أثار قرار التعديلات الضريبية الأخيرة حالة من الجدل خاصة فى ظل حالة الاحتقان التى يعانى منها الشارع المصرى نتيجة تداعيات الدعوة للاستفاء ومن قبله الإعلان الدستورى استلزمت تجميد القرار وطرحه للحوار،مما حدا برجال الأعمال أن يقدموا من خلال دعوة الأهرام الاقتصادى للحوار المجتعى عدة بدائل للتعديلات الضريبية يمكن من خلالها زيادة إيراد الخزانة العامة للدولة ومواجهة عجز الموازنة. . التحقيق التالى يكشف رؤى وتصورات رجال الأعمال للخروج من هذه الأزمة . قال محمد البهى رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات ان اللجنة بالطبع ترفض قرار تعديلات ضريبة المبيعات الاخير وذلك لانه يثقل على عاتق المستهلك البسيط ويزيد من اعبائه، مؤكدا ان اللجنة كانت قد اقترحت زيادة الضرائب على الشركات الصناعية والتجارية الكبرى فى سبيل تجنب الاثقال على المواطن وتحقيقا للعدالة الضريبية. واضاف ان توقيت اصدار القرار ليس مناسبا على الاطلاق، حيث يعانى الشارع المصرى احتقانا حادا نتيجة تداعيات الدعوة للاستفتاء على الدستور ومن قبله الاعلان الدستورى، بما يجعل طرح قرار كهذا فى مثل هذه الظرفية يفتقر الى الكثير من الحكمة، مرجعا السبب وراء ذلك الى افتقار نظام الحكم الحالى لخبير اقتصادى ضمن مستشارى الرئاسة بما كان من شأنه تجنيب النظام الوقوع فى مثل هذه الاخطاء. وحول رؤيته فى اطار الحوار المجتمعى لكيفية تعديل الضرائب لزيادة الحصيلة ومن ثم زيادة ايرادات الخزانة العامة، قال البهى ان هناك دراسة كانت قد اعدتها لجنة الضرائب باتحاد الصناعات يمكن القول بانها قادرة على زيادة الايرادات دون تحميل المستهلك المزيد من الاعباء. واوضح ان الدراسة تقوم على ادخال الاقتصاد العشوائى غير الرسمى سواء صناعى او تجارى الى المظلة الشرعية للمنظومة الرسمية للاقتصاد، مؤكدا ان نجاح الدمج بين الاقتصادين فى مصر من شأنه مضاعفة حصيلة الضرائب، حيث يمثل الاقتصاد غير الرسمى البالغ قيمته تريليونا ونصف التريليون جنيه ثلث الاقتصاد الرسمى، مشيرا الى ان ضريبة المبيعات وحدها فى هذه الحالة ستقفز الى 4 مليارات جنيه، وترتفع ضريبة الدخل بقيمة 150 مليار جنيه، الامر الذى يغنى عن مثل هذه القرارات كما يغنى ايضا عن الاقتراض الخارجى . واكد البهى ان زيادة الضرائب تحمل الصناعة الوطنية اعباء تهدد قدراتها التنافسية محليا وتصديريا، فضلا عن انها تحول دون جذب الاستثمار الاجنبى خاصة العربى الذى يعتاد على ضرائب منخفضة فى بلده، ومن ثم بما تجعله الضرائب المصرية المرتفعة يصرف النظر عن القدوم للاستثمار فى مصر. من جهته قال مجد الدين المنزلاوى رئيس لجنة الجمارك باتحاد الصناعات وعضو مجلس ادارة غرفة الصناعات الهندسية به، انه كلما زادت قيمة الضرائب زادت ظاهرة التهرب الضريبى، ومن ثم فان قرار الحكومة بزيادة ضريبة المبيعات على نحو 50 سلعة قرار غير صائب ولن يؤدى الى تحقيق المستهدف منه، بل على العكس سيتسبب فى المزيد من حالات التهرب ومن ثم ضياع حقوق الدولة. واشار الى أن رؤيته حول كيفية زيادة ايرادات الدولة من خلال زيادة الضرائب تتركز على توحيد ضريبة المبيعات بمعنى رفعها على بعض القطاعات وخفضها على بعض، لتحقيق التوزان فيما بين القطاعات الاقتصادية كافة، الامر الذى ييسر تحصيلها دون حيل او تلاعب من الصناع او التجار، وضرب مثلا بتعديل قانون ضريبة الدخل من خلال خفضه من 40 الى 20 % وتأثيره فى زيادة الحصيلة الضريبية والحد من ظاهرة التهرب بما يؤكد صحة خفض الضرائب كخطوة محفزة للممولين للسداد والالتزام . واضاف انه لابد من تطبيق المرحلة الثالثة من ضريبة المبيعات الخاصة بالقيمة المضافة التى تقررت منذ إصدار الضريبة منتصف التسعينات، وذلك من خلال تخصيم نسبة الضريبة لكل مرحلة بدءا من المصنع وحتى المستهلك، بحيث تكون الضريبة مقسمة على جميع الاطراف المتداولة للسلعة، لافتا الى ان تطبيق القيمة المضافة فى تحصيل ضريبة المبيعات من شأنه زيادة حصيلتها بنسبة 50 % على اقل تقدير. وقال عادل فاضل العضو المنتدب لشركة مصر للكيماويات وعضو الشعبة العامة للاسمدة بالاتحاد العام للغرف التجارية، ان اشتمال زيادة ضريبة المبيعات على قطاع الاسمدة يعكس عدم حكمة الحكومة فى قراراتها كذلك عدم تعمقها فى دراسة القطاعات الاقتصادية المعنية بالقرار، وذلك لان قطاع الاسمدة يعانى دخول السوق السوداء بشكل لافت ومتجاوز مقارنة بباقى القطاعات، حيث تمثل السوق السوداء من القطاع نحو 90 % من المبيع الرسمى، وذلك نتيجة قصر التوزيع على بنك التنمية والائتمان الزراعى ومنع القطاع الخاص من المشاركة فى التوزيع، لذلك فان زيادة ضرائب المبيعات على الاسمدة لن تفيد الحكومة بشىء يذكر لان التعامل فى القطاع يدور فى السوق السوداء بشكل اساسى. واشار الى ان حجم التهرب الضريبى المعتاد فى قطاع الاسمدة يصل الى حوالى نصف مليار جنيه سنويا، وبالتالى فان القرار الاخير لن يعالج المشكلة وانما يزيد خسائر الحكومة وراءها. وقال فاضل ان زيادة الضرائب ليست الحل الامثل لمواجهة عجز الموازنة والعمل على زيادة ايرادات الخزانة العامة للدولة بل انها وسيلة غير مباشرة لجمع الايرادات، مؤكدا انه لابد من العمل على اصلاح المنظومة الاقتصادية والخوض فى الحلول المتصلة بذلك بهدف جنى مكاسب حقيقة تعود على ايرادات الدولة بالايجاب . واضاف ان من اهم المقترحات لزيادة ايرادات الخزانة العامة تحقيق تنمية زراعية شاملة والتركيز على زراعة المحاصيل الاساسية مثل القمح والفول والذرة والعدس ومن ثم دعم الفلاح من خلال خفض تكلفة مستلزمات الزراعة ومدخلاتها ودعمه بالحوافز اللازمة، وذلك بهدف الحد من الاستيراد الذى يستولى على غالب العملة الصعبة لدينا، خاصة واردات الغذاء التى تمثل 80 % من اجمالى وارداتنا سنويا، وذلك نتيجة لاهمال الزراعة وعدم القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتى من محاصيلها الاساسية. ومن جانبه قال يحيى زلط رئيس غرفة صناعة الجلود باتحاد الصناعات ان المستهلك سيكون المتضرر الوحيد من قرار زيادة ضريبة المبيعات على السلع الاساسية اذا تقرر تطبيقه، مؤكدا ان القرار سيزيد من حالة التقشف والاحباط المصيبة للشارع المصرى. واضاف ان الصناعة الوطنية ايضا فى وضع لا يقويها على تحمل كل هذه الزيادات فى المحصلات السيادية، مؤكدا ان زيادة الضرائب ستؤدى الى تراجع القدرة التنافسية للمنتج المحلى وتحول دون وصوله الى اسعار تنافسية محليا او تصديريا .