بعد أن تم عرض الملامح الأساسية فى المسودة الأولى لمشروع القانون الجديد للبنك المركزى والبنوك والنقد، فى عددين سابقين، سأتناول الآن التعليق على كل ما هو جديد فى مواد مشروع القانون مقارنة بمواد القانون الحالى، بالطبع لن أتناول بالتعليق على المواد التى بقيت كما هى بدون تغيير. فى هذا العدد سأتناول بالتعليق على مواد الباب الأول والثانى فقط، أما باقى المواد فسيتم التعليق عليها فى عدد قادم. إن القراءة المتأنية والمتمعنة فى مواد مشروع القانون الجديد تعطينا وللوهلة الأولى انطباعا بأن من صاغ مواده قد بذل جهدا كبيرا فى التأكيد على ثلاثة جوانب غاية فى الأهمية: الجانب الأول، ويتمثل فى التأكيد على استقلالية البنك المركزى عن الحكومة التى قد تكون، فى المستقبل، ذات انتماءات حزبية متباينة وفقا لدستور 2014. الجانب الثانى، يؤكد أهمية تطبيق قواعد الحوكمة المصرفية وكفاءة الأداء، والجانب الثالث، يبرز جهدا كبيرا وجادة لتحقيق درجة عالية من التنسيق والتناغم بين السياسة النقدية للبنك المركزى والسياسة المالية للحكومة لضمان تحقيق الاستقرار المالى. قراءة تفصيلية لمواد مشروع القانون الجديد المادة (8) جديدة تتعلق بإجراءات تفصيلية عند تشكيل مجلس إدارة البنك المركزى والتجديد النصفى لأعضائه. تعليق: يمكن ترك هذه التفاصيل للائحة التنفيذية حيث زاد عدد أعضاء المجلس إلى 11 عضوا على الأكثر ( المحافظ ونوابه ورئيس هيئة الرقابة المالية وممثل عن وزارة المالية +4 ذوى خبرة ). المادة (10) تنص على أن تكون أغلبية المجلس من غير التنفيذيين: يصبح التعديل مطلوبا فى المادة التاسعة بحيث يكون عدد ذوى الخبرة 4 على الأقل بدلا من تحديدها بأربعة فقط. (يقترح ترك ذلك للائحة التنفيذية). المادة (11) تختص بإنهاء العضوية وشعب البنك.. نقترح ترك التفاصيل للائحة التنفيذية. المادة (12) تضع اشتراطات تتعلق بالمحافظ وأعضاء المجلس.. تم التأكيد على الاستقلالية عن الحكومة أو المؤسسات العامة أو الأحزاب. أما المادة (13) فتأتى بجديد يتماشى مع التطور فى استخدام وسائل التواصل الإلكترونى، حيث يعترف مشروع القانون بصحة انعقاد اجتماع مجلس الإدارة بالسماح لثلث الأعضاء على الأكثر وفى حالات الضرورة بالتواصل الإلكترونى واستحقاقهم لبدل الحضور. المواد (14 ، 15 ، 16) تؤكد قواعد الحوكمة من خلق لجنة جديدة داخل كل بنك للمراجعة الداخلية وضرورة الإفصاح عن أى مصالح لدى أعضاء المجلس لتجنب تضارب المصالح. المادة (20) تختص بعلاقة البنك المركزى بالمجلس التنسيقى للسياسة النقدية الذى تم إنشاؤه بقرار رئيس الجمهورية الذى يرأسه رئيس مجلس الوزراء وعضوية محافظ البنك المركزى. لذا غريبا أن تؤكد كثيرا من مواد مشروع القانون على استقلالية البنك المركزى عن الحكومة. المواد (22 ،23، 24، 25) وهى من المواد الجديدة فى مشروع القانون وتتعلق بالشمول المالى وحماية مستهلكى الخدمات المالية والمصرفية، وإنشاء المجلس القومى للمدفوعات بهدف الإقلال من تداول النقود خارج الجهاز المصرفى. المادة (28) جاءت بجديد مهم.. يتمثل فى وضع آلية لمواجهة الأزمات المالية، صحيح أن مشروع القانون لم يحددها وترك لمجلس إدارة البنك المركزى اقتراحها باللائحة التنفيذية التى سيتم إصدارها. المادة (40) الجديد بها، يتمثل فى كيفية اختيار اثنين من مراقبى حسابات البنك المركزى، حيث ينص مشروع القانون على أن يختار الجهاز المركزى للمحاسبات أحدهما بينما يختار البنك المركزى الآخر، مقارنة بقصر تلك المهمة على الجهاز المركزى للمحاسبات فى القانون الحالى. تعليق : هذه فى اعتقادى طريقة أفضل فى الاختيار لضمان حيادية تدقيق حسابات البنك المركزى. المادة (45) .. هى مادة جديدة، تلزم البنك المركزى بإخطار البرلمان بالإطار العام للسياسة النقدية عند عرض مشروعى قانونى الموازنة العامة والخطة الاقتصادية العامة وأى تعديلات بها خلال السنة المالية. تعليق: يأتى ذلك فى إطار التنسيق والتناغم بين كل من الحكومة والبنك المركزى. المادة (47).. هى مادة جديدة، تلزم البنك المركزى بإنشاء حساب خاص لفروق تقييم الأصول والالتزامات قبل صرف الأرباح، (تحتاج إلى توضيح ) . المادة (47).. هى مادة جديدة تعفى موظفى ومفتشى البنك المركزى من أى مسئولية قانونية مادموا قد قاموا بأعمالهم وفقا للمعايير المهنية. تعليق: لابد من تحديد ماهى تلك المعايير المهنية، لذا تحتاج إلى توضيح باللائحة التنفيذية. المادة (55) وهى مادة جديدة، تحظر على الأشخاص (الطبيعيين والاعتباريين) ممارسة أنشطة الإقراض والتمويل أو المدفوعات إلا بعد موافقة البنك المركزى وبالتنسيق مع هيئة الرقابة المالية. تعليق: هذه المادة تغلق بشكل صريح وواضح الباب أمام أى أنشطة لتوظيف الأموال التى عانينا منها كثيرا. المادة (58) الجديد بالمادة يتمثل فى تعديل رسوم فتح مقرات رئيسية أو فروع أو وكالات (تمت الإشارة إليها سابقا) مع ضرورة الحصول على موافقة المحافظ، وأن تودع حصيلة تلك الرسوم فى حساب خاص للرقابة والإشراف، ينظم قواعد الصرف فيه المحافظ. تعليق: تحتاج إضافة إلى موافقة المحافظ ولكن بعد موافقة مجلس الإدارة تأكيدا على المسئولية الجماعية فى تحمل المسئولية. المادة (59) جاءت بجديد يتمثل فى منح المحافظ (بدلا من مجلس إدارة المركزى) سلطة إلزام المراكز الرئيسة للبنوك الأجنبية وفروعها بتقديم ضمانة غير مشروطة باللغتين العربية والإنجليزية. تعليق: من الضرورى مشاركة مجلس إدارة البنك المركزى المحافظ فى هذه المسئولية. أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة الخبير السابق بصندوق النقد الدولى