أكد رئيس مجلس الوزراء ان لجنة الاصلاح التشريعى ناقشت فى اجتماعها الثانى اهمية الاسراع فى اصدار قوانين فى مقدمتها قانون الاستثمار، كما اقر مجلس الوزراء برئاسة سيادته التعديلات الجديدة لهذا القانون والتيسيرات المقدمة للمستثمرين العرب والاجانب والمصريين، وفى اجتماع الرئيس بأعضاء اللجنة العليا للاصلاح التشريعى اكد سيادته على وضع خطة عاجلة لادخال التعديلات اللازمة على عدد من القوانين ذات الاولوية من بينها قانون الاستثمار الموحد، ذلك ما طالعتنا به وسائل الاعلام. مرت السياسة المصرية ازاء الاستثمارات الاجنبية بعدة مراحل منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى قيام ثورة 1952 حيث كان الهدف هو الحد من سيطرة الاجانب على الاقتصاد القومى وصدر بذلك عدة قوانين اهمها القانون 1947/138 يقضى بالا تزيد حصة الاجانب فى الشركات المساهمة المصرية على 49٪ والقانونان 138 لسنة 1948، 37 لسنة 1951 اوجبت احكامهما على الاجانب وشركاتهم حظر استغلال البترول وتملك الاراضى بانواعها ثم خلال الفترة من عام 1952 حتى عام 1956 اتجهت سياسة الدولة نحو تشجيع قدوم رءوس الاموال الاجنبية وتوظيفها بموجب القانون 1952/66 وانشاء المناطق الحرة فى الموانى المصرية والمناطق الملاصقة لها، كما منحت بعض القوانين عدة امتيازات للمشروعات الاجنبية مثل الاعفاءات الضريبية بالقانون رقم 1952/301 وتحويل رءوس الاموال والارباح وجزء من المرتبات خارج البلاد بالقانون رقم 1953/156 ثم جاءت مرحلة خلال الفترة من عام 1956 حتى عام 1960 ساد فيها نظرة الشك والريبة والعداء لرءوس الاموال الاجنبية حيث صدر عام 1957 قانون تمصير البنوك وشركات التأمين والوكالات ثم انتقلت الدولة منذ عام 1960 الى مرحلة التأميم حتى عام 1965 وبعدها بدأت مصر مرحلة الانفتاح الاقتصادى والتشجيع المتزايد لرءوس الاموال الاجنبية داخل البلاد ومنح التيسيرات وانشاء المناطق الحرة بموجب القانون رقم 51 لسنة 1966 فضلا عن ذلك فقد صدقت مصر على مجموعة من الاتفاقيات الدولية بلغت خمس عشرة اتفاقية حتى آخر عام 1971 كان اهمها الاتفاقية العربية بانشاء المؤسسات القومية لضمان الاستثمار التى بموجبها تم تسوية آثار التأميم وانهاء الحراسات، ثم بدأ الاتجاه نحو اصدار منظومة تشريعية من عدة قوانين وقرارات جمهورية لدفع عجلة الاستثمار العربى والاجنبى فصدر القانون رقم 1971/65 بشأن استثمار المال العربى واستبدل به القانون 1974/43 بشأن استثمار المال العربى والاجنبى والمناطق الحرة وانشاء وتنظيم الهيئة العامة للاستثمار فضلا عن تقرير عدة اعفاءات منها الاعفاء الضريبى والجمركى وعدة ضمانات منها منع التأميم او المصادرة او التحفظ على الممتلكات الثابتة او المنقولة، وظل الحال لمدة خمسة عشر عاما حتى تبين لدى الدولة عدم مواكبة هذا القانون للمستجدات التى طرأت على الساحة الاقتصادية المحلية والدولية فصدر على أثر ذلك القانون رقم 230 لسنة 89 يقضى بحرية الاستثمار والمساواة بين المستثمرين المصريين والعرب والاجانب فى حق تملك الاراضى والعقارات بعد موافقة الهيئة العامة للاستثمار الجهة المختصة فى منح التراخيص اللازمة وفقا للقوانين الحاكمة فضلا عن تشجيع استثمارات المجالات ذات الاولوية القومية وازالة جميع العوائق التى تحول دون زيادة حجم الاستثمارات فى مصر من خلال منع التأميم او المصادرة او الحجز او الاستيلاء او فرض الحراسة او نزع الملكية الا للمنفعة العامة بعد التعويض المناسب والعادل وكذلك عدم جواز رفع الدعاوى القضائية ضد المشروعات الاستثمارية الا بعد اخذ رأى الهيئة العامة للاستثمار بالاضافة الى منح المستثمرين حق الاستيراد والتصدير دون القيد بالسجلات الخاصة . ومما يؤسف له ان من بين هذه الضمانات ما يمثل خطرا وضررا محققا بحركة التجارة الداخلية وحقوق المواطن الاقتصادية ما نصت عليه المادة 9 من القانون رقم 230 لسنة 1989 بعدم خضوع منتجات المشروعات للتسعير الجبرى وتحديد الارباح فلا يجوز فرض أى اعباء او التزامات مالية او غيرها على المشروعات الاستثمارية تخل بمبدأ المساواة بينها وبين مشروعات القطاع الخاص التى تعمل فى ذات النشاط وتنشأ خارج نطاق قانون الاستثمار وأجازت المادة لمجلس الوزراء عند الضرورة استثناء بعض المنتجات الاساسية من احكام هذه المادة مسترشدا بالتكلفة الاقتصادية، وبعد مرور ثمانى سنوات وفى ظل نفوذ بعض رجال الاعمال صدر فى 1997/5/11القانون رقم 8 لسنة 1997 مُلغيا ما قبله وجاء بعدة ضمانات وحوافز غير مسبوقة ولا معهودة من قبل كان اخطرها على الصالح العام وحقوق الفقراء ما نصت عليه المادة العاشرة التى قضت احكامها بانه لا ىجوز لاى جهة ادارية التدخل فى تسعير منتجات الشركات والمنشآت او تحديد ارباحها لذا فانه يمكن القول ان كلا من المادة 9 من القانون رقم 230 لسنة 89 والمادة 10 من القانون رقم 8 لسنة 1997 صدرتا بالمخالفة للقانون والدستور واهدرتا حقوق المواطن الاقتصادية واعطت للمنتجين والتجار والمستوردين الحبل على الغارب فأصبحت التجارة الداخلية لا ارضا قطعت ولا ظهرا ابقت، وبهاتان المادتان افقدت الوزراء المختصين بحركة التجارة القيام بمهامهم الوزارية على الوجه الصحيح فى مواجهة انفلات الاسعار بصورة قانونية صحيحة اللهم الا التفافات لا قيمة لها ولا قوام تحقق حماية حقوق المواطن المصرى الاقتصادية، ان الفساد لم يكن مجرد الخروج على القانون فقط باعتبار ان النظام القانونى نفسه يمكن ان يكون ذا طابع فاسد يسمح بممارسات لتقنين الفساد واستتباب الاستبداد وهو ما لا تقبله خارطة المستقبل بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013 ولا يقبله شعب مصر العظيم وجيشه وأمنه وقائد مسيرته نحو التقدم المنتظر..