أكد مصرفيون وخبراء اقتصاد أن مضاعفة قطر للوديعة التى تم الإعلان عن تقديمها لمصر، ستسهم فى النهوض بالاقتصاد المحلى خلال الفترة المقبلة، التى سيكون لها رد فعل إيجابية على البورصة والاحتياطى الأحنبى خلال الفترة تلك المقبلة. وقالوا: إن مضاعفتها سترفع من حجم السيولة التى سيكون لها دور إيجابى فى دعم المشروعات الاستثمارية، كما أن الوديعة تعطى ثقة وقوة للبنك المركزى والفائض الاحتياطى للدولة من العملات الأجنبية. قال محمد فاروق -الخبير المصرفى-: إن المنح التى تقدمها الدول العربية إلى مصر لدعم اقتصادها، سواء فى صورة ودائع مثل الودائع القطرية أو السعودية، أو منح تنموية موجهة لمشروعات قومية معينة التى بلغت 10 مليارات دولار، إلى جانب توقيع عقد قرض صندوق النقد الدولى البالغ 4.5 مليارات دولار، تمثل عنصر أمان للمناخ الاقتصادى لمصر. وأضاف أن هذه الودائع سيكون لها الأثر الإيجابى على زيادة حجم الاحتياطى من النقد الأجنبى، الذى يؤدى إلى تهيئة مناخ استقرار سعر صرف الجنيه، كما أنه يغطى الطلب على العملة لزيادة المعروض فى مواجهة الطلب، فيعمل على استقرار سعر صرف الجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية إن لم يكن يتحسن. وأشار فاروق إلى أن هذه المنح والودائع تمثل ضرورة كبرى، خاصة بعد بيان البنك المركزى أن احتياطى النقد الأجنبى بلغ نحو 15 مليارات دولار، التى تكفى لمدة 3 أشهر؛ لتوفير احتياجاتنا من السلع المستوردة مثل المواد التموينية والبترولية؛ لأنها تعطى الثقة للاستثمار الخارجى، إضافة إلى جذب السياحة، وزيادة فى تحويلات المصريين بالخارج، وكذلك إعطاء المزيد من الثقة للمصريين بالداخل بإعادة ودائعهم للبنوك، سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية، التى تم سحبها على أثر الشائعات التى تم ترويجها للتسبب فى زعزعة الاستقرار وانهيار الاقتصاد. ولفت إلى أن هذا البيان يعد مؤشرا قياسيا فقط بفرض عدم وجود مدخلات جديدة أو تعطل مصادر الدخل الأجنبى الحالية، مثل عائدات قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، بالإضافة إلى المنح وودائع الدول العربية. وأوضح أن حجم التجارة الخارجية تبلغ نحو 90 مليار جنيه شهريا، تنقسم إلى 60 مليارا لصالح الاستيراد، و30 مليارا للتصدير، ومن ثم فإن العجز بينهما الذى يبلغ 30 مليار جنيه بما يعادل 5 مليارات دولار شهريا، هو ما يوضح أساس تحديد الفترة التى يؤمنها الاحتياطى الأجنبى الحالى. وأكد أحمد عبد الفتاح -الخبير المصرفى- أن مضاعفة قطر لمساندتها الاقتصادية لمصر سيعود بفائدة كبيرة على الاقتصاد الوطنى، مطالبا المركزى بالعمل على استغلال هذه الوديعة فى مشروعات تخدم الاقتصاد الوطنى، مشيرا إلى أنها ستسهم فى رفع حجم السيولة المالية لتعطى دفعة قوية للاستثمار، مؤكدا ضرورة استفادة الحكومة من هذه الوديعة، وعدم إهدار هذه الفرصة التى منحتها قطر لنا. وقال: إن الوديعة القطرية ممكن استغلالها فى مشروعات قصيرة الأجل، مثل استيراد بعض السلع الغذائية والمواد الخام، وضخها فى استثمارات تجنى فائدة أعلى من الفائدة التى تأخذها قطر على هذه الوديعة، أيا كان حجم هذه الفائدة، لافتا إلى أن الوديعة سوف تفتح فرص عمالة كثيرة، وتحد من مشكلة البطالة. وشدد على ضرورة تقليل الدولة لاعتمادها على الاستيراد من الخارج، وترشيد مواردها لزيادة الموارد الدولارية، وتعويض تراجع الاحتياطى النقدى عبر زيادة الإنتاج وتنشيط مواردها الدولارية، مضيفا أن الوديعة القطرية ستؤدى إلى رفع الاحتياطى النقدى. من جانبها، قالت بسنت فهمى -الخبيرة المصرفية، مستشار رئيس بنك البركة الأسبق-: إن مضاعفة قطر للوديعة ستخفف من الضغط على الاحتياطات النقدية الدولية لدى البنك المركزى، وستسهم أيضا فى رفع قدرة البنك المركزى على دعم سعر صرف الجنيه وحمايته من التراجع فى أعقاب النزيف الحاد الذى تعرض له مؤخرا، علاوة على أنه سينعكس بالإيجاب على البورصة. وأضافت أن مضاعفة الوديعة القطرية من شأنها دعم موقف مصر أمام بعثة صندوق النقد الدولى، مشيرة إلى أن الحكومة عليها توجيه جزء من الوديعة لتنفيذ بعض المشروعات التنموية، كما أنه يمكن استخدامهما لتخفيف عبء الدين العام حال الاقتراض من البنوك المحلية لتغطية عجز الموازنة هذا العام، كما أن له تأثيرات غير مباشرة وقوية فى الوقت نفسه، منها تخفيف فائدة الدين على مصر، خاصة أن الوديعة دون فوائد، وهو ما سيوفر على مصر ما بين 10 إلى 15% من قيمة الفائدة المدفوعة على القروض التى ستحتاج إليها الحكومة لتغطية المصروفات المتفاقمة فى الموازنة العامة للدولة. وقال الدكتور عصام درويش -الخبير الاقتصادى-: إن تدفق الأموال الأجنبية بشكل عام له العديد من الإيجابيات فى حالة استغلاله بالصورة المتعارف عليها فى القطاعات الإنتاجية، بما يساعد فى دعم الاحتياطيات، ورفع القدرة الإنتاجية للقطاع الصناعى، مشيرا إلى أنه من الضرورى ألا تكون تلك المنح والمساعدات التى تم الإعلان عنها مؤخرا مشروطة حتى لا تحرم مصر من الاستفادة منها. وأضاف درويش أن عودة ثقة الدول الأجنبية والمؤسسات المالية الخارجية فى الاستثمار والاقتصاد المصرى بات ضرورة حتمية للخروج من التأثيرات السلبية التى طرأت على الاقتصاد على مدار الفترة الماضية، موضحا أن الاحتياج فى مختلف القطاعات يعد هو الفيصل فى توجيه الأموال إليها. ومن جانبه، قال الدكتور عبد الله شحاتة -رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة-: إن ضخ الأموال الخارجية فى السوق المصرى بأى صورة ممكنة سواء كانت فى صورة ودائع أو منح، ستزيد من فرص الاقتصاد المصرى فى النهوض وتحقيق المعدلات الإيجابية والأهداف التى تخدم المجتمع، مشيرا إلى أن جذب استثمارات فى جميع القطاعات يُعد من أبرز المحاور التى نركز عليها، ولا يقتصر العمل على دولة بعينها، ولكن الأولوية للمستثمر العربى بعد المستثمر المصرى، ومن ثم المستثمر الأجنبى. وأضاف شحاتة أن هناك طفرات عربية وخليجية فى السوق المصرى، خاصة من السعودية وقطر والإمارات، من خلال التوسعات الاستثمارية لها خلال الشهور الماضية، بما يفتح المجال أمام المنافسة الحرة؛ أما بالنسبة للسلع الإستراتيجية فإنها مهمة المستثمرين المحليين أو الحكومة، موضحا أن هناك العديد من القطاعات التى فى حاجة شديدة إلى ضخ أموال بها، مثل الاستثمار فى مجالات البنية الأساسية والطاقة والتنمية الزراعية وتنمية المناطق التى تعانى من صعوبات فى التطور والنمو مثل الصعيد والدلتا. وأشار شحاتة إلى أن المنافسة هى أفضل أشكال حماية الصناعة الوطنية، وهناك أجهزة رقابية لضبط السوق، ومنع أى تجاوزات، إلى جانب أن فتح الأسواق سيدعم المصنعين المصريين من خلال فتح آفاق جديدة أمامهم لدخول أسواق أخرى، ورفع قدرتهم التنافسية، إلى جانب الحفاظ على الفرص الاستثمارية الداخلية.