الطيب الصادق تعد وديعة حرب الخليج البالغة 9 مليارات دولار دفعة قوية لإنقاذ الاقتصاد، خصوصا بعد أن أصدر المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية قرارا بقانون رقم 105 للعام 2013 بفتح اعتماد إضافى بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2013-2014، بمبلغ 60 مليارا و758 مليون جنيه مصرى من المساعدات العربية، والموافقة على تحويل وديعة حرب الخليج إلى وزارة المالية واستخدام نصفها فى خفض عجز الموازنة والنصف الآخر فى حزمة لتحفيز الاقتصاد. وينص القرار الجمهورى على قيام البنك المركزى المصرى بشراء رصيد حساب المبالغ الواردة من بعض الدول العربية، والذى يبلغ حوالى 8.78 مليار دولار أمريكى فى نهاية أغسطس عام 2013، على أن تتم إضافة المعادل بالجنيه المصرى ومقداره نحو 60.758 مليار جنيه مصرى لحساب وزارة المالية لاستخدام29.738 مليار جنيه مصرى، فى فتح اعتماد إضافى للموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2013/2014 ، لتنفيذ حزمة من البرامج الاستثمارية والاجتماعية تستهدف تنشيط الاقتصاد المصرى، وتحسين مستوى المعيشة وتحقيق العدالة الاجتماعية، كما يضاف باقى المعادل بالجنيه المصرى إلى بند رصيد الحسابات المؤقتة ذات الأرصدة لوزارة المالية بالبنك المركزى المصرى بما يسهم فى خفض عجز الموازنة العامة للدولة. وأكد خبراء الاقتصاد أهمية استغلال هذه الوديعة فى الوقت الراهن، الذى أصبح الاقتصاد يواجه مصاعب كبيرة فى ظل التحديات التى تواجهها الدولة بعد 30 يونيو، مؤكدين أن هذه الودائع تخضع لرقابة الدولة ولا يسيطر عليها أو يحصل على أرباحها أشخاص بأعينهم، موضحين أن قرار ضخ الوديعة سيسهم فى دعم الاقتصاد المصرى واستعادة مكانته بين الدول الأخري. وكان آخر التقارير الصادرة من البنك المركزى المصرى تشير إلى ارتفاع الديون المحلية إلى 533ر1 تريليون جنيه فى نهاية يونيو الماضى، كما ارتفعت الديون الخارجية إلى نحو 43.2 مليار دولار وهو ما يؤكد أن استخدام هذه الوديعة أفضل من الاقتراض من الخارج الذى يضاعف حجم الديون على مصر. وخلال الأيام الماضية صرح الدكتور أحمد جلال وزير المالية بأن الحكومة تستهدف ضخ وديعة حرب الخليج لتقليل حجم الدين العام إلى جانب صرف جزء من الحزمة التنشيطية التى رصدتها لتحفيز الاقتصاد وقدرها 29.2 مليار جنيه مما يخلق فرص عمل جديدة وتحقيق العدالة الاجتماعية..طارق حلمى، الخبير المصرفى يؤكد أهمية استغلال هذه الوديعة فى ظل الظروف الراهنة خصوصا مع تزايد عجز الموازنة العامة للدولة وقلة الموارد الحالية، فضلا عن زيادة مصاريف الدولة لتحقيق خطة استقرار البلاد وخارطة الطريق ورفع الحد الأدنى للاجور وزيادة حوافز بعض الهيئات كالتدريس والأطباء، مشيرا أن ضخ هذه الوديعة سيؤدى بالضرورة لزيادة حجم الاحتياطى من النقد الأجنبى، والذى انخفض تدريجياً بعد سداد بعض الودائع التى حصلت عليها مصر من الدول الأخرى ولعل آخرها الوديعة القطرية. وأشار إلى أن الحكومة لم تستغل هذه الوديعة فى الفترات السابقة لعدم احتياجها كما فى الوضع الراهن وكانت تدخرها للاستثمار وزيادة فوائدها وهو ما أسهم فى زيادتها لتصل إلى 9 مليارات دولار، مؤكدا أن استغلال هذه الوديعة يعد أفضل من الحصول على اقتراض خارجى لأنها لا تكبل الدولة ديونا على عاتقها كما تفعل القروض ..وحول إفلاس مصر استبعد حلمى هذه الاحتمالية، خصوصا أن مصر دولة كبيرة وبها موارد متعددة ولا يمكن إفلاسها وقامت مؤسسات التصنيف الائتمانى أخيرا برفع درجة التصنيف، مما يؤكد سيرها فى الطريق الصحيح لاسترداد عافيتها، لكن البلاد تواجه معوقات وتحديات كبيرة تعوق الاستثمار، أبرزها الملف الأمنى الذى يعد السيطرة على الحالة الأمنية فى البلاد بداية التقدم الاقتصادى والاستقرار، مؤكدا أن الجهاز المصرفى هو صمام الأمان للاقتصاد المصرى، لذلك برنامج الإصلاح المصرفى الذى تم تطبيقه فى عام 2004 أسهم فى حفاظ هذا القطاع على استقراره ومكانته والحفاظ على أموال المودعين والدولة، ومنها هذه الوديعة التى ارتفعت ليتم استغلالها فى الوقت المناسب مطالبا الحكومة بوضعها فى برنامج محدد يتم استغلالها فيه، لكى لا تبدد دون معرفة مكان صرفها. بينما يرى الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن الحكومة تبحث عن بدائل لتمويل عجز الموازنة المتزايد والذى يمثل أكبر التحديات التى تواجه الحكومة بعد الملف الأمنى، برغم أن هناك دعما خليجيا لمصر لكن مصر تحتاج الكثير من الأموال، مشيرا إلى ضخ وديعة حرب الخليج فى موازنة الدولة يعد أحد البدائل الموجودة أمام الحكومة خصوصا مع تزايد الديون المحلية والخارجية التى تخطت ترليون ونصف جنيه مصرى مما يجبر الحكومة على البحث فى دفاترها القديمة وأموالها غير المستغلة لاستخدامها فى أماكنها، لأنه حان الآن وقتها فإذا لم تستغل حاليا فى ظل الظروف الصعبة فمتى يتم استغلالها ؟ وأشار أن استغلال وديعة حرب الخليج فى دعم الاقتصاد المصرى يؤدى لتقليل حجم التضخم فى البلاد، والذى ينجم عن تزايد استيراد السلع من الخارج جراء نقص المعروض منها فى السوق المحلى كما تسهم هذه الوديعة فى زيادة احتياطى النقد الأجنبى الذى انخفض فى الفترة الماضية بشكل كبير ، واضاف أنه لا يمكن للدولة المصرية أن تعتمد على المساعدات العربية بشكل كامل، كما أنه ليس حلا، لذلك يجب على الحكومة تسريع وتيرة إصلاحات التشريعات الاقتصادية وتشغيل العديد من المصانع التى أغلقت ، مطالبا بضرورة وضع خطة استثمارية لاستغلال وديعة حرب الخليج تجنباً لأى أثار سلبية. كما يؤكد الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية أن ضخ هذه الوديعة سيسهم فى إنقاذ الاقتصاد من أزمته التى يمر بها فى ظل ارتفاع عجز الموازنة إلى 240 مليار جنيه وزيادة الديون إلى أكثر من تريليون و500 مليار جنيه ومعدل بطالة مرتفع يصل إلى 16.6 % وتضخم مرتفع وصل إلى 14 % مشيرا أن الوقت الحالى مناسب لاستغلال هذه الوديعة وضخها فى الاقتصاد..وأضاف عبده أن هذه الوديعة قد تسهم فى رفع الاحتياطى الأجنبي، الأمر الذى يؤدى بالضرورة للحفاظ على قيمة الجنية المصرى بل رفع قيمته أمام العملات الأجنبية، فضلاً عن أن هذا الأمر سيكون بداية جديدة لعودة الاستثمارات العربية والأجنبية من جديد للسوق المصرى ، الأمر الذى سيؤدى لتحقيق انتعاشة للاقتصاد المصرى واستعادة مكانته من جديد.