يقرب من عام من توقفه اذ بدأ الجانب السعودى فى ضخ ودائع استثمارات منذ مؤتمر مارس الاقتصادى فى العامå السابق كما أن اعلان الامارات العربية المتحدة عن ضخ 9 مليارات دولار استثمارات وودائع يمكن أن يمثل بشرى خير لاستعادة الدعم الخليجى. وأكد أن الحكومة يجب أن تضع التغيرات التى تشهدها منطقة الخليج نصب اعينها فتراجع اسعار النفط سيؤثر على قدرة دول الخليج على دعم الاحتياطى النقدى أو ضخ استثمارات اضافية جديدة فى السوق المصرية. واشار الى ضرورة أن تتبنى الحكومة برنامجا اقتصاديا يستهدف معالجة أزمة الديون سواء المحلية أو الخارجية وعجز الموازنة وإلا سنجد انفسنا مضطرين لمزيد من الاستدانة من دول الخليج. - استثمار مباشر وأكد السفير جمال بيومى أمين عام اتحاد المستثمرين العرب ان الاستثمارات المباشرة افضل بكثير من الودائع، ويتطلب ضخ المزيد من الاستثمارات الخليجية فى مصر حل منازعات الاستثمار القائمة حاليا وتفعيل الاتفاقيات التى وقعتها مصر مع الجانب السعودى والاماراتى خلال الاسابيع الماضية. وقال إن الحكومة مسئولة عن تذليل عقبات الاستثمار أمام الاشقاء من الخليج ومساعدتهم على ضخ استثمارات جديدة خلال الفترة الحالية، كما أن قدرة السوق المصرى على احتضان الاستثمار الاجنبى وتوفير بيئة عمل ملائمة له دون الاخلال بحقوق الدولة أو المستثمر الاجنبى هو الضمانة الحقيقية لتنشيط الاستثمار الخليجى على أرض مصر. وقال حسين صبور رئيس جمعية رجال الاعمال المصريين إن توفير مناخ استثمارى ملائم للمستثمرين من منطقة الخليج يعد حلا أفضل من الاقتراض أو توجيه جزء من مدخرات الجانب الخليجى الى الاحتياطى النقدى رغم أهمية هذه الخطوة فى ظل حاجتنا الى الاستثمار أكثر من الاقتراض. واضاف: مستثمرو الخليج لديهم رغبة قوية فى اقتحام الاسواق الافريقية فى ظل تباطؤ معدلات الاستثمارات الخليجية فى أوروبا نتيجة للقرارات الحكومية المتعلقة بفرض مزيد من الضرائب هناك. وقال عبد المطلب عبد الحميد الخبير الاقتصادى إن جذب الاستثمارات الخليجية هو الخيار الانسب للاقتصاد المحلى بالقدر الذى يفوق مساندة ودعم الاحتياطى النقدى عبر تحويلات من منطقة الخليج خاصة ان الحصول على افضل العوائد الاقتصادية من المساعدات والمنح التى حصلت عليها مصر من دول الخليج يرتبط بمدى تمويل المشروعات التنموية التى تسهم فى تحفيز الاقتصاد الكلى الى جانب تهيئة المناخ الاستثمارى من خلال التعديلات التشريعية المتعلقة بالاستثمار كقانون الاستثمار. واشار الى أن توفير بيئة عمل مناسبة للاستثمار والقضاء على البيروقراطية أفضل بكثير من طلب مزيد من الدعم حتى وإن كان مرحليا.