انتقد محسن عادل، خبير سوق المال ونائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل، فى دراسة مالية مشروع القانون الذى تقدم به حزب الحرية والعدالة لتعديل قانون البنك المركزى والمصرفى، موضحاً أن التعديلات تمثل ضغطاً غير مبرر على البنوك ويضر باستقلالية البنك المركزى، كما أن التعديلات تحرم المركزى من حق أصيل وهو السياسة النقدية والتى تلزم تعديلات الحرية والعدالة البنك المركزى بالتشاور مع الحكومة بشأنها. وكشف خبير سوق المال عدة ثغرات فى التعديلات ستضر ضرراً بالغاً بالقطاع المصرفى المصرى، وقال نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار إن زيادة رأسمال البنوك إلى 2 مليار جم فى ظاهرها تهدف إلى تقوية المراكز المالية للبنوك، إلا أنه أوضح أن غالبية البنوك العاملة فى مصر متوافقة بالفعل مع هذا الشرط وبعضها يتجاوز رأسماله هذا الحد، لذلك فإن عدداً محدوداً من البنوك هى التى ستسعى لتوفيق أوضاعها، منوهاً إلى أن عنصر رأس المال قد يكون هاما فى معايير الأداء المصرفى ولكنه ليس العامل الوحيد، مشيراً إلى أن مسودة القانون تجاهلت فى نقاط عدة معايير بازل، لافتاً إلى أن قواعد بازل 2 التى يطبقها حالياً المركزى تضمن رفع رءوس أموال البنوك كى تستطيع العمل والمنافسة، كما أن الدعوة لزيادة رأسمال البنك المركزى ليس مهما لأنه لا يهدف للربح وبالتالى غير ذات قيمة فى هذا الإطار. وأشار إلى أن فترة ال6 شهور التى نص عليها مشروع التعديلات للتوافق معها محدودة وتمثل ضغطا غير مبرر على الوحدات المصرفية فى ظل الظروف الحالية. وأضاف أن منح مجلس الوزراء اختصاصات ترشيح أعضاء مجلس إدارة البنك المركزى ونائبى المحافظ أمر يربط ما بين السلطة التنفيذية وعمل البنك بما يتنافى مع استقلاليته وهو اتجاه غير متوافق مع النظم العالمية وسيخلط ما بين العمل الحكومى وعمل البنك بما لا يضمن الحفاظ على استقلاليته. ورفض عادل التعديل المتعلق بتحديد أهداف السياسة النقدية بالتشاور مع الحكومة لأنه كان سببا أساسىا فى النزاع بين الحكومة والبنك المركزى فالحكومة فى بعض الأحيان كانت تريد توجية السياسة النقدية لخدمة مصالحها وهو ما كان يتصدى له البنك المركزى ككيان مستقل وبالتالى لا يمكن إلزامه بالاتفاق أو حتى التشاور مع الحكومة عند وضع أهداف السياسة النقدية لأنه حق أصيل للبنك المركزى، خصوصا ما يخص تحديد سعر صرف الجنيه وحمايته حيث كانت الحكومة كثيرا ما ترغب فى تقليل سعر صرف الجنيه بإيعاز من رجال الأعمال لدعم صادراتهم فى العهد السابق وكان دائما البنك المركزى يرفض ويحافظ على قيمة الجنيه لحماية الفقراء مستندا إلى القانون الذى يضمن استقلاليته، منوها إلى رفضه إلغاء المجلس التنسيقى للسياسة النقدية قائلا "من الأفضل تفعيلة وليس إلغاؤه". وأشار عادل إلى أنه وفقا للباب الخاص بعمل البنوك الإسلامية فسيكون على البنك المركزى أن ينشئ سوقا جديدة للانتربنك المتوافق مع الشريعة الإسلامية بصورة تتناسب مع طبيعة عمل هذه البنوك، وهو أمر كان يجب أن يناقش مع البنك المركزى المصرى والبنوك العاملة فى السوق قبل أن يتم طرحه بهذه الصورة، خاصة أن منظومة الصيرفة الإسلامية المصرية تحتاج إلى مزيد من التعديلات. وطالب نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار بعدم رفع الحظر المفروض من البنك المركزى على منح تراخيص لتأسيس بنوك جديدة، منوهاً إلى سعى المركزى إلى تقوية المراكز المالية للوحدات القائمة وعدم السماح بوجود دكاكين فى شكل مصارف إلا أنه أكد ضرورة إعادة النظر فى هذا الحظر مستقبلاً بعد استقرار الأوضاع وأن يتم منح تراخيص جديدة وفقا للحاجة وبناء على قرار من مجلس إدارة البنك المركزى المصرى. من جانب آخر كشف نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار عن أن عددا من التعديلات الواردة فى المشروع كان متفق عليها منذ فترة كإخضاع صندوق تطوير الجهاز المصرفى لرقابة المركزى للمحاسبات واستبدال المحافظ بأقدم نوابه فى رئاسة صندوق تأمين الودائع وزيادة رأسمال البنك المركزى وقال إن تحديد مدة لبقاء المحافظ نوع من خلط الأوراق ووضع لفكرة الديمقراطية فى غير محلها لأن محافظ البنك المركزى ليس رئيسا للجمهورية وفى أمريكا على سبيل المثال ظل آلان جرينسبان محافظا للبنك المركزى الأمريكى لنحو 20 عاما إلا أنه أضاف قائلاً "لكن لا مانع إذا كان سيشمل هذا المبدأ كل مؤسسات الدولة". وأضاف عادل، أن مشروع القانون بخصوص البنوك الإسلامية تجربة حميدة ولكنها ليست كاملة بسبب افتقادها بشكل كبير الجانب التنفيذى وأسلوب التطبيق واقتصارها على الجانب الشكلى، مشيرا إلى حاجتها للنقاش بين جميع الأوساط البنكية واتحاد البنوك لاستكمالها مشددا على ضرورة تفهم المجتمع وواضعى المشروع الجديد أن المعاملات الإسلامية (علم) يتم تطبيقة فى كل الدول لا يدير هذه البنوك المسلمون فقط بل يدير بعضها أجانب وغير مسلمين، خاصة فى ماليزيا ودول الخليج، لافتا إلى أنه لو تم وضعها فى قالب دينى فقط قد لا تحوز على إقبال الجميع. وتابع عادل أن البنوك الإسلامية لها مستقبل كبير ويجب التوسع فيها خاصة أن العالم شهد تغيرا جوهريا بعد الأزمة المالية التى أثبتت فضل الأنظمة الرأسمالية فى تحقيق العدالة الاجتماعية وهو الأمر الذى توفره الصيرفة الإسلامية بشكل أكبر إلا أنه شدد على أهمية الفصل التام بين حسابات البنوك التقليدية وبين الإسلامية فى حالة رغبة الأولى إنشاء فروع تقديم خدمات إسلامية، مشيرة إلى أن المادة 146 من مشروع القانون أكدت هذا المبدأ، كما دعا إلى أن تعمل الهيئة الشرعية المسئولة على وضع قواعد موحدة على مستوى كل البنوك فى الدولة ولا تخضع لتصرفات فردية قد تدفع البعض لتحليل بعض المعاملات بهدف تحقيق الربح أو تحريم معاملات فى بنوك أخرى من باب التشدد. وأشار نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار إلى أنه يجب الاستفادة من تجارب دول الخليج وماليزيا واندونيسيا لأنها قطعت شوطا كبيرا فى هذا المجال، مشيرا إلى أن المشروع الحالى لا ينقل نموذجا بعينه. يذكر أن اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب تبدأ قريبا مناقشة المشروع الذى قدمة حزب الحرية والعدالة لتعديل قانون البنك المركزى والمصرفى والنقد رقم 88 لسنة 2003 بعدما حصلت اللجنة على موافقة رئيس المجلس د سعد الكتاتنى على مناقشة مباشرة دون إحالته للجنة الاقتراحات والشكاوى. وتتمثل أهم ملامح مشروع تعديل القانون فى تعزيز استقلالية البنك المركزى وتحصين المحافظ ونائبية من الاقالة والعزول واشرافة على جميع البنوك العاملة فى مصر وتحديد الحد الادنى لرسمال المركزى ب 4 مليارات بدلا من مليار جنية والبنوك ب 2 مليار بدلا من 500 مليون جنية وزيادة الحد الادنى بفروع البنتوك الاجنبية من 50 إلى 300 مليون دولار يمكن زيادتة من الارباح المحتجزة دون الرجوع لوزارة المالية. كما نص القانون على كون المركزى هيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية وتم الغاء المجلس التنسيقى الذى كان موكلا لة تحديد اهداف السياسة النقدية فى سبيل منح السلطة للبنك المركزى وحدة واستبعاد العاملين فى القطاع من عضوية المركزى ويرفع المشروع رسوم الرقابة السنوية من جنية واحد إلى 4 جنيهات من كل 10 آلاف جنيه من متوسط اجمالى المراكز الشهرية للبنوك وان يكون التجديد لمحافظ المركزى لمرة واحدة فقط. كما يتضمن المشروع بابا كاملا ينظم عمل البنوك الإسلامية والصيرفة المتوافقة مع الشريعة بوجه عام ويحتوى على 15 مادة، كما تطرق المشروع إلى إجراء تعديلات جوهرية فى 31 مادة من قانون رقم 88 عام 2003 وتعديلاته.