بدأت محاولات شراء المستشفيات فى عامى 2000 و2001 وذلك حينما اعلن عن بدء التفاوض بين شركة قابضة يطلق عليها «أنجلو ايجيبشن كوربوريشن» ومقرها انجلترا وهى لمجموعة مستثمرين بعضهم مصريون مقيمون فى انجلترا والآخرون إنجليز ورأس المال المدفوع لا يزيد على 292 ألف جنيه استرلينى وتضم 15شريكا لا تزيد حصة بعضهم فى رأس المال على 5000 جنيه استرليني، وقد تأسست فى أول يونيو عام 2000، وحصلت على الترخيص بالعمل فى أول سبتمبر 2000 وتخصصت فى إصلاح المستشفيات ومراكز العلاج الخاسرة ثم بيعها بأضعاف قيمتها، وسعت هذه الشركة لشراء أكبر سبعة مستشفيات خاصة هى النيل بدراوى، السلام بالمهندسين، معمل البرج للتحاليل، المسالك البولية الدولية، مستشفى النور للعيون، مستشفى الشروق، مستشفى القاهرة التخصصي. ودارت المفاوضات حول شراء نسبة لا تقل عن 50٪ من هذه المستشفيات ويدخل أصحابها ببقية رأس المال كمساهمين فى الشركة القابضة وتتولى الشركة تسديد الديون التى عليها ويكون لها حق الإدارة المالية وتترك الإدارة الطبية لأصحابها. هذا العرض من جانب الشركة الإنجليزية أحدث بلبلة فى الأوساط الطبية حيث انقسم الوسط الطبى إلى فريقين، الأول مؤيد لبيع المستشفيات بمشاكلها وخسائرها وديونها المتراكمة، وفريق آخر معارض ولدية مخاوف كثيرة من جراء عملية البيع. الغريب وقتها ان د. حسام بدراوى- عضو مجلس الشعب وصاحب مستشفى النيل بدراوى أول وأكبر المستشفيات المعروضة للبيع وكما تردد بأنه مهندس عملية البيع، قال إن هذا المشروع هو مصرى 100٪ وأن الاندماج معناه أن الكيانات الاقتصادية تجتمع مع بعضها لتقليل التكاليف ولتحقيق الجودة والربح بدون زيادة فى الأسعار، وهو ما يشهده العالم كله الآن، واننا فى مصر نعطى الأشياء قيمة أكبر من حجمها تصل إلى درجة التهويل، فهذا الاندماج سيحقق كفاءة أكبر من الإدارة وفرصة لزيادة الجودة مع التأكيد على ضمان حقوق ومستقبل العاملين فما دام المستشفى يعمل سيتقاضى العاملون رواتبهم، واكد كذلك أنه لا مجال للاحتكار فى مجال الصحة والعلاج فكيف سيكون احتكار فى سوق به 20 ألف سرير والقطاع الخاص به 900 سرير فقط، وقال إن هذه المستشفيات هى ملكية خاصة له كامل الحرية فى التصرف والتحكم فيها. الان وفى عام 2015 تبدأ ابراج كابيتال بالسعى وراء النيل بدراوى ايضا فهل هذا من قبيل المصادفة ؟! بينما يرى د. جورج باسيلى رئيس جمعية مستثمرى العبور سابقا ان أى تحول يقابل بنفور وخوف ورعب من الحدث نفسه، مشيرا الى انه عاصر فى المجر اوائل التسعينيات دخول شركات ضخمة اشترت عيادات ومستشفيات وطورتها رغم ان المجر كانت ضمن الحزمة الشيوعية وما يجرى فى العالم الان هو محاولة تعويم التكنولوجيا ونظم الادارة لتكون لدى كل الناس بحيث تتشابه الادارة فى مصر بمثلها فى فرنساوانجلترا وهكذا.. بشرط ان يكون الكيان الذى سيقوم بذلك كيانا ماليا كبيرا وقويا حتى لا يتعرض القطاع الى هزات. يضيف باسيلى ان مشكلة المستشفيات الحكومية سببها ان الحكومات تبنى المستشفيات على اعلى المستويات ولكن يتسبب غياب نظام الادارة فى ضياع الجودة بمرور السنين، بالتالى يتراجع اداء الاطباء والاداريين وتتقادم الاجهزة والمعدات ويسوء المستوى وهنا الكارثة التى تضيع المليارات بسبب الاهمال اما الاجانب فلديهم مراجعة مستمرة لمستويات الجودة والتفتيش والرقابة والتحديث والتطوير لذا هم ينجحون ونحن نفشل!! بالتالى اصبح مفهوم التطوير الادارى هاما جدا وكذلك لا مجال للخوف مادامت الاستثمارات والمصانع على ارضنا والاستفادة من الخبرة ستأتى خاصة ان مصر بحكم موقعها الذى يتوسط العالم عليها ان تنقل حضارة وتكنولوجيا الغرب الى الشرق وبالعكس . يضيف باسيلى: ان المستثمر الاجنبى حينما يقيم استثمارا فى مصر فانه يقيس التكاليف والايرادات بعملة بلده بالتالى من الطبيعى ان يرتفع سعر الخدمة او السلعة ولكن وفق ضوابط تحول من انفلاتها وهنا تأتى اهمية القوانين التى تضبط السوق وتمنع الاحتكار وتدعم المنافسة الشريفة واى شراكة اجنبية مصرية ستكون لصالح مصر التى يمكن ان تتحول الى سويسرا الشرق لو استفادت بشكل حقيقى من هذه الشراكات. وقالت الدكتورة مها الرباط وزيرة الصحة السابقة انه لا توجد مخاوف من دخول شركات اجنبية للاستحواذ على مستشفيات او معامل تحليل بالسوق خاصة ان الرعاية الصحية الاساسية يحصل عليها المواطن من خلال القطاع الحكومى. وتابعت: الاهم هو توفير تأمين صحى اجتماعى يغطى جميع المواطنين ويرتقى بمستوى الخدمات المقدمة للمريض المصرى. وقالت الرباط: ان القدرة التأمينية للمعامل والمستشفيات الحكومية تؤهلها للمنافسة بشرط تحسينها وتجديدها بشكل يؤهلها لمنافسة القطاع الخاص. واشارت الى ان بعض المستشفيات الحكومية ومعامل التحليل والرعاية الصحية تعمل بشكل جيد ولكن المواطن لا يشعر بالفرق لانه لم يذهب الى المستشفيات الخاصة فهو دائما يرى المستشفيات الحكومية رغم ما يعتريها من ضعف فى بعض النقاط غير جيدة او لا تقدم خدمة ملائمة ترقى لطموح المريض المصرى. وقللت الرباط من تأثير ذلك على سعر الخدمة العلاجية لانه بطبيعة الحال المستشفيات الحكومية تختلف عن الخاصة بشكل كبير والمواطن الذى يذهب للمستشفيات الخاصة يكون قادرا نسبيا على دفع تكلفتها. يقول د. حمدى السيد نقيب الأطباء الأسبق ان محاولة الشراء او الاستحواذ على المستشفيات ليست جديدة وتعود جذورها لعام 2000 حين أعلن أصحاب هذه المستشفيات أن البيع أو الاندماج فى كيان أكبر على حد تعبيرهم هو الحل الأمثل لما يعانونه من مشكلات فى الإدارة والتمويل، وإن هذه الفكرة تتفق مع الاتجاهات العالمية لتشكيل كيانات كبرى بهدف تخفيض الأسعار لجمهور المستفيدين من الخدمات الطبية وإذا كانت هناك ضرورة لبيع المستشفيات الخاصة فلابد أن يتم ذلك لمستثمرين مصريين وتحت رقابة وزارة الصحة ونقابة الأطباء للتأكد من أسعار الخدمات الطبية، فبغض النظر عن حرية تصرف أصحاب هذه المستشفيات سواء بالبيع أو بغيره، فإنه مادامت تقوم هذه المنشآت بتقديم خدمة طبية للمواطن، فلابد من أن تكون الدولة رقيبا أساسيا على عملية البيع حتى تضمن عدم حرمان قطاع عريض من المرضى من الخدمة الطبية التى تقدمها هذه النوعية من المستشفيات، مؤكدا رفضه الاحتكار والعلاج باعتبارهما حقين كفلهما الدستور والقانون لكل مواطن، مشيرا الى ان الدولة تفرض على هذه المستشفيات تخصيص 10٪ من الأسرة لعلاج غير القادرين واستقبال حالات الحوادث بجانب تدخل وزارة الصحة فى تحديد أسعار الخدمات التى تقدمها هذه المستشفيات وفقا لقانون المنشآت العلاجية الخاصة، كما أن تصاريح العمل لأجانب لابد أن توافق عليها النقابة ووزارة الصحة، ولكن هذا الكيان الجديد سيجعل أيدى الوزارة ونقابة الأطباء مغلولة وتضع الجميع فى مأزق، مؤكدا انه من غير المعقول أن نترك مجال الصحة لغير المصريين بحجة البحث عن التمويل، فلماذا لا يتم بناء مستشفيات جديدة ؟فالمستثمر الأجنبى يأتى كى يستفيد بالسمعة والاسم وما حققه الصرح الطبي، ولا يمكن أن يكون قادما لتقديم مساعدة، فهناك قطاعات مهمة تشكل أمن الوطن لا يجوز اختراقها منها الصحة. يضيف انه اذا بيعت المستشفيات لكيانات اجنبية فسوف تقوم بالاعتماد على الاطباء الاجانب من جنسيات جنوب شرق اسيا وبالتالى سوف تهتز صورة الاطباء المصريين فى سوق العمل المحلى والخارجى خاصة ان 70٪ من الخدمة العلاجية والصحية تقدمها الان منشآت خاصة، واذا كانت هناك رغبة لكيان خاص فى عرض نفسه للبيع او الاندماجات فيجب ان يكون وفق اشتراطات اهمها ان تكون الاولوية للمستثمرين العرب خاصة من الجنسيات التى تدعم موقف مصر وتساند اقتصادياتها وان يتم وضع شروط تمنع اعادة البيع من المستثمر العربى الى اخر اجنبى أى لا يكون المستثمر العربى مجرد وسيط او سمسار للصفقة، هنا يجب التأكد من الهدف من الشراء هل هو استثمار حقيقى ام استيلاء على سوق العلاج فى مصر ؟ وكل ذلك فى اطار التمسك بقانون الصحة والخدمة العلاجية المصرى الصادر لتنظيم المهنة وتقديم الخدمة. الدكتور جمال الليثى رئيس مجلس ادارة شركة المستقبل للصناعات الدوائية قال انه يجب وضع ضوابط قوية لاننا نتكلم عن قطاع امن قومى يتعلق بصحة وامن المصريين لذا يجب ان تكون الاولوية للمستثمرين المصريين ولدينا اطباء ومؤسسات طبية محلية لديهم القدرة المالية على شراء الكيانات الطبية المتعثرة او على الاقل الا تتعدى نسبة مشاركة الاجانب 30٪ بشرط ان تكون الادارة مصرية 100٪. مشيرا الى ان النسبة الحاكمة يحب ان تكون للمصريين. وقال الليثى: اننا نفتقر الى صناعة الخامات الدوائية، بالتالى نحن نحتاج الى مستثمرين ينشئون مصانع خامات جديدة وليس شراء مصانع قائمة بالفعل تعتمد على تعبئة الخامة او مجرد مؤسسات علاجية تقدم الخدمة خاصة ان المواطن يعانى اصلا من ارتفاع تكلفة الخدمة واى مستثمر جديد لن يخفضها او يحافظ على معدلها الحالى وسيرفع الاسعار وهنا ستتعمق المشكلة . //////////////// محللون ماليون: نمو متوقع لعمليات الاستحواذ بقطاع الخدمات العلاجية توقع محللون ماليون زيادة فرص الاستحواذات ودخول الشركات العالمية الى قطاع صناعة العلاج والدواء فى مصر خلال الفترة الحالية، مرجعين ذلك الى ضعف الوجود الحكومى فى جميع اشكال تقديم الخدمة العلاجية للمواطن المصرى. وقالوا ان هذا القطاع مرشح بقوة لان يشهد عمليات استحواذات اخرى بخلاف ما يتم الحديث عنه فى صفقة استحواذ ابراج كابيتال على مستشفيات خاصة ومعامل تحاليل اخرى حيث من المتوقع دخول شركات اخرى فى هذا المجال بقوة. واكدوا ان السوق المصرية تعتبر واعدة وارضا خصبة لهذا النوع من عمليات الاستحواذ فى ظل التعداد السكانى الكبير للمواطنين الى جانب انعدام فرص المنافسة بين الحكومة والقطاع الخاص فى هذا المجال سواء فى المستشفيات او الرعاية الصحية او معامل التحاليل. اكد احمد العطيفى المحلل المالى ان قطاع صناعة الرعاية الصحية والدواء والمنظومة العلاجية مرشح بقوة لان يشهد نموا فى عمليات الاستحواذات خلال الفترة الحالية فى ظل عدم وجود منافسة قوية بين الحكومة والشركات الخاصة فى هذا المجال فالضعف الحكومى فى توفير خدمة تحاليل طبية سريعة ومنتشرة على مستوى الجمهورية يجعل المواطن يلجأ الى معامل التحاليل الخاصة على سبيل المثال رغم ارتفاع تكلفتها لانه يحصل على الخدمة بدقة وفى وقت قياسى لا يتوافر لدى المعامل الحكومية. وتابع: نفس الامر يحدث فى المستشفيات فالحكومية تعانى من نقص فى الاجهزة او ازدحام كبير او نقص فى الأسرة الى جانب التلوث الامر الذى يدفع المريض إلى اللجوء الى المستشفيات الخاصة حتى ولو لم تكن لديه قدرة مالية على ذلك. وتوقع العطيفى ان يشهد القطاع العلاجى نموا كبيرا فى معدلات أدائه بالسوق خلال الفترة الحالية الامرالذى ينعكس بقوة على جاذبيته لفرص الاستحواذات او الدخول للمرة الاولى فى الاسواق وهو ما يمكن ان يحدث فى القريب العاجل. وقال العطيفى ان فكرة الاستحواذات داخل القطاع العلاجى ظهرت بقوة خلال العامين الماضيين وليس فقط شركة ابراج كابيتال وتم رصد عمليات بحث وتقييم لشركات صحية مدرجة بالبورصة بفرض الاستحواذ او شراء حصص حاكمة فى بعضها. وشدد على اهمية اسراع الحكومة لتحسين خدماتها الخاصة بالتحاليل والمستشفيات والرعاية الصحية حتى لا يحدث انفلات فى اسعار الخدمات الطبية المقدمة من القطاع الخاص على حساب الحكومية. وفى نفس السياق توقع احمد ابو السعد المحلل المالى نمو فرص الاستحواذات داخل القطاع العلاجى مدفوعة بما يتمتع به هذا القطاع من فرص كبيرة نتيجة للتعداد السكانى الكبير الى جانب انعدام التنافسية بين الحكومة والقطاع الخاص فى مجال الرعاية الصحية وتقديم خدمات العلاج والتحاليل.